19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

صالح غير صالح..!

صالح غير صالح..!

يبدو أن نظرية النسبة والتناسب لاتنطبق على جميع الحالات التي تصادفنا، فقد يظن البعض أن قليل المال يطمح الى مزاولة أي عمل من أجل الحصول على المال، بل أن بعضهم قد يسعى الى الطرق الملتوية والمحرمة والمعابة للحصول عليه. وكذلك العكس.. فإن كثير المال من المفترض أن يزهد بالمال لاسيما الذي يأتي بذات الطرق الملتوية والمحرمة والمعابة. لكن الذي يضمره رئيس لجنة النازحين “صالح المطلك” ومابدر منه من تصرف وسلوك قلب موازين هذه النظرية رأسا على عقب، فالرجل (بلا حسد) لديه من الأموال مايغنيه عن مزاولة الأعمال المشينة، او الولوج بصفقات مشبوهة مشوبة بالريبة والشكوك، إلا أنه رغم كل هذا سال لعابه ومد لسانه لـ (يلطع) ماليس له من مال، بل هو مؤتمَن عليه لإيصاله الى مغدورين دار عليهم الزمن وجار عليهم أراذل الرجال أمثال محافظ الموصل، والقادة الخونة و “أحفاد أبو رغال” من بعض العشائر العراقية. وبالعودة الى تاريخ هذا الرجل ومعرفته عن كثب، يكون حريا به أن يتصف بالحصافة والكياسة والأمانة، ولاسيما الأخيرة فهي من أولى الخصال وأهمها في تاريخ أي منا.

ولمعرفة مبسطة عنه فقد ولد هذا الرجل -صالح المطلك- في الأول من شهر تموز عام 1947 في قضاء الفلوجة، أي أن عمره اليوم يبلغ سبعة وستين عاما بالتمام والكمال، لكن..! في حقيقة الأمر أن التمام في شخصيته تنقصه الحصافة والكياسة والأمانة آنفة الذكر وغيرها الكثير، كما أن الكمال يبعد عنه بعد زحل عن “جسر السنك”. ولو عدنا إلى اسمه فهو اسم على غير مسمى، إذ هو “صالح” غير صالح، ويبعد عنه الصلاح مسافة مئات السنين الضوئية.

بعد العاشر من حزيران الماضي، تشردت آلاف العوائل في محافظة الموصل، بعد أن قتل منهم الكثير واحتجز الكثير وهاجر الكثير، ولم يبق إلا القليل تحت نير عصابة تترية همجية لاتنتمي لأية حضارة او دين او مذهب، او حتى لصنف من أصناف الحيوانات، وغصت حينها بطون الوديان وسفوح الجبال وهضاب نينوى وسهلها وتلالها، بالأطفال والنساء وكبار السن بلا مأوى ومؤونة ومال ودواء، ومن دون وسيلة تقيها حر الصيف وقرّ الشتاء. كان ذلك -ومازال- واقعا وليس كابوسا، حقيقة وليس “سالفة” من سوالف القصخون، ولا مشهدا من مشاهد الرعب في أفلام أجاثا كرستي او ألفريد هتشكوك. فالمشردون على أرض العراق كلهم أهلنا و “عمامنا” و “خوالنا”. ولو تجاوزت الحديث عن أسباب هذا المآل او مسبباته او نتائجه في مقامي هذا، فلا يمكن لأي “شريف” أن يتجاوز أو يغض النظر عن إبداء إية مساعدة بإمكانه تقديمها إلى هؤلاء، وقطعا أول من تتكلف بمسؤولية كهذه هي الدولة، فشكلت على الفور لجنة إغاثة النازحين بغية إسعاف من بقي منهم على قيد الحياة, ومده بما يعينه على مشاق الحياة التي يعيش مأساتها مدنيون أبرياء في العراء. وقطعا لجنة كهذه ستوكل إليها ملايين الدولارات مادية او عينية او تجهيزات على كافة أنواعها وأصنافها، ولكن شاء قدر العراقيين، أن يكون رئيس هذه اللجنة الإنسان “غير الصالح” الذي أبى إلا أن يأكل الحرام وبنهم شديد، وكأنه “يطلگ” من شدة ولعه بالسحت وهوسه بأموال المنكوبين من أهالينا. فهل ينال هذا الرجل جزاءه بعد أن ثبتت عليه تهم الفساد في ملف النازحين؟ وهل ستأخذ الذين سيقف أمامهم هذا السارق للمحاسبة الرأفة والعطف والتسامح؟

*[email protected]