23 ديسمبر، 2024 10:02 ص

بعض الجمل الشعبية القديمة بقيت عالقة في الاذهان وبقي استعمالها ساري المفعول , وبقائها اوصمودها في واقع الامر يرجع الى بساطتها وجمالها وكذلك لأنها عندما يحين وقتها تلبي غرضها بقوة وتصيب المعنى بالصميم .
اجهل مأتى اوقائل عبارة (ترة صارت ماصخة) ولاعلم لي من اين هي ,لكنني اعلم بأنها من العبارات الشعبية السلسة التي دأب المواطن العراقي على استعمالها في احلك الظروف للتنفيس عما في داخله , فعبارة (صارت ماصخة) تختصر الاسطر الكثيرة التي يود الشخص البوح بها حينما يصل الى مرحلة اليأس او الضجر المفعم بالملل , فلا يجد افضل وصف لحالته او رد فعل لما يدور حوله والتعبير عن الكم الهائل من فقدان الصبر بكلمتين(صارت ماصخة) , ولكي لانذهب بعيداً عما نريد البوح به حول مجريات الاحداث الراهنة والصاخبة والويلات العاتية التي توالت علينا ولم تهدأ قليلاً , الأ ان (المصوخة)  في تلك العبارة نجدها تحدث الينا بأستمرار هذه الفترة, ولأن أوضاعنا المزرية بدت لاتحتمل الرضوخ واصبح الوضع لم يجد معه الصمت , لذا صار لزاماً علينا ان نصرخ بوجوههم (ترة صارت ماصخة) .
فأذا اردنا ضرب مثال حول كيفية معالجة الاحداث والمشاكل في العراق ومقارنة كيفية معالجتها في الدول الاخرى ,يجب علينا اولاً الابتعاد عن ضرب المثال في الدول الغربية المتطورة ,لأن ذلك يوقعنا في تهمة (البطرنة) ولكي لايرفع حاجبه احدهم ويهز يده متفلسفاً ليقول لنا (احنه وين والدول الغربية وين) من هذا الاساس لنذهب بطريقة متواضعة لنضرب ابسط مثال في هذا الجانب , فعلى سبيل المثال عندما واجهت الاردن ازمة اقتصادية صعبة تتمثل في نقص المواد الغذائية وكذلك نقص الوقود, وعندما بدأ المواطنين بالتذمر الكبير وهرعوالى الشوارع يهتفون بشعارات استهجان واستنكار مطالبين بضرورة معالجة مشكلة نقص الوقود والمشاكل الاقتصادية الاخرى , هنا أحست الحكومة والمسؤولين بالخطر الذي يحدق بهم وبشعبهم وبدأو المسؤولين بطريقة وأخرى يسرعو لأيجاد حلول لتلك الازمة , حيث كثفو جهودهم وراحو يستجدون من هذه الدولة وتلك , ولعل العراق كان في طليعة الدول التي قامت بمساعدتهم من خلال التبرع بكمية كبيرة من الوقود للمساهمة في تقليل النقص الحاصل , وبعيدا عن الخوض في سلبيات وأيجابيات الحكومة الاردنية , الا انهم نجحو ولو بنسبة معينة في السفر الى بعض الدول لطلب المعونة من اجل حل مشاكلهم التي يصب حلها في مصلحة المواطن .
لكن المفارقة في التعاطي مع المشاكل الداخلية تختلف من بلد الى آخر , ومن شديد الاسف نلاحظ في العراق كثرة المشاكل العقيمة وكل واحدة منها تكون حبلى بمشاكل اخرى أي تنبثق من مشكلة واحدة عدة مشاكل دون معالجة  ورغم كل تلك المشاكل يأتي الادهى بكيفية معالجتها , فبعد ولادة المشكلة ونضوجها بمرور الوقت , نلاحظ تصرف بعض المسؤولين (ليزيد الطين بلة) , وقبل ان يفكرو بأيجاد حل سريع لتلك المشكلة يستنجدو بالدول الاخرى ليعظمو المشهد, وهذا مافعله صاحب اعلى منصب حكومي وهو رئيس البرلمان العراقي عندما ذهب مسرعاً الى تلك الدولة المجهرية (قطر) ليتباكى عند اصحاب (الكروش المتدلية) ويأزم الوضع مشتكياً وهو يعلم حقدهم اتجاه العراق, وقبل ان يحذو حذو المسؤولين الاردنين ويستثمر زيارته لمصلحة الشعب , يقوم بصب الزيت على النار من اخلال اطلاق التصريحات التي من شأنها رفعت مستوى الدخان وزادت من قتامة الصورة, وبعدها بيوم استيقضت بغداد على دوي الانفجارات وأزهقت ارواح كثيرة .  والسؤال المطروح هنا لماذا نلجأ الى تصدير مشاكلنا السياسية الى الخارج متناسين تلك الكلمة التي تدعى(الطاولة المستديرة) من اجل ترطيب الاجواء .
المواطن العراقي لم يعد يحتمل تصرفات بعض المسؤولين وبدأ صبره ينفذ من طريقة تعاطيهم مع المشاكل وكيفية وضع الحلول المناسبة لها وهذا مادفعه ليقول (صارت ماصخة)