تمتلك ملحمة “كلكامش” حضور مميز في تاريخ أدب الملاحم ليس من الناحية الحضارية وسبر أغوارها في التاريخ بل لإمكانية سرد مشوق وعمق فكري وتركيز على دلالات ووصف دقيق لمحطات مهمة وقدرة عالية على توظيف ادوار الشخصيات فقد أعطى ” الملك السومري الخامس”كلكامش” الذي حكم ” مدينة “اوروك” بعد الطوفان (2500ق.م) دورا مهما وشرحا مفصلا” عن جميع محطاته وانتقالاته وابرز قوته وجبروته وظلمه ثم تلاعب بالمواقف وحوله الى ملك حكيم شجاع يؤمن بالقدر حضى بحب شعبه بعد ان كانوا يطالبون الالهه بالانتقام منه, هذه القدرة العالية وتوظيف لعب ادوار الشخصيات وتناولها لمواضيع دينية وأخلاقية واجتماعية وفلسفية وطريقة معالجة قضية مازالت عالقة في الذاكرة وتشغل حيزا كبيرا في التفكير والتأمل تعطي القارئ انطباع جيد عن أمكانية الكاتب والمؤهلات الفنية الكبيرة التي يتمتع بها , الكاتب “شين نيقي نونيني” كاتب الملحمة والذي يعد أقدم من كتب في تاريخ الحضارات
يعود تاريخ كتابة ملحمة “كلكامش” الى بدايات الحضارة في وادي الرافدين وهي اقدم نوع ادبي سردي طويل من ادب الملاحم في تاريخ جميع الحضارات كتبت على اثنى عشر لوح طيني بالخط المسماري تحمل توقيع الكاتب”شين نيقي نونيني” بينها وبين ملحمتي الاوديسة والالياذة اليونانيتين لشاعر الاغريقي “هوميروس ” ما يقارب 1500 عام ق . م, وجدت في مكتبة الملك الاشوري ” اشور بانيبال ” اكتشفت في عام 1853 ميلادية وهي الان موجودة في التحف البريطاني
الكاتب “شين نيقي نونيني” لم ينصفه التاريخ العربي ولا الباحثين والمثقفين العراقيين ويعود الفضل الأول والأخير الى فرق التنقيب الأجنبية التي أولت اثأر حضارة بلاد مابين النهرين أهمية كبيرة استطاعت توظيفها والاهتمام بها و حصد الكثير من الأموال والشهرة واحترام المجتمع الدولي لاهتمامها بالموروث الإنساني , رغم تحفضنا على الطريقة والاتفاقيات الجائرة التي سمحت الى فرق التفتيش الأجنبية بالحصول على نسبة عالية وقيمة من الآثار الا أننا نعترف بان الآثار لم تحضا بالديمومة والاهتمام والحضور عندنا مثل ما موجد في تلك الدول ,لنطوي صفحات الألم ونعيش الحاضر ونسال هل استفدنا من التجربة هل نحن مؤهلين للحفاظ على موروثنا الحضاري خصوصا ونحن نعيش مناسبة أدراج الآثار والاهوار الى لائحة التراث العالمي ونكون في مصاف الدول التي تحترم وتستفاد من خيراتها و ننصف من وثق لنا تاريخنا المشرف لنعالج الثقوب التي تنخر واقعنا.