أينما يوجه الناظر بصره، بأتجاه الحياة السياسية والأجتماعية والفكرية، يستشف أن الأمل بصيص في كهف، يقف على ابوابه قطاع الطرق والوحوش، وقد امتلأت افواههم دماء، وتُفرض حقيقة التقهقر والتراجع والإنحطاط، إذْ اصبح الوطن فريسة بلا هوية ولا وسيلة اتصال كي تدفن الحقائق.
سبايكر جريمة تشابكت خيوطها وسارت الأرواح تحت جنح ليل دامس، فاضحة مأزق سياسة المغامرة والمقامرة وهوس السلطة، بعيد عن الكفاءة والوطنية والحرص على الوطن.
شهادات من الناجين بأعجوبة واتصالات أهالي وصور فيديو، تشير الى حقائق متشابة، أكثر من 1700 جندي في قاعدة سبايكر، تم اعطائهم امر بالانسحاب، بذريعة منحهم أجازة لمدة 15 يوم، جردوا من السلاح والهويات ووسائل الاتصال، وقبل يومين اختفى قادة الجيش، حملتهم سيارات عسكرية بحماية همرات لتسلمهم الى الإرهابين.
لم نكن نعلم ماجرى في سبايكر، بل حتى ما جرى في الموصل لم يكشف النقاب لحد الان، وكل ما جائنا من وسائل الإعلام، ولولا نشر الأرهابين صور الضحايا لبقيت الحقيقة مجهولة الى هذا اليوم.
75 يوم ولا تزال الاتصالات تردنا من المحافظات يسألون عن أبنائهم، قيل لهم انهم في المستشفيات، وأخرون قالوا لهم انهمم في الشعبة الخامسة؛ لغرض العلاج لأنهم بلا اكل ولا ماء طلية هذه الفترة؟!
أباء وأمهات وأقارب يجوبون المحافظات عن أمل سماع خبر، من مكتب الى مكتب؛ من القائد العام الى الجندي في الشارع؟! يتساءلون كيف بيع ابنائهم ولماذا جردوا من السلاح، وأي ذنب كان لهم ومعظمهم طلبة شباب، كيف قتلوا، او لا يزالون احياء، بسكين او بالسلاح او التفجير.
امهات وأباء مفجوعين يترقبون الطرقات ويتظاهرون ولا أحد يسمعهم، حتى شاهدت في احد الأحتجاجات، وزير لم يكلف نفسه حتى فتح نافذة السيارة، وسار مسرعا يلقي التراب على تلك الوجوه المغبرة التي ما فارقها الضيم، يقولون بحسرة نحن من ألبس هؤولاء الحفاة ملابس انيقة لم تكن في احلامهم، وأجلستهم قصور كانوا يخجلون من النظر اليها.
اهالي ضحايا سبايكر طرقوا باب مجلس النواب، يبحثون عن بصيص امل وعن رجل بمعنى الكلمة يتحمل المسؤولية، وقد صمتت السلطة التنفيذية والامنية من الجواب الشافي، والقادة الأمنين لا يعرفون عدد الضحايا، حتى قال احدهم بحدود 700 شهيد، وكأنه يعد خراف؟!
صمت مجلس النواب وهو يشاهد تلك الام المفجوعة وهي تلقي( شيلتها) على منصة رئيس مجلس النواب ورؤوساء الكتل، وأهالي المغدورين طلبوا من البرلمان جلسة علنية، بحضور القادة الأمنيين.
ملفات كبيرة وضحايا يستهان بدمائهم، وقاتلهم بريء لم تثبت ادانته، ينتظر متى تفتح ابواب سجون 5 نجوم، حتى يعود مرة اخرى، يمارس جرائم ينكر المسؤول حجم بشاعتها، متلاعباً بأرقامها؛ ليعدّها أنجازات.
الام العراقية المفجوعة ألقت (شيلتها) تطلب الثأر، تصرخ بحرارة تقطع الأكباد، وتطلب استرداد الحقوق والقصاص من القاتل والمشارك والمتخاذل، تستنهض القوى لإنقاذ البلاد من داعش والفساد، وأب يقول ابني رقم عشرة وضع المسدس برأسه، وأخر شاهد نحر أخيه، وثالثة ألقيت جثة زوجها في النهر، يتسألون عن هوية الملثم الذي قتل أبنائهم، ولماذا يتقهقر ويتراجع من كان عليه المسؤولية، ويصل الى درجة الانحطاط والتخاذل والخيانة؟! ويبني قصور من الجماجم، خارج اسوار وطن تفترسه الذئاب