22 نوفمبر، 2024 3:17 م
Search
Close this search box.

شيعة العراق و قاسم سليماني … من يدعم من ؟؟

شيعة العراق و قاسم سليماني … من يدعم من ؟؟

(سنة 2008م) و في ذروة مشاكل الصدريين مع الحكومة و توجس الامريكان من السفير الإيراني ببغداد ذلك الوقت (حسن كاظمي قمي) من كونه عضو في قوات القدس ، دخل وزير من حكومة المالكي (علي الدباغ) على قائد القوات المشتركة آنذاك (ديفيد بيتريوس) لينقل اليه رسالة نصية على الهاتف النقال خاصته من قاسم سليماني قائد قوات القدس والتي نصها :
” ايها الجنرال بتراوس: إعلم اني، أنا قاسم سليماني، أدير سياسة ايران في كل ما يتعلق بالعراق، لبنان، غزة وأفغانستان ، السفير الحالي لايران في العراق هو رجل قوات القدس، ومن سيحل محله سيكون رجل قوات القدس كذلك” انتهت الرسالة.
نبرة التحدي للجنرال العجوز سليماني ازدادت بزيادة تاثير (كاريزما) الثورة الايرانية في شيعة المنطقة منذ ثورة الامام الخميني (سنة 1979م) ليتطور ذلك التاثير ليصل ب(المكونات الشيعية) الى درجة القطيعة مع (حواضنها السنية) ومن ثَم الصدام الدموي معهم .
بعد (سنة 2000م) ، و بالتزامن مع موجات الربيع العربي ، بدأت (تباعاً) ثورة ايرانية ثانية ليس في داخل ايران بل خارجها في لبنان ، اليمن ، العراق ، البحرين ، سورية و غيرها من بلدان المشرق و لتصطبغ اراضيها بلون الدم القاني و تسْوّد حواضرها برائحة الدمار كيف حدث هذا ؟… فلنرى :-
لم تستطع المراجع الدينية الشيعية في بلاد العرب ان تُقاوِم تاثير (مغناطيس) نظام ولاية الفقية الاثني عشري مما له من قوة جذب عالية (بسبب الهيكل التنظيمي للنظام الديني الشيعي و بسبب الموارد و الثروات الضخمة للدولة الام-ايران) وهذا ينطبق على المراجع الدينية و عامة افراد المُكوِن الشيعي (المقلدين) .
استفادت الطبقة السياسية الايرانية من (عمق و متانة) الروابط الدينية الجديدة لكي تضغط على دول المنطقة (لاخذ دور اقليمي اكبر منها) و على اقطاب السياسة العالمية (لتتمكن من التحول الى قوة نووية عظمى) وهذا كله ينصب لتحقيق حلم بناء امبراطورية فارسية جديدة لكن بهيكلية حديثة.
ان ردات الفعل (الاقليمية و الدوليّة) حول تلك النوايا الايرانية في التمدد و السيطرة كانت سلبية و لاسباب مختلفة تبدأ من (أمن إسرائيل) او (الاختلاف العقائدي السني-الشيعي) و تنتهي (بتوازن القوى الاقليمي) ولهذا فقد بدأ الغرب عقوبات لتحجيم (طموحات) ايران الغير مقبولة (غربياً و خليجياً) و ادخال ايران في دهاليز مفاوضات نووية غامضة ، و من جهتها بدأت السعودية و توابعها الخليجية وضع (العصا في العجلة) من خلال تسليح الجيش الحر و النصرة و السماح بامتداد داعش ليطال مناطق نفوذ ايران في سورية و العراق و كذلك من خلال تحجيم حزب الله اللبناني من نافذة تقوية (سُنَة) الحريري.
كل ما سبق جعلت ايران تنكفأ في الزاوية الحرجة لفترة لتتاهب بعدها للجولة الثانية من الصراع وحسب مقولة اسحق شامير ” القضية التي لا تُحل بالقوة … يمكن حلها بقوة اكبر” فقد فتحت ايران النار على الجميع (كعقوبة) لاستهدافها و لتحييدها فاليمن أخذ يلتهب و العراق ينتشي بانسحاب امريكي حسب اتفاقية ثنائية مع سيطرة صقور طهران (المخلصين) كالمالكي في العراق و الحوثي في اليمن على سياسة البلد ومن جهة ثانياً بدأ الضغط من حزب الله و اشراكه بقوة بمعارك بشار الاسد في سورية و سحب البساط السياسي من الحريري و حلفاؤه.
تفاجىء الجميع من القوة الايرانية الهائلة المحركة لكل هذه الاحداث و توجيهها (بكفاءة عالية) تعبوياً و لوجستياً و حتى سياسياً لتصبح هذه الاحداث تسونامي (جديد) تهز الشرق الاوسط و العالم.
استدرك البيت الابيض الخطر هو و حلفاؤه لتنفتح الجولة الثالثة ليس عن تسونامي ثاني بل عن (يوم قيامة جديد) فقد دخلت داعش الحلبة لتسيطر (لوحدها) على نصف العراق و نصف سوريا بالتوازي مع نزول سعر (سلة نفط الاوبك) الى الثلث فقط لتُنهَك بسببها معظم اقتصاديات الدول المنتجة للنفط و من اولها إيران وليصبح اقتصادها (وهو محرك سياستها الخارجية) على شفير الافلاس
بالمقابل و في رابع جولاتها، استطاعت ايران رد الصاع صاعين حيث سيطر حلفاؤها على عاصمة اليمن صنعاء و بدؤا باستعادة الاراضي من داعش في العراق و الضغط على مدللة السعودية (البحرين) من خلال اعمال الشغب الكثيرة التي توتر حكامها دائماً.
هذه المعركة بين ايران و خصومها تبدوا بلا نهاية لتجعل من شيعة العراق (مثلاً) جندي ذي (وظيفتين لا ثالث لهما) اولها ان يدافع عن ارضه و يسترجع ما خسره من سيادته و ثانيهما ان يكون احد عصي طهران في (صراع الجبابرة) مع الغرب و مع عرب الخليج.
لم يكن حديث شيخ المجاهدين (هادي العامري) صحيحاً عندما قال “ان وجود قاسم سليماني كقائد في معاركة تحرير محافظة صلاح الدين هو بدون مقابل” لا بل ان دماء العراقيين و ثرواتهم و سيادتهم على ارضهم هو المقابل .. ثم اتساءل هنا عن السعير الطائفي المتنامي الذي اصبح جهاراً نهاراً على الفضائيات و في داخل المجتمع العراقي نفسه ليقسمه الى نصفين .. نصف يكره نصفه الآخر وهذا الكره قد يصل بالنصفين الى الانفصال الدامي الطائفي (هذا اذا لم يكن قد وصل للآن) و كل ذلك يُحسَبْ ضمن (الثمن) او المقابل المدفوع لدخول سليماني (كفاتح) هو و قواته الى الصراع بين السنة و الشيعة.
لن تنتهي جولات الصراع (بالإنابة) في العراق او في غيره الا باضعاف الطرفين المتحاربين و من ثم تدمير احدهما ليبقى المنتصر (ضعيفاً) و الذي قد يُستعمل فيما بعد لتدمير نفسه او بلده ليُبقي نفسه على قيد الحياة.
اما (الشيطان الاكبر) و (الفقيه الاعظم) فسوف يستمروا بجولاتٍ و جولات من (الصراع و الضغط و الإضعاف) حتى تأتي اسرائيل و تدخل الحلبة (ليس من الباب الامريكي) بل باسمها الصريح و بقواتها و ليبدأ (وقتذاك) الصراع المباشر بين القوى الدولية بنفسها و بدون (اقنعة او دمى) لنصل الى استنتاج نهائي يقول ان الشرق الاوسط مهد الحضارة و لحدها. 

أحدث المقالات