شيزوفرينيا المسؤول وهراء المواطن

شيزوفرينيا المسؤول وهراء المواطن

هناك فيلم مصري للفنان الكبير عادل إمام وهو (“السفارة فيالعمارة“)، يتحدث الفيلم عن قصة مهندس عربي عاش فيالغربة فترة طويلة وقرر بعدها العودة إلى البلد، حيث دارت عليهعدة مواقف مليئة بالكوميديا الهادفة والتي جعلت منه فيغضون أيام بطلاً قومياً، وبعدها بفترة وجيزة نفس الطبقة التيمجّدت به جعلته خائناً وعميلاً.

قد يتفق معي القارئ أن هذا الوضع في البلاد العربية أمرأصبح شبه عادي ومتداول يومياً، وخاصة الآن بعد الثورةالتكنولوجية العارمة، التي جعلت من الفرد متقلب المزاج وله(“ذاكرة سمكة“)، يتأثر بالعاطفة سريعاً وينقلب عليها أسرع.

هذا ما حصل في بلد الرافدين (العراق) الذي أصبح أنموذجاًحياً، يُقتدى به عند تلك المواقف، وخاصة التي جعلت منالشعب أضحوكة بيد طبقة وشلّة من الفاسدين الذين اتفقواجميعهم على نهب وسلب خيرات البلد وشعبه، وأكيد بواسطةالتلاعب بالمشاعر والعواطف وباسم الدين والمبادئ والعقيدةوالطائفية، استطاعت أن تمزق شتات بلد وشعب عمره أكثر منسبعة آلاف سنة، وعند خروجهم في التلفاز ومواقع التواصليتحدثون عن النزاهة والحلال والحرام وأغلبهم يصرح بأنه مع(“مكافحة الفساد“)، حقيقةً إن هذه اللعبة لا تنطلي علىالشرفاء من الشعب ولا حتى على جمهورهم الأكثر فساداًمنهم، فتلك الوجوه العفنة حكمت ما يقارب لغاية الآن ربع قرن،استوردوا لنا فنون (الفساد، السرقة، الدهاء، المكر، الطائفية،الدم، والحرام بأنواعه)، والتي كانت في السابق بشكل فقيرولكن بوجودهم أصبح فن التلاعب بالعواطف أمراً خطيراً.

وكل ما عاشه الشعب من ويلات صراعاتهم والتي وصلت بينأحزابهم في بادئ الأمر إلى القتل والترويع والتي كانت تقععلى رؤوس الشعب وليس رؤوسهم.

الآن إن ذاكرة هذا الشعب المسكين ضعيفة ويكاد ينسى كلشيء بعد حصول أي شيء.

فإذا كان المسؤول مكروهاً في السابق وبعدها عمل عملاَ معينأو حتى في تأدية واجبه أصبح نفسه (“بطل همام“) و (“هلابيك هلا“) ويكون في مواقع التواصل (“ليس له مثيل“) بينماهو قبل فترة (“عميل وخائن“) وغيرها من العبارات.

أمسى الشعب يفرح بـ (إكساء الشوارعبناء الجسور) وهذهالأعمال التي تُعد من واجبات مديرية بسيطة في مفاصلحكومة ودولة، يراها البعض (“إنجازات عظيمة“)، وإن يكنأنها كانت مفقودة بالأمس وأكيد السبب يعود كما ذكرنا فيبادئ الأمر، ففي السابق كان الحديث عن قتال بالأسلحة والدمواليوم القتال بالتصريحات والمنافسة و (“لغة التسقيط“)، وكمافي الآية الكريمة (“كلما دخلت أمة لعنت أختها“)، وهذا مايحصل الآن فالجميع ينظر لنفسه صاحب منجز فالسياسيونالآن يقولون نحن من وضعنا هذه (الحكومة) في السلطة ولولاما تقرر في اجتماعنا لما رأيتم عملاً أو منجزاً والحكومة تقولنحن عملنا ونجحنا.

والسؤال هو أين المنجز؟ هل بعمل الواجب يصبح المسؤولصاحب فضل؟ وإن حُسبت المنجزات التي صدعت رؤوسناتراها مخجلة و (“شو إعلامي“).

الشعب يريد (تعليم وصحة وسكن وتعيينات وكرامة وعدالة) وهمبدل تطبيق قوانين بسيطة أبرزها عدالة (سلم رواتب الموظفينقانون التقاعدقانون الجيش والشرطةقانون حل أزمةالسكنأزمة الكهرباء) تراهم يصرفون (المليارات) على أشياءللتبرج (التعداد السكاني) مليارات صُرفت عليه والجميع يؤكدأنه لم يحقق شيئاً و (التبرع للدول) فلسطين ولبنان وسورياوغيرها، والأولى من صرف تلك (الأموال) هو ابن البلد الذيعانى سابقاً ويعاني الآن وهذه الدول لم تفكر لا به ولا حتىببلده، والآن الصرف والتبذير وشل الحركة على انعقاد (قمةعربية) ولا نعرف متى انعقدت قمة عربية وجاءت بنتائج سوى(تصريحات رنانة) و (إبراز عضلات) و (واجبات طعام) وتذهبسدى. حقيقةً كفاكم مجاملات وتصوير وإعلام وصفحات ممولةوالوزراء اليوم تحولوا (أصحاب مشاريع خيرية) يتجولونوالكاميرات ترصد ما يقومون به من (دعايات) مفضوحة.

وختاماً الآن ستصبح جميع الكتل والأحزاب (آلهة) لقرب موعدالانتخابات وأكيد (الطابور الخامس) موجود و (لنُنسَ الماضي) و (ليضحكوا) علينا مرة أخرى والمهم هم (موجودون) والسلامعليكم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات