جوهر الديموقراطية أن يكون الشعب مصدر السلطات، يحركها بالإتجاهات الإيجابية، مرتبط بعلاقة مكملة للسلطات، نتعاضدة منسجمة الأدوار، وطغيان الإرادة السياسية الشخصية، يدخل الدولة في متاهة فقدان المصير، والمجتمع في مهب الأخطار، تترك تبعات خطيرة بعيدة الأمد، وتقسم البلاد الى منظومات فكرية واقضيتها تتحول الى محافظات صغيرة عرقية، بعيدة عن المعايير الوطنية، تحكمها مزايا الأنانية.
صنايق الإقتراع القادمة يبدو وكانها تهزّ مضاجع البعض، يتخبطون في هوس السلطة بأفعال تسيء الى الحياة اليومية والمستقبل.
تحدِ عالمي يواجهه العالم يملأ المنطقة الاقليمية بالتطرف والكراهية، وهذا الإسبوع للوئام بين الأديان كما أقرته الامم المتحدة، ولا يوجد دين سماوي او عقيدة إنسانية تدعو للكراهية والفرقة والإقتتال بين الشعوب، يقود تلك الأفكار أقلية على حساب الأغلبية المعتدلة، بأفكار هدامة سوداء منحطة؛ هذا الإسبوع تسعى الأمم المتحدة لتشجيع الناس على تبادل الزيارات لإماكن العبادة، على مبدأ إنساني.
العراق بلد الأنبياء، منه انطلقت او رسالة سماوية وأول حضارة انسانية، فيه منهج علي للدولة العصرية العادلة و ثورة الإصلاح الحسينية، منه إنطلقت المفاهيم الانسانية والقوانين البشرية والعلوم، وما أحوجنا ان نكون قدوة للتسامح والتقارب، ننشر الوئام والإنسجام، ينظر بعضنا الى بعض على اساس وطني.
مشكلنا دخول التطرف وتغلغلة بين المجتمع، سببه الفساد والارهاب المتلازمين، وطالما عبرت الكتل السياسية ان أسباب تدهور الأمن الخلافات السياسية، والمعالجة بالبحث عن الجذور العقائدية المنحرفة للإرهاب ومواجهتا فكريا وعسكريا، ومن الغرابة إن النائب حسن السنيد رئيس لجنة الامن والدفاع يقول لا علاج الاّ بالسلاح، ونحن نعرف ان كل فكر يعالج بالفكر ويتصلب بالقوة مالم، يزايد مع هذا الطرح نواب في دولة القانون، ونحن لا نختلف ونقول الحرب مع الإرهاب حرب وجود وهؤولاء عصابات جبانة لا تواجه مواجهة الرجال؛ بل تستهدف الأبرياء في الأسواق ودور العبادة والأطفال.
مبادرات كثيرة إطلقت لإيجاد الحلول لقضية الأنبار، أولها للسيد عمار الحكيم، ثم قناة البغدادية والنجيفي والبرزاني، والحكومة أيضاً تبحث عن حلول، لكن تلك المبادرات تعرضت الى هجمة شرسة، ثم تم تطبيقها بشكل مجزء، وإستفاقت الحكومة من سباتها، وأقتنعت إن تلك المناطق لا يمكن السيطرة عليها سوى من أبناء تلك المدن، وتحتاج مساعدات وإغاثة النازحين 10 مليار دينار، وفتح باب التطوع ودعم تلك العشائر، وسوف تعوض تلك المدن بعد إنتهاء المعارك.
إذا استمرت الحروب الداخلية والصراعات الأهلية كم يدفع العراق دماء، وكم مليار تسلح وضرر إقتصادي وإجتماعي، ولدينا تجربة سابقة حينما أباد صدام الشيعة إتجهوا الى الأهوار وإيران وبقية الدول؛ فماذا نتوقع الأن؟ والشباب يعانون كحال بقية المحافظات من العاطلين وسوء الإقتصاد، ووجدوا إرهاب عالمي يعمل بالترغيب والترهيب.
فريق لا سياسي، وأفعال وتصريحات لا تلائم المنطق والنظر الى الوطن بإنه خيمة تحتوي الجميع، يصل بر الامان بأفكار ناضجة، بعيدة عن التلاعب المشاعر وإستجداء العطف الإنتخابي.
شياطين لا يفقهون سياسة الحكمة، يعيدون تجارب البعث؛ فمن كان يخالفه يتهم بحزب الدعوة، ومَنْ يتأوه من الحروب والحصار معارض النظام، واليوم من يريد حقن الدماء ومن يطالب بحقوق المحافظات، داعشي يناصر الإرهاب، والقنوات التي تنقل صوت الموطن تتهم بإنها مغرضة، يطلب من الجميع ان يصفق ويدق طبول الحرب والشعارات، والإرهاب الأسود يزحف على أبوابنا، وطرق أبواب المنطقة الخضراء. إذا كنا نعترف جميعاً إن الإرهاب سببه خلافات سياسية، فإن صلب السياسة والديمقراطية الحوار والإستفادة من الرأي الأخر، والتفريق بين العدو والصديق.