18 ديسمبر، 2024 7:05 م

شهيد في سبعة عشر محافظة

شهيد في سبعة عشر محافظة

العراق هو البلد الذي لا تنتهي حروبه، ولا تتوقف قوافل شهدائه، ولا تجف انهر الدماء فيه، هو ذاته البلد المبتلى بالحكام الطواغيت والفاسدين، وشعبه هو ذاته الشعب الذي اضاعه بوصلة اتجاهه الصحيح، فلا يجيد قراءة الأحداث بصورة جلية وعميقة، يعرف من خلالها مسير السياسة الحقيقي، فغالباً ما نشاهد تخبطاته المستمرة، العراق فيه جزء كبير من المثقفين والاُدباء والعلماء العمالقة، لكنه الشعب الاول الذي يؤثر فيه الإعلام، فيغير مفاهيمه وحركاته بسرعة فائقة.

أقر مجلس النواب في وقتٍ مضى إن الاول من رجب هو (يوم الشهيد العراقي)، تزامناً مع استشهاد آية الله العظمى السيد الشهيد (محمد باقر الحكيم)، ذلك الشهيد المعطاء, الشهيد العراقي الذي أعطى من التضحيات مالم يعطه احد على صعيد كافة السياسيين، فقدم قرابة (٦٣) شهيد من خواص عائلته، وقرابة (١٠٤) من عموم السادة آل الحكيم، أولئك فقط من قيدوا في سجلات الدولة الرسمية، وهم بين عالم دين وأكاديمي, وطبيب وأستاذ جامعي, وطفل صغير وشيخ كبير, ورجل وامرأة.

قدم الشهداء بكافة الإعمار، وغيب الكثير منهم في مطامير السجون لسنوات طويلة، من اجل حرية هذا البلد، ومن يقول خلاف ذلك فليراجع حساباته جيداً، ولسبب بسيط جداً، فَلَو كانت تضحياتهم من اجل السلطة لما تركوها لغيرهم، ولو كانت من اجل المال فبإمكانهم أخذ المليارات من الدولة، وبصورة رسمية عن تلكم الشهداء، وعن سنوات السجن والاعتقال، وحسب ما ورد في الدستور العراقي ما بعد (٢٠٠٣)، وهذا هو الحق الشرعي الذي أقره الدستور العراقي، ولا فضل لأحدٍ عليهم، لكنهم زهدوا في ذلك.

كنت اتابع المهرجانات الجماهيرية التي أقيمت في (١٧) محافظة عراقية، وما ادخل السرور في قلبي هو ما حدث في المحافظات الغربية، التي تحررت من داعش، وللسنة الاولى بعد التحرير، فعلاً منظر يدعوا للسرور، ان ترى الكثير من أبناء الشعب العراقي، بكافة وقومياتهم ومذاهبهم يحضرون ذلك الكرنفال.

كان اللون الأزرق يشع في ارجاء العراق، لون يشعرك ان العراق اتحد تحت هذا اللون، وفِي ذلك الكرنفال، فمهما يكون عمق الخلاف بين أبناء الشعب الواحد، فتلك الاحتفالات بإمكانها ان ترطب الأجواء ولو بنِسَب معينة، فهي بداية جميلة جداً.

تمنينا ان يخرج جميع أبناء الشعب العراقي، للاحتفال في ذلك الْيَوْمَ، وكنت أتمنى ان ارى لافتات لكافة الاحزاب والحركات السياسية تستذكر فيها شهادة السيد الحكيم، فما هم فيه الْيَوْمَ، بفضل ذلك الشهيد وبفضل عائلته المضحية، فهم اول عمامة دينية دخلت العمل السياسي، في نهاية أربعينات القرن الماضي، وهم من اهم العوائل العلمائية التي وقفت بوجه الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة، التي حكمت العراق، فكان من الاجدر بالشعب العراقي ان يخرج جميعه لإستذكار شهادة السيد (محمد باقر الحكيم).

كان الاجدر بالأكراد ان يكونوا المبادر الاول لهذا الكرنفال، لأن آل الحكيم كان لهم الفضل الكبير في إيقاف سفك دمائهم من قبل السلطة، عندما قام زعيم الطائفة السيد (محسن الحكيم) بتحريم قتالهم، وحفظ دمائهم.

كان الْيَوْمَ الاول من رجب لهذه السنة يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة، فالحضور كان حضوراً كبيراً لا يقاس بغيره، وكان فيه التنوع واضحاً على المديات الواسعة، رحمك الله أيها الشهيد المظلوم.