23 ديسمبر، 2024 10:48 ص

شهر رمضان رسالة من السماء لاهل الارض

شهر رمضان رسالة من السماء لاهل الارض

قد يدعو كبير الاسرة او رئيس القبيلة اعضاء اسرته او ابناء قبيلته او ثري الى مأَدَبَة وهو غير محتاج اليهم غايته من ذلك في نفسه هي المحبة وزيادة العلقة والاتصال والاطمئنان على احوالهم ولتزداد المودة بينهم ولتقريب المسافات دونهم ، ونفي الحواجز المادية والمعنوية عنهم التي من شانها ان تولد الحواجز الحقيقية في القلوب والارواح وتصنع الضغينة بين الناس ، والانسان بطبعه وصيرورته كائن اجتماعي مؤالف .
ولعل هذه الدعوة لها مردودات اجتماعية حسنة واثار نفسية ايجابية تولد السكون والاستقرار وتصنع التقارب بين المدعوين وهي فلسفة وهدف الدين والغرض منه ، فاذا وجدت استطاعت البشرية ان تصنع المستحيل وان تجتاز كيد الشيطان الضعيف الذي هو العنف والقتل والارهاب والطائفية والقومية والمناطقية التي هي في الحقيقة اسلحته وسهامه واساليبه للكيد ببني الانسان وجرهم الى الكره والتقاتل بذريعة هذه الحجج الواهية الواهنة التي هي اوهن من بيت العنكبوت .
شهر رمضان صلة الوصل بين السماء والارض وهو العلاقة التي لا تنقطع بينهما هو دعوة من قبل الله الى العباد وضيافة منه ورسالة الى العباد والناس اجمعين على انني معكم اسمع وارى واتفقد احوالكم وانكم بعيني . هي لطف من الطافه الكثيرة على جملة البشر التي لا تنقطع ابدا ، ادعوكم فيها لتجتمع السماء والارض تحت مظلة هذا الشهر المعطاء وشرفه ومنزلته .
شهر رمضان تجل لقوسي الصعود والنزول بين السماء والارض صعود الاعمال الى الله ونزول الثواب والرحمة منه تعالى ، هو تذكير للانسان بان الله لا ينساه ابدا والدليل هو هذه الضيافة المتكررة منه تعالى للعباد وهل انقطعت يوما ضيافته ولطفه ، اذن هي رحمة مكثفة وضيافة مضاعفه منه جلت قدرته في هذا الشهر الفضيل .
شهر رمضان هو مأدَبَة ، المضّيف فيها الرحمن والضيوف هم عباد الرحمن ولكنها تختلف عن بقية المادبات موادها القران والذكر والصلاة والدعاء والبكاء والاستغفار والتوسل والتقرب اليه تعالى والابتعاد عن الشيطان . ان من اظهر مظاهر الاندماج بين السماء والارض هو شهر رمضان الفضيل اذ يكون محطا لضيوف السماء من الروح العظيم والملائكة الاكرمين تكتظ بهم الارض وتضيق بوجودهم طمعا في رحمة الله المنزلة فيه ، والقدر هو التضييق وقدرنا عليه رزقه اي ضيقنا عليه رزقه وضاقت بهم الارض وازدحمت بهم .
شهر رمضان رسالة الى اهل الارض من السماء – ولا يختص الله بمكان وجل عن الاين والكيف – مفادها انا معكم ولستم لوحدكم ونعلم بكل ما يدور بينكم . هو
مهرجان سنوي تعرض فيه كل قيم الرحمة والشفقة والسمو والايثار وحب الخير . هو مظهر من مظاهر تثبيت الايمان وتوطيد الاخلاص لله تعالى موسم لزرع كل القيم الروحية والمثل العليا والاخلاق الحميدة في ارض الانسان ووجوده ليكون مثالا خلاقا لخلافة الله تعالى موسم لاظهار التعاون والتعاضد والتكافل والجود والكرم .
هو كبح وتوقيف لكل معاني الرذيلة والنفاق والتلون والغش وكل ما من شانه ان يقلل من قيمة الانسان عند ربه . هو مناسبة جليلة لازالة الرين والوسخ الذي جثم على القلوب وعدم الانتواء الى الذنب مرة اخرى هو شهر يحمل كل معاني القيم العليا المتحضرة التي تهدف الى جعل الانسان يعيش الكرامة والسعادة بعيدا عن الابتذال والتفسخ الاخلاقي . انه عودة واضحة وصريحة الى فطرة الانسان الذي فطره الله عليها وهي الاخلاص والحب والنقاء والسلام ونكران الذات والعيش مع ضمير حي نابض بكل صور الانسانية البلجاء .
انه خزانة عظمى عميقة واسعة لاصلاح النفس لو استغلها الانسان وفهمها الفهم الصحيح ، فيه الكثير من القيم والمثل التي يجب على الانسان ان يعيشها وان يتمسك بها طيلة حياته سواء في رمضان او في غيره ، يتزود بكل معاني القوة ليجابه بها مكائد الشيطان وخدعه وينتصر عليه .
فيه الكثير من المعاني والاثار القيمه التي لو استوعبها لارتقى بحياته الى مراقٍ عالية سامقة بعيدة كل البعد عن المعاناة والمكابدة التي يعيشها انسان هذا الزمان وسط حضارة مزيفة استُعبِد فيها واصبح هينا لا قيمة له يهان ويقتل ، حضارة تباع فيها النساء في سوق النخاسة في وقت وصل فيه الى خارج مجرته حضارة عوراء ترى بعين واحدة تقتل بيد وتسبح باخرى منتهكة كل القوانين والقيم والمبادئ ومتجاوزة كل الخطوط الحمراء ، حضارة تجمع اسقاط الناس واوباشهم تدربهم وتمولهم وتسلحهم وتدفعهم من اجل قتل الابرياء والنساء وقطع رقاب حتى الاطفال ، تسعى الى تحطيم وتخريب بلدان كاملة من اجل مصالح شخصية انانية رخيصة وهذه هي نتيجة الابتعاد عن القيم الروحية الصحيحة .
شهر رمضان نفور زماني للمسلمين كما ان الحج نفور مكاني لهم يقطفون فيه كل ثمار الخير والمودة والمحبة والالفة والسعادة من اشجار الايمان المثمرة في هذا الشهر الفضيل ، هو بحر زاخر بصنوف اللالئ والدرر يغوصون فيه ليستحصلوا عليها ليزينوا بها انفسهم ادبا وسلوكا وخلقا رفيعا مبتعدين عن كل معاني الكذب والغش والنفاق والحرام التي تنزل من قيمة الانسان عند الله وتدفعه الى عذاب اليم يوم يلقاه .
شهر رمضان هو شهر صناعة الانسان المتطور الراقي الذي يحمل بذور الخير والمحبة والسلام والحياة لا الاقصاء والتبعيد والتهكم والاستخفاف دورة تربوية مكثفة من ترتيب البارئ تعالى موضوعها واولها واخرها ونتيجتها الانسان ، انه سوق ربح فيها قوم وخسر اخرون وتألق فيها اناس ونكص الباقون ، شهر يحرص فيه
المسلم ان لا يكذب ولا يستغيب الاخرين ولا يخمش وجوههم ويكون حذرا في كلامه ومنطقة وتعامله مع الناس لان نسبة شعوره بالرقابة الالهية تزداد وترتفع في هذا الشهر وما احراه ان يبقى مع هذا الشعور العالي سرمدا لا ينقطع عنه ابدا .
ولا ننسى ان نرفع ايدينا بالدعاء والابتهال والانقطاع الى اولئك الناس الكرماء المؤمنين المتالقين الصائمين المتحضرين الراقين المقاتلين اصحاب الغيرة والشهامة من حشد وجيش الرابضين كالاسود اصحاب الحسين واخيه العباس يدافعون عن حُرَم الله والوطن ضد جند الشيطان والظلام اراذل هذه الامة واوباشها داعش ومن لف لفها ، يقاتلون في ساحات الله والقداسة ، نعم للرجوع بقوة الى الله والدين والفطرة السليمة لنحفظ بذلك حياتنا ومستقبل اطفالنا وننعم برحمة الله ربنا .