23 ديسمبر، 2024 4:40 ص

شهادة للتاريخ بحق وزير العمل تحتاج الى وقفة !

شهادة للتاريخ بحق وزير العمل تحتاج الى وقفة !

من بين موجات الاحتجاج التي تعصف بالعراق والفشل الذي تصدح به حناجر البسطاء المطالبين بالاصلاح .. يوميا نرى ونسمع ونقرا عن الفساد والمفسدين والفشل والفاشلين وفي منابر عدة .. تستحضرنا مواقف وطنية وانسانية واجتماعية ومهنية لهذا المسؤول او ذاك او ذلك الوزير او ذاك .. الامر الذي يتطلب منا مراجعة رؤانا في الحكم على الاخرين كما علينا ان لا نتحدث نقدا بلغة الجميع وانما تسمية الاسماء بمسمياتها كي لا تتلبد صورة الواقع الذي هو بحاجة الى نفض الغبار عن صوره اللامعة التي لم تتصدع باتهام او سلوك او تجني .
فاينما تحل الاخطاء قد تفرز لنا الوقائع فسيفساء جميلة لا تتقبل النقد او التشويه او الاهمال لاننا امام مسؤولية تاريخية ووطنية تتطلب منا التحدث بمصداقية .. وفي وطاة الاحداث التي نعيشها لا بد ان نعرج على شخصية وطنية عرفت بالنبل والنزاهة والمهنية والمصداقية لا تخشى في الحق لومة لائم بل واصبحت مصدر للنجاح تتعكز عليها الحكومة في اغلب الاحيان لتنقية الاجواء وابعاد الكل عن موجات الاستهجان التي تطال رجال السلطة .. انه وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني ، صولجان الابداع الذي تضيء به حكومة العبادي صورتها المعتمة وتلجم به السنة المتطاولين والمنتقدين .
ثمة موقف من بين عشرات المواقف النبيلة التي شهدتها وسمعتها عن هذا المسؤول الذي لو امتلك العراق عشرة منه لكان من افضل دول منطقة الشرق الاوسط .. انها شهادة للتاريخ لابد لي ان اسردها للجميع ليكونوا على بينة من امرهم للحكم والاطراء وقول الحق .. ففي تموز من العام الماضي اتصل بي وزير العمل شخصيا في وقت الظهيرة وكان متحمسا لتقرير عرض على شاشة قناة الفرات الفضائية يتحدث فيه عن وجود شاب يتيم الابوين كان قد نجح في امتحانات السادس العلمي وحصل على معدل 94 % .. وطلب مني الوصول لهذا الشاب كي يحدث معه شخصيا عبر هاتفه الشخصي .
وفي مساء ذات اليوم بدات برحلة البحث من خلال الاتصال بمراسل الفرات ومدير الثانوية التي يدرس فيها الطالب ( يحيى علي عبد النبي ) في محافظة ميسان حيث توصلت الى بعض الخيوط التي توصلني لـ (يحيى ) فوجدت بانه شاب صغير يتيم الابوين حيث توفي والديه في حادث مروري عام 2005 وهي يقطن في منطقة العشوائيات في منطقة تسمى ( العوفية ) شمال شرق مدينة العمارة مركز محافظة ميسان .. حيث يعمل هذا الشاب سائق دراجة نارية حمل (ستوتة ) وهو يعيل عائلة تضم ثلاثة اخوة وبنتين مع عمتهم .. حيث عرف هذا الشاب كيف يقراع مصاعب الحياة واستطاع بارادته القوية ان يوفق بين العمل والدراسة لتحقيق احلامه وقوته اليومي معا .
بعدها اتصلت بالوزير واخبرته القصة واصر على الحديث معه بشكل مباشر في اليوم التالي حيث قمت بتامين الاتصال الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي وجرت محاثة بين السيد الوزير والشاب المتفوق (يحيى ) استمرت لمدة (30) دقيقة استعرض فيها يحيى معاناته وطموحاته التي تركزت في ثلاثة مطالب الاول تخصيص رواتب شهري له ولعائلته والثاني بتامين بعض الحاجات الاساية البيتية والاخير قبوله في كلية الصيدلة .. وعلى الرغم من ان المطلبين الثاني والثالث ليست من اختصاصات الوزير الا انه اصدر في اليوم التالي امرا اداريا بتخصيص راتب اعانة له ولعائلته .. ووجه ايضا بتامين احتياجاته البيتية ، اما المطب الثالث فكان صعبا جدا كون القبول مركزي وحسب المعدلات .. وبعد مرور شهر تم قبول الطالب في الكلية التقنية بجامعة بغداد .. وقد تم اخبار الوزير بذلك عندها وجد مخرجا اخر لتحقيق طموحات الشاب اليتيم من خلال التقديم على القبول الموازنة في كلية الصيدلة بجامعة ميسان وعلى النفقة الخاصة ، حيث تم قبول الطلب في هذه الكلية ، وبما ان ( يحيى ) يعيش ظروفا مادية صعبة ، استطاع وزير العمل الحصول على خصم 50 % من اجور الدراسة ولمدة 3 سنوات .
فكانت هذه قصة واحدة من مجموعة قصص عن انسانية ووطنية تحمل في طياتها مشاعر وزير واحساسه بمظلومية المجتمع ولعل هذه القصص قد لا نجدها حتى في المجتمعات الديمقراطية والمتمدنة والغربية ، وبالتالي علينا نحن جميعا سواء كنا بسطاء او مسؤولين اوسياسيين ان نعي اهمية المجتمع ووجوب تحقيق اماله وطموحاته المشروعة لان المجتمع باق والوجوه تتغير مع تقادم الزمن الا الشخصيات والرموز الوطنية التي تتحلى بالنبل والاخلاق والنزاهة فتبقى صورها واسمائها عالقة في الاذهان .