تمر الأيام والسنين كلمح البصرلتخطف من ساعات العمر ما هو أجمله لتحولها الى واحة من الذكريات في لقطات صورية رائعة لتخزنها في الذاكرة وتبقى عالقة مهما دار بنا الزمن وكأن عقارب الساعة تتوقف لتعرض مشهداً درامياً كان أو تراجيدياً تلك هي الطفولة البريئة بخصوصياتها الجميلة , وأذكر من طفولة مدينتي العزيزة حاراتها العتيقة وأسواقها القديمة والتي تزخر بشتى أنواع المهن والحرف اليدوية التي جعلت من شنكال تراثاً حضارياً وبلداً غنياً بتنوع نسيجه الأجتماعي كحديقة غناء وارفة الظلال يستظل بفيئها جميع الملل والنحل بطوائفه ومذاهبه وقومياته , ومن أروع ما شاهدته في السوق الفوقاني كما يحلو لأهل شنكال الأصلاء تسميتها دكاكين صغيرة ذات بناء تقليدي مؤصدة بأبواب خشبية تخفي وراءها حكاية مهنة تستوقف الرائي ساعات لينبهر بما تجود به أناملهم الذهبية وعملهم اليدوي كأنها مصانع محلية تعرض بضاعتها على رفوف أكل عليها الدهر وشرب منهم على سبيل المثال لا الحصر مهنة الكججي والقوندرجي واللحيمجي والصولبندي وصانع الخناجرالبهنامية نسبة الى بهنام الذي كان يمتهن تلك المهنة الدقيقة , لكن القدر خطف العديد منهم ليتم وأد تلك المهن في مهدها حتى توارت عن الأنظار بعيداً عن التكنولوجيا الحديثة وعصر الحداثة وجيل الآيفونات الذين أفقدوا بثقافتهم المزعومة كل ما ينتمي الى أصالة شنكال لاسيما بعد الهجمة البربرية لعصابات داعش لتغتصب طفولة مدينتي وتتحول الى مدينة أشباح تتلاطم في حاراتها صرخات النسوة وأنين الأطفال وعويل اليتامى والأرامل , هكذا نحرت مدينتي البريئة من الوريد الى الوريد على يد أعتى منظمة إرهابية عرفها التأريخ المعاصر للعراق , فسلام عليك يا شنكال يوم قتلت ويوم تنفخ فيك الروح لتعودين للحياة مع عودة أهلها الطيبين وتعود شنكال الى طفولتها