17 نوفمبر، 2024 7:34 م
Search
Close this search box.

شمّة ضد شمّة

لعل من المفيد لوزارات الخارجية العربية أن تطبع دليلاً توزّعه على جميع الوفود الدبلوماسية والثقافية والفنية المسافرة إلى الخارج، ويضمّ الدليل صور جميع سفراء إسرائيل لدى دول العالم، لكي نتعرف على سحناتهم، ولا يمد أحد يداً لمصافحة بريئة تنقلب عليه وبالاً. ومن الضروري توزيع الدليل المصوَّر على ملكات الجمال أيضاً، فكم من حسناء عربية تورطت بمصافحة زميلة لها في مسابقة عالمية ثم وجدت صورتها وتحتها عنوان خطير: «ملكة جمال لبنان تصافح ملكة جمال إسرائيل». يا للهول..!

«اعرف عدوّك بالاسم والصورة». هذا هو العنوان المقترَح للدليل. أما عنوان هذا المقال فهو مستوحى من الفيلم الشهير «كرامر ضد كرامر». غير أن المواجهة المقصودة هنا ليست بين الزوجين داستن هوفمان وميريل ستريب المتنازعين على حضانة الأطفال، بل بين الفنان العراقي نصير شمّة وسفير إسرائيل لدى «اليونيسكو» كرمل شمّة. ففي حفل جرى في باريس، الأسبوع الماضي، بمناسبة تسمية عازف العود سفيراً للسلام، تقدم العشرات لتهنئته ومصافحته والتقاط الصور معه، وكان من بينهم شخص قدّم نفسه بأنه من أصل عراقيّ، وتبادلا بضع عبارات ودية والتقطا صورة مشتركة ومضى كل إلى غايته. وفي اليوم التالي ظهرت الصورة في الصحافة الإسرائيلية مع خبر يؤكد أن الفنان العراقي صافح سفير إسرائيل، ووعده بأن يقدم حفلاً موسيقياً عندهم.

سارع شمّة العراقي وأصدر بياناً يؤكد فيه أنه صافح شمّة الآخر، مثلما صافح غيره، دون أن يعرف أنه سفير إسرائيل. قال: «أومن بالسلام والعدالة، ولا أرفض إنساناً على هذه الأرض، على أن يأتيني بوجهه المعلن، لا كما تصرف السفير الإسرائيلي بنشره صورة أو خبراً أنا منه براء لجهلي بمن كان، براءة الذئب من دم يوسف».
أما كان على الوزراء والسفراء والمسؤولين العراقيين الكبار الذين حضروا الحفل، أن يعرفوا شكل كرمل شمّة، رجل المخابرات السابق والسفير اللاحق ويتوقعوا وجوده؟ إنه الرجل الذي قاطع بصفاقة أعضاء المجلس التنفيذي لـ«اليونيسكو» عندما كانوا مجتمعين لإصدار قرار يعتبر المسجد الأقصى تراثاً إسلاميّاً خالصاً. وقال لهم: «لماذا أنتم جالسون هنا تضيعون الوقت بما لا يفيد؟ من الأفضل أن تذهبوا إلى (ديزني لاند). ادفعوا 45 يورو لتذكرة الدخول وتمتعوا بتسلية حقيقية». وبعد التصويت على القرار أخذ نسخة منه ورماها في سلّة المهملات، أمام الصحافيين. وقد أشرت إلى هذه الواقعة في عمود سابق هنا.
يخيّل إلي، أحياناً، أن هناك عصا سحرية تطارد كل فنان عربي يتألق في باريس لكي تضربه وتقضي عليه. وأمس احتلت الصحف صور عازف البوق اللبناني المبدع إبراهيم معلوف مع خبر يشير إلى تحقيق يجري معه لأنه تبادل قبلة، قبل ثلاث سنوات، مع مراهقة فرنسية معجبة به، وأرسل لها رسالة هاتفية مثيرة. وكان عنوان الخبر يشير إلى اعتداء جنسي. لكن النائبة العامة صرّحت بأن الأمر لم يكن اعتداء لأنه جرى بموافقة البنت، لكنه تقرّب من قاصر. والبنت التي سكتت سنوات، نطقت بعد يوم واحد من منح العازف اللبناني جائزة «سيزار» المرموقة لتأليفه أفضل موسيقى لفيلم فرنسي.

حين صعد الفنان الجزائري الشاب خالد في سماء الغناء الفرنسي كالشهاب، ونال جائزة أفضل أغنية عن «عايشة»، بدأت الصحف تنشر أخباراً عن قيادته سيارته بسرعة عالية وعن عنفه مع زوجته. لقد دعوه للمشاركة في حفل غنائي في القدس، عند حائط المبكى، لكنه لم يذهب. وبعدها لم يعد أحد يراه على شاشة التلفزيون الفرنسي. والأمر ذاته حدث مع الشاب مامي الذي كان في أوج شهرته يوم اتهمته مصورة يهودية بأن نساء من معارفه حاولن إسقاطها وهي حامل منه. ودخل مامي السجن لسبع سنوات في فرنسا، وانتهى اسمه فيها. وآخر الحكايات ما جرى للمغني المغربي الصاروخي سعد المجرد. جاء إلى باريس لإحياء حفل غنائي، وسهر مع شابة من المعجبات، وتعشيا وشربا ومضت معه إلى غرفته في الفندق. وفي الصباح التالي اتهمته بالاعتداء عليها. وهو ما زال قيد الاعتقال، منذ الخريف الماضي، لاستكمال التحقيق.

لن يكون سهلاً طبع دليل بصور كل غانيات باريس.

* نقلا عن “الشرق الأوسط”

أحدث المقالات