الارهاب بكل أنواعه وباء خطير وظاهرة عالمية تهدد أمن واستقرار جميع دول العالم لما له من تأثيرات سلبية على المجتمعات وعلى حياة الناس الآمنين ويهدد السلم المجتمعي والتعايش السلمي بين المكونات المجتمعية, حيث أن جميع أنواع الارهاب يحمل خلفية متطرفة سواء كانت دينية أو سياسية ويستخدم كل الأساليب لتحقيق أهدافه ونشر مبادئه بين الناس, ومن هذه الأساليب اباحة القتل الوحشي والتدمير والانتهاكات الجنسية والجسدية, وجميع الأساليب التي ينتهجها الارهاب هي اساليب وحشية ومخالفة لجميع الدساتير الدينية والانسانية والدولية.
داعش هو أحد أخطر أنواع الارهاب الذي ظهر في العالم وكما هو معلوم للجميع فانه يتستر بغطاء الدين ويتبنى التشدد الديني والتطرف في الأفكار وايديولوجياته خطيرة فهو يُكفّر كل من يخالف أفكاره ومعتقداته, وبعد التكفير يقوم بهدر الدم وتنفيذ أحكامه بشكل مباشر وعلني أمام الناس ليفرض قوانينه وينشر الرعب والخوف في قلوب الناس الأبرياء, ويستخدم التنظيم عمليات التفجير داخل التجمعات الجماهرية الكبيرة بواسطة السيارات الملغمة والانتحاريين الذين غُسلت أدمغتهم وهدفه ايقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر في الأرواح والمعدات ليبث الخوف والرعب بين الناس وليفرض سلطته بالقوة.
لقد عانى العالم بأسره من ويلات تنظيم داعش ولكن العراق وسوريا كانتا أكبر المتضررين حيث اختارهما التنظيم مقراً لدولته الارهابية المزعومة فتسبب بتدمير مدن كثيرة في البلدين تدميراً كاملاً وأزهق الأرواح البريئة ودمر الاقتصاد والبنى التحتية والمواقع الأثرية التي لاتقدر بثمن ,وباختصار دمّر كل شيء.
ما أريد قوله بأن عالمية الارهاب وتشابه أهدافه وأساليب تنفيذ أهدافه المتشددة يجعل الأمر يحتاج الى وقفة دولية حاسمة وتعاون مشترك وصادق من جميع دول العالم للقضاء عليه وتجفيف منابع تمويله وهذا يتطلب عقد مؤتمرات دولية لبحث سبل التعاون المشترك في كل المجالات وخاصة الاستخبارية منها وتبادل المعلومات حول أفراد التنظيم والعمل على القضاء على بؤره وخلاياه المنشرة وكذلك يحتاج الى تشديد القوانين والاجراءات ضد كل المتورطين في الانتماء لهذا التنظيم علاوة على ذلك يتطلب التعاون العسكري المشترك في شن الحرب على أماكن تواجده الكبيرة مثل العراق وسوريا لغرض القضاء عليه وانهاء خطره على كل دول العالم.
مايحدث على أرض الواقع أمر مؤسف للغاية فمعظم دول العالم تؤيد في العلن هذا التعاون للقضاء على الارهاب ولكن في الواقع مواقفها وأفعالها تأتي مخالفة لذلك وهذا يثير الكثير من الشبهات والتساؤلات ويفتح الباب لاطلاق الاتهامات لهذه الدول بتورطها مع الارهاب أو انها هي التي أوجدته لتحقيق مصالح استراتيجية واقتصادية لها, وما حدث ويحدث في العراق وسوريا من حرب ضروس ضد داعش والموقف الخجولة من معظم دول العالم في الاشتراك فيها والتي تهدد أمن العالم بأسره وتركهم للعراق وسوريا يتحملون وزر هذه الحرب الكبيرة والتي أنهكت البلدين وتركت آثارها المدمرة على البنى التحتية والاقتصادية فيها يجعلنا نتسائل ونضع علامات الاستفهام الكثيرة حول هذه المواقف والنوايا التي تختبيء خلفها, وما يؤكد هذه الشكوك هو موقف معظم دول العالم وخاصة الأوروبية منها من قضية رفضهم لاستقبال مواطنيهم من أفراد التنظيم بعد إخراجهم من سوريا حيث أن المنطق يفرض أن تستلم كل دولة مواطنيها وتقوم بمحاكمتهم وفق قوانينها عن جرائمهم الكبيرة ضد الانسانية لكي ينتهي هذا التنظيم ويتخلص العالم من خطره وشروره, وهذه الجرائم البشعة التي قاموا بها لاتحتاج الى أدلة صعبة لأنها موثقة وواضحة للعيان وتناقلتها جميع وسائل الاعلام بالصوت والصورة ووثقتها الكثير من المنظمات الأممية والدولية, ولكن اصرار حكومات هذه الدول على رفض استلامهم بحجة المطالبة بمحاكمتهم في الدول التي اقترفوا بها جرائمهم لهو (عذر أقبح من ذنب) ويبعث على الريبة والشك ويحتاج الى وقفة من كل الخيرين في هذا العالم للضغط عالمياً وشعبياً على هذه الدول لتغيير مواقفها والتعامل بجدية للقضاء على داعش نهائياً وانقاذ العالم من شروره.