17 نوفمبر، 2024 8:39 م
Search
Close this search box.

شكل الحكومة…سياسية بأمتياز

شكل الحكومة…سياسية بأمتياز

يمر العراق اليوم بأنعطاف سياسي مهم قد لا ندرك اهميته بشكل كامل قبل ان يمضي عليه زمن لنتعرف على نتائجه ولو الاولية منها. انه حدث سياسي كبير ان يغير العراق رئاساته الثلاث مرة واحدة, فقد تمكن القائمون على العملية السياسية و نتيجة ضغط المرجعية و ما صاحبه من ضغط محلي و دولي, ان يغيروا رئاسات الجمهورية و البرلمان و الوزراء. اما الرئاسة الرابعة (رئاسة السلطة القضائية) فنعتقد انها في طريقها للتغيير الحتمي لانها كانت مجرد اداة طيعة بيد السلطة التنفيذية.

منذ اليوم الذي خرجت فيه القوات الامريكية, بدات الاجراءات الحكومية تسير بالعراق الى مصير اسود على كل الصعد, حتى وصلنا الى حافة الانهيار او الانهيار غير المعلن. و جاءت عصابة بسيطة اسمها داعش لتعلن هذا الانهيار في صبيحة 10 حزيران 2014 من خلال هجوم استمر لساعات قليلة سيطرت فيه على اكثر من ثلث البلاد و استولت على اموال طائلة و معدات 6 فرق عسكرية و احدثت شرخا كبيرا في النسيج الاجتماعي العراقي من خلال النزوح و الهجرة التي طالت جميع فئات المجتمع و تلاوينه, لنكتشف اننا اليوم في زمن جديد, في ساعة صفر اخرى, او في بداية على خط شروع جديد لبناء الدولة. فطالما تمنى البعض ان يعاد احتلال العراق, ليحضى الشعب بفرصة لبداية جديدة بعد ان يأس من التصحيح. و الكلام عن الاسباب: طغيان الحكومة و الطائفية و الفساد و المليشيات كثير و معروف و ليس لنا رغبة بالعودة له.

كتبنا قبل شهرين (دعوة المالكي للتنحي) و (حصتنا في حكومة المحاصصة الجديدة) و (الخروج من الازمة الراهنة و القضاء على الارهاب) و (تحية لمبادرة النجيفي) لاعلانه عدم ترشحه لرئاسة مجلس النواب متمنين فيها موقفا مشابها من المالكي, و سلسلة من مقالات اخرى في نفس السياق, لكن العدو و الصديق استهجن علينا ارائنا, لان شراسة الحكومة في حينها قد وصلت الى حدودها القصوى, فمنعت وسائل اعلام كثيرة و مواقع التواصل الاجتماعي, و أرادت تكميم الافواه, و الغاء حاستي السمع و البصر و مارست الاستبداد و الخطف و التهديد و الاعتقالات و الاقصاء و الابعاد و الرشوة السياسية, في ظل اوضاع امنية و اقتصادية و خدمية بائسة, تاركة المواطن في حيرة من امره, ايدافع عن نفسه من هجمة محتملة لداعش, ام من سطو مليشياوي أو من عمليات دهم سلطوية!؟ هذا هو حال الانهيار التام الذي تمنينا فيه (اعادة احتلال العراق). انه ليس تبجحا او فخرا ان تأتي النتائج اليوم, مثلما توقعناها قبل شهرين في سلسلة من المقالات منشورة بتواريخها في مواقع اعلامية مختلفة, بل ان ما كتبناه كان لا يتعدى عن كونه امنيات كان يمكن ان لا تتحقق, و ان تحققت اليوم مقدماتها, فذلك يعني ان الهاجس بتلك الاماني (هاجس الخوف من حكومة فاشلة و في طور التحول الى دكتاتورية جديدة, و ضرورة التخلص منها بالوقت المناسب) كان هاجسا مشتركا لشريحة واسعة من ابناء هذا الوطن. و ما يفرحنا ان هذا الهاجس كان لدى الطبقة السياسية ايضا و خصوصا لدى زعماء كثر من حزب الدعوة و دولة القانون, ونستطيع ان نتخيل المأزق الذي كانوا فيه و صعوبة لحظة الانعتاق التي كلف فيها العبادي بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة.

تكثر اليوم عملية تبادل الاراء حول شكل الحكومة: حكومة تكنوقراط, حكومة كفاءات, حكومة رشيقة, مختلطة من خبرة وشباب. كما ان رغبة عارمة بترشيق عدد اعضاءها يصطدم برغبة الحصول على امتيازاتها الواسعة تحت لافته توسيعها لتضم الجميع…و سيكثر الحديث وسيرفع الخجل يوما بعد يوم بمطالبات عالية الصوت بمغانم اكبر…

رأينا في الحكومة الجديدة هو التالي:

* أذا سلمنا بالامر ان الحكومة المنتهية مدتها حكومة فاشلة, فالاولى ان لا يستوزر منها وزير في الحكومة الجديدة, ما عدى حسين الشهرستاني, أذ انه وراء الميزانيات العالية (مئات المليارات) التي بددها الاخرون طوال الاعوام الـ 8 المنصرمة. و كذلك هوشيار زيباري لاداءه المميز.

* سوف لن تغادر المحاصصة الحكومة المقبلة, و سيتم التركيز على نتائج الانتخابات (التافهة) في حساب الحصص الوزارية, لا بأس في ذلك, لكن يجب ان تكون حكومة اقطاب سياسية, لان ازمتنا الحقيقية هي ازمة سياسية, و لا معنى لوجود كفاءات و تكنوقراط مسلوبي الارادة, او ان اراداتهم السياسية تملى عليهم من رؤساء الكتل و الزعماء السياسيين. الاجدى ان تتكون الحكومة من الزعماء انفسهم او اقوياء منتدبون من الزعماء السياسيين. بمعنى (و هي امنية ايضا) ان يكون علاوي و الشهرستاني و الجلبي و محمود عثمان و النجيفي و يونادم كنا و برهم صالح و نشيروان مصطفى و زيباري و اياد السامرائي و فيان دخيل و صولاغ و المشهداني و ضياء الاسدي و جواد الجبوري و احمد خلف الدليمي, وانعهام العبايجي, و غيرهم من قادة الصف الاول و الثاني وزراء في الحكومة الجديدة. ان حكومة من هذا النوع سوف لن تكون بحاجة الى نائب رئيس وزراء, و سوف لايقوى فيها طرف على طرف اخر, و لن يتمكن رئيسها او اي وزير فيها بتمرير اجندته على الاخرين. حكومة من هذا النوع سيحترمها الشعب و دول الجوار و المحيط العربي و الاقليمي و المجتمع الدولي. أنها كما اشار علاوي (حكومة اقطاب).

* الوزارات في الحكومة الجديدة, يجب ان تكون قليلة العدد: الدفاع, الداخلية, الخارجية, المالية, التخطيط, العدل, العمل و الشؤون الاجتماعية (تدمج معها الهجرة و حقوق الانسان و المرأة), التربية و التعليم العالي (و تدمج معهما وزارة العلوم و التكنولوجيا), وزارة (الزراعة و الري), وزارة الطاقة (النفط و الكهرباء), وزارة (الصحة و البيئة), وزارة (الصناعة و التجارة), وزارة (الثقافة و الرياضة), وزارة (النقل و الاتصالات), و وزارة (البلديات و الاسكان).

* الامنية في حكومة رشيقة قد تصطدم برغبة البعض العارمة بالحصول على اكبر قدر من الوزاراة تحت لافتة توسعة الحكومة بغية مشاركة الجميع. هذا الاشكال يمكن ان يحل بأعتماد وكالات الوزارات و الهيئات المستقلة و بعض المديريات العامة المهمة كحصص مثل الوزارات و لكن بنقاط مفاضلة اقل. بمعنى ان توزع المناصب كنسب و ليس كأرقام. مع شرط حاسم هو نوعية الاختيار.

* اثبتت السنوات المنصرمة ان البرلمان ايضا بحاجة ماسة الى سياسيين من الطراز الاول يمنحونه هيبة الصراع السياسي المتزن, كالاديب و العامري و المطلك و حسن الشمري و المساري و عدنان الجنابي و خلف عبد الصمد و محمد السوداني و البياتي و الاعرجي و الالوسي و فائق الشيخ علي و اخرين, و نأسف اننا افتقدنا صباح الساعدي و مهى الدوري و وليد الحلي و الهنداوي و ناجحة عبد الامير.

* و عندما يبقى البرزاني و الحكيم و الصدر و الجعفري و بعضا من رجال دين و شيوخ كصمامات امان للعملية السياسية نكون جميعا في مأمن من خراب اخر. و قريبا لنا وقفة من امنياتنا لمهام الحكومة المقبلة. و اهمها, ان لا تأتي فقط بوزراء جدد بل ان تقصي و تبعد رعيل المعشعشين في العتمة من وكلاء و مدراء و مستشارين و ناطقين في كل زوايا الوزارات فهم اساس الخراب. و نتمنى ان تبدأ الحكومة بأول يوم لها و مباشرة بعد اداء اليمين, برفع السيطرات من الشوارع الداخلية و الخارجية, و الغاء هيئة الاعلام و تحديدا غلق قناة العراقية و تسريح كل العاملين فيها.

أحدث المقالات