23 ديسمبر، 2024 2:32 م

شكرا للرئيس الإيراني..!!

شكرا للرئيس الإيراني..!!

شكرا للرئيس الايراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد ، لأنه أراد إختتام فصل رئاسته المثيرة للجدل بزيارة العراق ، البلد الجار والمهم والحيوي بالنسبة لإيران ، والذي يعد مفصلا رئيسيا في السياسة الإيرانية ، ربما يعادل أهمية برنامج إيران النووي وقضية تخصيب اليورانيوم بالنسبة للطموحات الإيرانية،  التي تعد العراق بأنه كان أحد قلاع بلاد فارس في حقب موغلة في التاريخ قبيل الإسلام.
شكرا للرئيس الإيراني لزيارته بغداد ، ولقائه كبار المسؤولين الذين سيحتفون بقدومه ، له الفضل بإرساء دعائم العملية السياسية في العراق ، ورسم معالم السياسة التي يسير عليها كبار الحاكمين في هذا البلد، والتي تلقى إشادة مستمرة من الجانب العراقي بوقوف إيران الداعم لها في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة، بل ان هناك من يقول للزائر الإيراني ( ياشيخنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل ) !!.
شكرا للرئيس الايراني لان زيارته الى بغداد لابد وان تحمل أكثر من معنى ودلالة ، في وقت تمر به العملية السياسية ربما في مفترق طرق، قد تشكل مخاطر على المستقبل الإيراني،  اذا لم يتم تداركها قبل فوات الأوان، لأن أي متغيرات تحصل في العراق لابد وان تترك تأثيراتها على مجمل أنشطة السياسة في طهران، وعموم المنطقة.
شكرا للرئيس الايراني الذي يريد تأكيد زعامة بلاده وإثبات قدرتها على ان بمقدورها ان تفرض أيدلوجيتها على دول المنطقة ، وان يكون لها القدح المعلى في وضع لمسات العلاج لأي خلل او توتر في أزمة الحكم الداخلية التي تعاني من التأرجح والانفلات على اكثر من صعيد.
شكرا للرئيس الايراني أحمدي نجاد لانه سيؤكد مجددا دعم طهران لسوريا ولقيادة بشار الأسد انطلاقا من اقرب موقع للشام الى بغداد ، وليقول لبلاد العرب ان أذرع طهران تمتد من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان..
شكرا للرئيس الايراني لانه يريد الاطمئنان من واشنطن ومن مواقفها ازاء طهران من اقرب مقربيها في العراق بأن طهران لن تكون يوما الا مساندة لاية خطوة تخطوها الولايات المتحدة في هذا البلد، وربما يريد من خلال هذه الزيارة ارسال رسالة الى واشنطن في ان طهران تعبر عن فائق شكرها وتقديرها للولايات المتحدة التي تقاسمت معها النفوذ في العراق، ولديهما سياسة وفاق بشأن مصير العراق، فهما اللذان يقرران مصير هذا البلد ، ويتحكمان بمقدراته لامد غير قريب، وقد حققا أعظم اهدافهما بان تم إضعاف قدرات العراق واخضاع مشيئته لإرادتي البلدين ، وهي معجزة تستحق رد الشكر وتقديم قرابين الولاء والطاعة والغفران على ماقدمته الولايات المتحدة لإيران في ان يكون لها القدح المعلى في تقرير شكل نظام الحكم في العراق ، وكيف ترسم مستقبله بتوافق مع رغبة الغرب بأن يكون العراق المدخل للسيطرة على مقدرات المنطقة، وقد تحققت نبوءات كل من واشنطن وطهران في انهما هم من يقررران مصير هذا البلد وشكل السياسة التي ينبغي ان تكون.
شكرا للرئيس الإيراني لأنه أراد ان يعيد أمجاد إمبراطورية فارس بأن تتناغم مع امبراطوريات الروم والافرنج وعموم بلاد الغرب ، في أن يرسما شكل النظام السياسي في العراق، وهما اللذان يضعان صورة المسقبل الذي يفترض أن يكون، لان شعبه ما زال ( قاصرا ) ليس بمقدوره لعقود بعد الان أن ينهض من كبوته، وان دخول العراق سيمكن الطرفين من اخضاع كل دول المنطقة لمشيئة الطرفين المتناغمين في العشق والغرام.
شكرا للرئيس الايراني لان غزل طهران لواشنطن وغرامهما لم ينقطع يوما، رعم ان طهران حاولت أن تلعب مع واشنطن لعبة ( حية ودرج ) ، لكن واشنطن كانت تراقب اللعبة عن كثب ، ثم تراجعت طهران بعد إن وجدت ان العين الأميركية أزاءها ( حمراء ) ومتفتحة ، حتى وان اغمضت عينيها ، بل ربما هناك من يقول ان العلاقة بين الطرفين في أشد حالات الوصل، حتى وان أظهر الغريمان ان لعشقهما حدودا وخطوطا حمرا ينبغي احترامها، حتى لايختلط الحابل بالنابل، وربما تضيع على الطرفين سبل الامساك بالمقود العراقي، عندما يحصل أي اختلال في توازن القوى في ظرف قريب.
شكرا للرئيس الايراني لزيارته الى بغداد لتأكيد ان العلاقة بين الطرفين أسهمت في استقرار سوريا ونظامها، ولم يكن بمقدور الشعب السوري أن يطيح بحكومة بشار الاسد رغم كل الضربات الموجعة التي تلقاها ، وقد وقفت طهران بكل جبروتها وقواتها العسكرية الى جانب الأسد لتؤكد ان زمن الهلال الايراني  مازال حلما قريب المنال،  وان امبراطورية فارس يمكن ان تمتد من الفرات الى النيل بالتوافق مع احلام واشنطن وتل ابيب، في إخضاع العراق لمشيئة هذا الكيانات، وابقائه ضعيفا لاحول له ولا قوة، وقد تحققت أحلام طهران وواشنطن في غياب دور العراق الاقليمي ، وفي صعود نجم طهران وواشنطن في تقرير سياسات المنطقة واخضاع دولها لمشيئتها ، دون ان يكون هناك من ينازعهما على هذا الدور.
شكرا لزيارة نجاد لبغداد ، فبعد قرون من الابتعاد عن الوطن الأم ، كما يحلم الحاكمون في إمبراطورية فارس ، وبعد قرون من الانفصال، تعود اواصر العلاقة في اطار فدرالي يوفر لايران امكان ان تتوائم مع العراق، بأتجاه الشام وبيروت مرورا بمصر وبلدان اقريقيا العربية وغير العربية وتقيم امبراطورية ” اسلامية ” تحت العرش الإيراني ، ولا مانع من تبارك واشنطن لطهران مثل هذه الرغبة، بل الحلم الذي طال انتظاره منذ قرون!!
قد يحلم نجاد ومن بعده روحاني ومن قبله رفسنجاني وآخرون كثيرون من الزعامات الايرانية بأن يكون العراق ضيعة من بلاد فارس، ولكن عرب العراق من كل مكوناته لن تسمح لطهران بتحقيق هذا الحلمّ، كما إن بلاد فارس تعلم علم اليقين بأنها كانت قد تقت ضربات  موجعة قبل الإسلام، مثلما تلقت قبل سنوات ضربات أفاقتها من طغيانها ، عندما تحطمت أحلامها على صخرة صمود العراقيين، الذين مرغوا انفها في التراب، أكثر من مرة وشواخص التاريخ البعيد والقريب شاهدة على ذلك.. ولتعلم طهران أن ابتلاع العراق مرة أخرى هو أبعد اليها من منال الشمس.