ربما تعد السيارة ، أداة الترفيه الوحيدة للعائلة البغدادية ، لكن كلما نظرت إلى سيارتي ، تنتابني مشاعر الإكتئاب ، إذ تجول بخاطري أجور الغرامات الباهضة ، ورسوم تجديد السنوية وإصدار إجازة السوق ، وتصديق الوكالات و المصائد “الذكية” التي تتصيد الغافلين و وسوقنا كالأغنام لإقتناء بطاقات البنزين وغيرها ، والأشد من ذلك الزحامات المرورية التي لا تُعقل ، فالحل أكبر بكثير من مجرد فتح مجسّر هنا ، وترقيع شارع هناك للقضاء على الزحام المروري ، والدليل أن كل تلك الخطوات العرجاء ، لم تخفف من الزحام الشديد والقاتل في أهم شريانين من شرايين النقل في بغداد ولو بقيد شعرة ، هما طريق (محمد القاسم) و(سريع القناة) ، وحتى سريع الدورة ، بل العكس هو الصحيح ، زحامات تسبب هدر الملايين من لترات البنزين يوميا ، والتي يدفع ثمنها المواطن .
مطالب ثورة تشرين وئِدتْ الواحدة تلو الأخرى ، كان منها إلغاء مجالس المحافظات بإعتبارها زائدة دودية تسبب هدر المليارات ، لكنها عادت رغما عنّا بقرارات من دهاليز الحكومة ، باب من أبواب الفساد الكبير وبمقتضاه إستمرت عجلة تدوير نفايات السياسة ، مئات الشباب قضوا لأجل هذه الثورة ، وآلاف الجرحى ، دون تقديم قاتل واحد إلى القضاء ، أو لص واحد ، بل على العكس ، نراهم أحرار يتمتعون بقرارات الإعفاء ، وإرتفع سعر صرف الدولار ، ولا تزال الحكومة عاجزة عن مجرد تثبيت سعره ، كل ذلك والحكومة تلاحق المواطن لنهب ماله بلا هوادة .
في جميع أنحاء العالم المتحضر ، يكون المواطن مخيّر بين الدفع (كاش) ، أو بالبطاقة ، إلا نحن ، فما أحرص الحكومة على أموال المواطنين !! ، لا يمر يوم ، دون أن نكتشف أن الغلاء قد إعترى سلعة ما ، أما رفع أسعار البنزين ، فتلك كارثة لأنها سترفع سعر حتى باقة (الكرفس) ، لأنها تمس النقل ، والنقل هو شريان السوق ، والحكومة تتحجج بجشع التجار ، وهو ليس كذلك لأن السبب هو تخبط الحكومة وعجزها التام عن معالجة التضخم ومحاربة الفساد .
المواطن لا يكاد يصحو من ضربة حتى تأتيه أخرى ، كالغرامات المرورية التي قد تكلف المتقاعد راتبه الشهري ، كذلك جميع الرسوم الحكومية التي كانت بالسابق أجور رمزية ، الذي تسببه فخاخ الكاميرات “الذكية” ، وأكثر من نصف الإشارات المرورية في جانب الرصافة لا تعمل ! ، عدا تهالك الطرق ، ثم ما سر هذا التهافت على بطاقات الدفع الإلكترونية ؟ ، فمن حق المواطن أن يتوجّس من ذلك لأنه ثقته بالحكومة معدومة ، وهو يعرف إنها متجهه للجباية بأقصى ما يمكن ، ما الغرض الخفي منها؟ ، لا يعلم ذلك إلا الراسخون في الفساد .
إستبشرنا خيرا من خبر إقترابنا من الإكتفاء الذاتي لإنتاج البنزين (السيء جدا) بعد تأهيل مصفاة كربلاء وبيجي ، لكننا فوجئنا بالحكومة وهي ترفع أسعار البنزين بنسبة كبيرة بشكل مترافق مع خبر الإكتفاء المزعوم ! .