23 ديسمبر، 2024 8:24 ص

شـهداء بـلا رفـات….

شـهداء بـلا رفـات….

لطالما حضي الشهيد او المناضل بأهمية كبيرة في نفوس محبيه وكانت ولاتزال العشائر تتفاخر وتتغنى بأروع القصائد عن شهيدها الذي يسقط في ارض المعركة  وهو يبذل مهجته من اجل درء الخطر عن بلدة او معتقدة وبشكل أساسي يطلق لقب الشهيد في الإسلام على من يقتل أثناء حرب مع العدو، سواء أكانت المعركة جهاد طلب أي لفتح البلاد ونشر الإسلام فيها، أم جهاد دفع أي لدفع العدو الذي هاجم بلاد المسلمين. وقد ذكر النبي محمد رسول الله”ص”: (من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه في سبيل الله). وكذلك من مات غريقا أو محروقا فهو شهيد.

فحتى عصور الجاهلية كانت هي الاخرى تهتم بقضية رجالها الشجعان الذين يسقطون دفاعا عن عشيرتهم ولا يعدونه من الاموات لأنه يعد كما لوكان حيا يفتخرون بة على مر الدهور فعلاقة الشهيد بعشيرته واهتمامها بالشهيد “آو الفارس –الشجاع مع اختلاف التسمية  هي ليست  اوجدها الاسلام واعني العلاقة  بل هي تعد ثقافة متجذرة في النفوس بنيت على عدة مرتكزات لسنا بصددها

انا لست بصدد التفتيش في المكتبة العامة للوثائق او لا أكتب مثلا اطروحة الماجستير في التاريخ واقلب احداث التاريخ الموغلة بالقدم لا ابحث في اسرار وخفايا قد تنفعني في بحثي او ابحث في موضوعة  احتمال وجود رفات لقتلى في الحرب العالميتين الاولى او الثانية او ابحث عن شهداء معارك الثمانينيات من القرن المنصرم في معركة كانت خاسرة لمدة(8)سنوات مضت  او رفات لقتلى اسرى محتملة للكويت في عهد التسعينيات  أو لشهداء الانتفاضة الشعبانية المباركة عام1991جنوب ووسط العراق ضد نظام البعث المقبور آنذاك ,انما اقلب اوراقا حمراء اشد حمرة من دماء شهدائنا الطاهرة الزكية  في عام 2014 الذي يعج بالمفاجأة 

في الحقيقة انا لا اكتب شيء من الخيال واتصور احداثا لم تقع وليس لها على الارض من وجود انما انقل حقيقة ساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار انها الحقيقة التي لا يستطيع الغربال حجبها ؟

انني  اوثق للتاريخ عن احداث نهايات عام 2014 الذي نعيشها  الساعة والمليئة  بالمفاجئات لقد خنقتني العبرة وانهمرت الدموع التي لا يستطيع بالفعل هذان العاجزان الورق  والقلم ! ان يعبران عن ما أريد ان أوثقه واسوقة للجميع ليتعرفوا عن حجم المأساة والمعناة اللتان وقعتا على عائلة الشهيد الطيار مروان الساعدي  الملقب من قبل داعش “بطيار العمارة الذي اذاق الدواعش مر الهزيمة والقتل والذي مضى على استشهاده اكثر من 50 يوما ومصير جثة مجهول بل وفي محل النسيان او الكتمان  هذا اذا ما علمنا ان عملية اسقاط طائرته وعملية تصوير الاسقاط فيها الكثير من الشك 

الامر في غاية السخرية اذا لم تكن فقط رفات الشهيد مروان مجهولة بل اصبحت ظاهرة منذ شهداء سبايكر والى شهداء اخرون ربما لم يستطع الاعلام توثيق قصصهم .

انه لمن المعيب جدا ان تبقى هذه الجثث مجهولة المصير وان بقاء هذه الجثث هكذا سوف يشكل احباطا كبيرا لعوائل الجيش والقوات الامنية فضلا عن عناصر الحشد الشعبي الذين يتسابقون  للذهاب الى ساحات القتال ويشتاقون لقتال داعش لكن في المقابل عوائلهم ترغب في ان ترى جثث اولادهم الشهداء ليقيموا لهم رموزا “قبورا تزار وتبقى تحكي لأبنائهم قصص شهادة ابائهم الابرار في سوح القتال ,

انقل لكم قصة استشهاد احد اقربائي الشهيد تحسن الكعبي الذي استشهد يوم 15/11 في قاطع الانبار انها قصة تبدو من نسج الخيال لو لم اكن انا احدهم فعلا.؟ الامر بحاجة الى ان نقف معه طويلا ونتسأل  لمن يهمه الامر في قضية شهدائنا الذين سقطوا في المعارك ولم تستطع الحكومة من ايصالهم الى ذويهم فمنذ اكثر من 7ايام وعائلة الشهيد تحسن الكعبي تنتظر الجو عسى ان يحمل بشارة وصول جثمان ولدهم من قبل طيران غرفة عمليات الانبار والغريب في القصة  انه بعد ابلاغ عائلة الكعبي عن استشهاده لم تعرف العائلة الى اي جه سوف يتجهون واين سيجدون رفات شهيدهم وبدأت القصة بتلقيهم اتصال من احد الضباط في وحدة الشهيد وابلغوهم ان علاقتنا بالشهيد انقطعت واصبح امرها بيدها غرفة عمليات الانبار ومن جانبنا  سلمنا الشهيد وامر ايصاله اليكم صار خارج ارادتنا  وانتظروا في المطار وانتهى الامر!

وصلت العائلة الى المطار وهم في حالة لا توصف ولا ستطيع ان اصفها بما تسحق من وصف واذا بهم يفاجئون بمجموعة من العوائل هي الاخرى تنتظر من فترة الامر الذي خفف الوطء على عائلة الكعبي التي تنتظر منذ 7ايام فقال لهم احدهم ” انكم بقيتم 7ايام ووصل بكم الحال هكذا فكيف بنا ونحن منذ 9/10 ننتظر ان تصل تلكم الطائرة المشؤومة التي ستحمل لنا نباء وصول شهيدنا الذي ننتظر بفارغ الصبر ذلك ؟

نحن لا نعلم اي اسلوب هذا الذي تمارسه الحكومة   بحق ابائنا الذي فقدناهم ولم نستطع ان نكحل نظرنا ونقر اعييننا بلقاء الوداع ونواريهم الثراء في مراسيم العزاء المهيبة  التي  اعتدنا على اقامة لذوينا منذ الازل تلكم هي عاداتنا وتقاليدنا ونحن كمسلمين  نهتم جدا بدفن ذوينا ونقيم عليهم العزاء ونجعل لهم رموزا” قبورا تذكرنا بهم فستذكر بطولاتهم  وايام طفولتهم وصباهم ؟

لقد حملت عدة اسئلة أطرحها على من يهمهم الامر ان وصول عوائل الشهداء الى ذويهم في تك الوحدات صار مستحيلا حسب قولهم

ان السماء تريد احقاق الحق ولا ترغب مطلقا ان ترى هولاء الشهداء يفترشون الارض ويلتحفون السماء وربما تفترسهم الذئاب وتنهش جسدهم الطاهر الحيوانات المفترسة وغربان الظلام انها وصمة عار ستلاحق الجميع ؟ المسؤولية تقع على عاتق هؤلاء الذين سأتوجه بالسؤال لهم

ونفتح فيه النار على طاولة النقاش  وهي ان الحكومة متمثلة بأعلى سلطة ووزير الدفاع والداخلية والقيادات الامنية يجب عليهم تحمل مسؤولياتهم  فقد يقع عليهم واجب تسليم جثث الشهداء الى ذويهم مهما كلف الامر من تضحيات فلو كانت اسرائيل او أمريكا فقدت طيارا لها فأنها سوف لن تهدا لها بال  ابدا وتقوم الارض وتقعدها  حتى ترجع رفات قتيلها وقد يسبب ذلك سقوط للحكومة  احيانا عندما لا تستطع فعل ذلك ,فيما ان دور البرلمان الهزيل الذي يبدو وكانه بعيدا عن هذه المشكلة وقد يناى بنفسة وهو مخطا كثيرا فهؤلاء البرلمانيون الذين يقبعون  على كراسي الحكم هم وصلوا اليها باء صوات هذه العوائل .ولا ننسى دور منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية التي لم نسمع لها جواب  هي الاخرى ويبقى الدور المهم الذي لابد ان يمارسه الاعلام برسالته الانسانية لتصل الى ابعد نقطة والى مصدر القرار فيسمعه هول المصيبة  ووسائل الاعلام التي تدعي الحيادية والموضوعية هي مطالبة اليوم اكثر من اي وقت مضى بان ترسل برسائلها الاعلامية الناضجة التي تمثل هموم الناس وفي ذات الوقت نحن لا نعول عن الوسائل الاعلامية والصحافة الصفراء وهنالك دورا اخر لرجال الدين ومنابرهم وخطبهم يجب ان تنصب في ضرورة احقاق الحق وهذا واجبهم فالدين الاسلامي مهتم بقضية الجثة ودفن الاموات فضلا عن قيام مراسيم العزاء وزيارة القبور وقد يتطلب الامر ليس لرجل الديني العادي بل ليصل الى المرجع ليفتى بذلك.؟ وقد يتجاوز كل هذة المراحل انفة الذكر فقد يصل الى البعيد الى منظمة الامم المتحدة وللجان حقوق الانسان فهم ليسوا بمنأى من سؤالنا  ومهم مقصرون كل التقصير واقلها حقوق الانسان المحلية فهي  لم توفق في طرحها ؟

لقد تحولت قضية الشهداء بلا رفات الى قضية راي عام وهذا ما بات واضحا في قضية الطيار مروان حيث اقيمت في مدينته عدة مهرجانات وندوات واطلقت عدة صيحات تطالب الحكومة  ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان ووسائل الاعلام بان تقوم بدورها في كشف قضية اختفاء جثت الطيار وكذلك بقاء العديد من الشهداء مصيرهم مجهول فلا هم قتلى لا يواروا الثرى وتقام لهم مراسيم العزاء ولاهم اسرى ينتظرون قدوهم بفارغ الصبر وما بين هاتين الحالتين تعلو صيحات الرايء العام المحلي  بضرورة الاسراع في كشف وحقيقة ما يجرى لان هذه لم تكن الحالة الاولى فقبلها كانت سبايكر واحداث اخرى فاذا لم تستطع الحكومة فالعشائر طالبت بان تأخذ هي زمام الامور وتذهب الى المعارك لتحصل على جثث اولادها ويغلق الملف…