18 ديسمبر، 2024 8:38 م

شــهـــداؤنــا معــادلــة وجـــود

شــهـــداؤنــا معــادلــة وجـــود

عند وصف الشهيـد، تتجلى أسمى المعاني والقيم والعبر، فما بالك إن كان مجاهدا في سبيل الله والوطن، شخصية صنعت من اللا محال الف حال وحال، فغيرت المسارات الوجودية، لمعارضة الانظمة الدكتاتورية، بانتصارات وتضحيات، ووقفة صادقة وصادحة ضد الطغاة، من ليالي القصب والبردي في جنوبي العراق، وصباحات المقاومة وصنع الرجال الاشاوس في أراض الغربة، الى اللحظات التي رسمت ملامح الشهادة، فكانت النجف الأشرف مهدَهُ ولحدَهُ، ومنها تنطلق رحلة خلودهِ، بالمواقف الوطنية، ودعم المرجعية، والمضي بالبلاد نحو الأمن والأمان والاستقرار والازدهار، بقرار وطني عراقي خالص، وبمشاركة جميع مكونات البلاد، للحفاظ على العراق واحدا موحد، بعيدا عن كيد الاشرار ونيات التجار، ممن يعتاشون على العبث والقتل
والدمار.

محمـد باقـر الحكيـم أنموذجـا..!
شخصية تجلت فيها عظمة رفض الذل والهيمنة والعبودية والاستكبار والدكتاتورية، وسار في عروقه نهج السعي نحو العيش الرغيد لأبناء الشعب المنتهَكة حقوقه على بساط الطغاة، هاجر العراق فاتُهِمَ بالتهرب من حكم الطاغية صدام آنذاك، ليعود في عام 1991 ويوصل رسالته للعالم أجمع، بأن الحرية والمطالبة بالحقوق ليست مجرد شعارات، وأن ملحمة الموت لأجل الحياة باقية ومستمرة، في زمنٍ يصعب على الكثير الخوض في غُمار التحديات، ولد رجالُ التحديات، في الوقت الذي يُعدم فيه من يرفع رأسَهُ أو يتكلم فوه، في زمن الرسائل البريدية كانت رسالتهُ تُدوي العالم أجمع، وكانت شفهية بأننا هنا، وبأننا سندخل العراق شامخين، في وقتٍ لن تكونوا أنتم وهيمنتكم الطاغية موجودين على بقاع الأرض التي لا تتشرفون بالوقوف عليها، سنكون هنا حيث وُلِدنا، حيث زيَّنا التاريخ بحضارة العلماء، بمنهجية التوحيد، بروحية المُطالبة بِكُلِ ما يستحق الموت لأجله، سيسقط تاريخكم المعتوه، وستندثر الـ36 عامًا من العبودية، ليظهر زمنُ التحرير والوقوف برأس مرفوع، بكرامةِ وحقوق وحرية هذا الشعب المضطهد، فأمانة زعيمها الشيعي الراحل، لن تكون الا دينًا في أعناقنا، أن لم نوفِ الدين لنُحرر تِلك الاعناق، فلا قيمة لها وما تحملُ من رؤوس وفكر وإرث وتاريخ.

لماذا النجف الأشرف..؟
شهيد المحراب، كان يدرك تماما، أن انطلاق أولى خطاباته من داخل حرم أمير المؤمنين، قائد التحرير والمحررين، سيسمع صداها في كافة بقاع الأرض، سيما وانها تحمل شعار الوحدة الذي اعتلت به الرؤوس شامخة، فوق كُل تِلك السنوات التي انطوت بحرمانها وطغيانها، ولأن لُغة الوحدةِ لا تنفع أهل المصالحِ بشيء، كانت لمطامع البعض ادارات وارادات، انتهت بوضع قُنبلة في مركبة من كان يصنع ويفجر القنابل على العدوان لتحريرهم، اغتالوه كي لا يشهدوا ويشاهدوا وطنًا آمنا مستقرا ، لكي لا يشهدوا على عراق يحمل كل السمات العراقية لتاريخه، عراق يتوج بالتجدد والعطاء تحت خيمةِ المرجعية العليا، فاستشهد لتستشهد أحلام وأيام العراقيين من بعدك، وتتساقط أحلام ربيع العطاء بعد خريف الحرمان، تركت العراق امانة في اعناق الجميع، وخلد فيهم الأمل ليقفوا شامخين، أحيا الوحدة في نفوسهم، بعدما كانوا مشتتين، فهنيئًا للعراق وشعبه بشخصك، والعزاء لهم بفقدك.