23 ديسمبر، 2024 9:48 ص

شعريّة النص في قصائد الشاعر عبد الرزّاق الربيعي

شعريّة النص في قصائد الشاعر عبد الرزّاق الربيعي

معادلة لحياة مجرّحة، وشارات احتجاج صامتة، لواقع فقد شروط توازنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان أول لقاء لي بالاخ الشاعر عبد الرزاق الربيعي في شقته بمدينة مسقط بعد عودته من صنعاء عام 1998 حين كنت أعمل استاذا للأدب والنقد في احدى كليات التربية بسلطنة عمان، وكان قد تزوج حديثا.. دعوته لحضور حفل غنائي لفرقة عراقية في فندق قريب.. وحن سمع أغنية معينة ، أو رأى ما يذكره بانسان ما، فوجئت به، ينفجر بالنشيج والبكاء، كأن كلّ خيباته، وانكساراته قفزت مرة واحدة أمام عينيه.
ومن ذلك الوقت أو قبله، وإلى حدّ الآن وهو ما زال يئنّ ويبكي عبر دواوينه، وفي الوقت الذي كان منتظرا أن تخفف هجرته من العراق، وزواجه وانفساح فرص العمل أمامه بعض أحزانه، نجد أحزانه تتجدّد بسبب ضغط ماضيه، ومآسي العراق المستمرة، وفقدان الأعزّاء من الأهل، والأصدقاء، وأخيرا مأساته في فقدان رفيقة دربه زوجته، ليطلق أنينه وأحزانه عبر قصائد مدهشة مستخدما أسلوب قصيدة النثر مرة، وقصيدة التفعيلة مرة أخرى، وهو بارع في الأسلوبين، وكثيرا ما يمزج بين الأسلوبين، وما يسمى ” النص المفتوح “.
وحين أصدر ديوانه “جنائز معلقة ” عام 2000 أهدى لي نسخه منه في ذلك الوقت.. كتبت عنه مقالة آنذاك نشرت في احدى الصحف العمانية، كان ذلك الديوان يؤشر على نحو واضح مسار الحزن الذاتي، والانكسار الذي يرافق مسيرته الشخصية، قلت عن قصيدته أنها معادل لحياة مجرّحة، وواقع مأساوي بفعل مسلسل الخيبات التي تعرض لها زمنه، وأنها قلما تنزلق الى انسراحات عاطفية، او تجليات صوفية ذات تهويم رمزي بعيدا عن الواقع، وانما هي شارات احتجاج صامتة، لواقع خاص فقد الكثير من شروط توازنه.
وبين يدي الآن آخر ديوانين صدرا له: ديوان (ليل الارمل) وديوان (نهار بلا تجاعيد) وكلاهما يؤشران مسماه الحزين، فديوان (ليل الارمل) يلخص تجربته الفقد والوحدة القاسية بعد فقد زوجته التي أحبها.
ليس العنوان وحده الذي يشير الى الجو المأساوي لقصائد الديوان، وانما تلك الاقتباسات التي قدم بها الصفحه الأولى من الديوان، تؤشر هذا المناخ الحزين. يقتبس قول ابن خفاجه الذي يقول:
فحتى متى أبقى ويظعن صاحب
أودع منه راحلا غير آيب
ويقتبس قول السياب:
هات الردى أريد أنام
بين قبور أهلي المبعثرة
وراء ليل المقبرة
رصاصة الرحمة يا إله
يقول في ديوانه (ليل الارمل):
“في مضمار الوجع الطافح
من فيض أساي
لا غالب الّاي
ولا مغلوب
إذا جدّ الجدُّ
وحانت لحظات التتويج
سواي …”                            ص (5)
غالب ومغلوب، وكيف يكون غالبا؟ هو في معرض المنافسة يجد نفسه غالبا في حجم الوجع المطافح في أعماقه، ومغلوب في انكساره وخيبته، نلاحظ السخرية المرة في استخدامه مفردة (التتويج) التي تعطي المعنى المضاد لما هو مألوف، مستثمرا الايقاع الحزين، والمفردات الأكثر مناسبة لتجربته.
وهو لن ينسى أن بداية أحزانه، رافقته ابتداء من مآسي بلده العراق الذي تمزق عبر عقود من القهر والاستلاب، مستخدما أسلوب المفارقة بين ما اعطى لوطنه من مواقف وتضحيات، وبين ما أعطاه وطنه من خيبات، وأحزان:
” سر مع الماء المترسب
في قعر وطن
أعطيته زهرة روحك
وأعطاك طلقة واحدة
وحضن نهر أحمر ”                   ص (49) ليل الارمل
وهو حتى في ساعة الاحتفال بعيد ميلاده، فجأة تستثار أحزانه، وخيباته يطلقها عبر حكاية شخصية مستثمرا الايقاع التفعيلي المتداخل بين أكثر من بحر، فهو لن يشعل الشموع، ولن يستقبل أحدا من الأصدقاء، ولن يفتح الباب لأحد حتى لو كان هو (عبد الرزاق)!! مباغتة مدهشة، ليس هذا فقط وانما لشدة حزنه يعمد الى نصب شبكة تقيده معادلة لإحساسه بأنه أشبه بالسجين، يقول في ( ليلة سنة القرد) والقرد اسم لاحدى السنوات في التراث الصيني حين كانت زوجته في احدى مشافي أوربا:
“في ليلة سنة القرد
لن أسرج الشموع
ليهتدي الضالون
لن أفتح بابي
لأي طارق
حتى لو كان أنا
أو أنثى فاتنه
خبأها (بابا نويل)
لمساءاتي
لن أفعل هذا كله
بل أدخل غرفتي الباردة
أنصب شباكي لي
وبلحظة طائشة
ارمي (عبد الرزاق الربيعي)
بكل خيباته التاريخية
على السرير …”                         ص (42) ليل الارمل
وعبر بحر المتقارب والايقاع الحزين، اللغه العالية، وطاقة التحويل الدلالي في  ( النفس الأمّارة بالسوء) النص المألوف إلى قوله (نفسي الأمّارة بك) شوقا ولهفة، حيث لم يبق بعد رحيلك سوى دموع الظلمة، وأشلاء بقايا:
” لم يبق بصحراء الليل الموحش منك سواي،
لم يبق بها
بعد ذبول ضيائك إلّاي
لم يبق سوى
نفسي الأمّارة بك
ودموع الظلمة
في كاس أساي
لم يبق سوى همس
ظل بذاكرة الأمس
وأشلاء بقاياي ”          ص (56) ليل الارمل
وعبر بحر الكامل يخاطب الموت الذي أخذ رفيقة حياته، بلغة مشحونه بالاسى والعتاب المر، مجسدا اياه بصورة غراب، وقد انتزع منه أعزّ ما لديه، تاركا اياه، وقد تهاوت كلّ أشرعته واستسلمت لجيوش طاعون الخراب.
يقول من قصيدة (تطيّر):
“ماذا ستأخذ ياغراب؟
وكل أشرعتي هوت
واستسلمت
لجيوش طاعون الخراب
ماذا ستأخذ يا غراب
وقد أخذت مني، ما أخذت
فرشت لؤمك، وانسللت بها
الى الأفق البعيد، وطرت سرا تاركا
قلبي وحيدا، في زوايا الليل
يبحث عن أصابعها التي
غاصت بحضن الغيب
في ظلمات أودية اليباب
ماذا ستأخذ يا غراب؟
ماذا ستأخذ بعد مني
والتي قيدتها بمحبتي قد أصبحت
قيد الغياب.. “                    ص (57) ليل الارمل
هكذا يستخدم صيغة السؤال الانكاري: ماذا ستأخذ يا غراب؟ مكررا اياه، حاملا من خلاله الكثير من مظاهر الأسى والاحتجاج، عبر تدفق عفوي، لأنه يقوم على تجربة قاسية، فضلا عن تماسكه وترابط اجزائه عبر بنية التقابل التي رفعت النص الى منطقة الدهشة والشعر الجميل.
ومن التقنيات اللافتة في هذا الديوان، التكرار وكثرة التفاصيل، عبر تدفق عفوي وشكل أقرب الى النص المفتوح الذي يمزج بين قصيدة النثر والتفعيلة:
” بارد، تراب بيتك الجديد
بارد هواؤه، بارد سماؤه
والمطر الثقيل بارد
باردة انامل الرعود والبروق والالام
بارد صمتك، والخلان أين
هل أداروا الظهر للشتاء
أم أنت للغيب مضيت
لما أطبقت عليك في الشتاء
برودة الاشياء.. “                          ص (13) ليل الارمل
هكذا تتكرّر مفردة (بارد) واشتقاقاتها الموحية بدلالات الكآبة، والوحشة، والغياب صحيح انه يمكن الاستغناء عن بعضها، غير أن بعضها الآخر يمتلك طاقة شعرية عالية لخرقه المألوف، فضلا عن كونه رافعة لما ياتي في نهاية القصيدة من تركيب مدهش وصورة معبرة عن الفقد والغياب.
في ديوانه الآخر (نهارات بلا تجاعيد) تستمر أحزانه، وأحاسيس خيبته، وإن كان هنا أكثر هدوءا وتأملا، وقد قدّم الديوان باقتباسات تشير الى أجواء القصائد، من ذلك قول الشاعر الاسباني انطونيو متشادو:
“لا تتعجبوا أصدقائي اللطفاء من أن جبهتي متجعدة، مقطبة، فأنا أعيش في سلام مع الناس، وفي حرب مع نفسي ”
واقتباس آخر من قول الجاحظ:
” إذا نويت التغرب فلا تنس نصيبك من الذل ”
واقتباس آخر من قول الشبلي:
“مضت الشبية والحبيبة فالتقى
دمعان في الاجفان يزدحمان
ما انصفتني الحادثات رمينني
بمودعين، وليس لي قلبان”
ويبدو أن عنوان الديوان ” نهارات بلا تجاعيد ” يتداخل مع ما قاله انطونيو الذي استهل بها ديوانه، حيث تشير مفردة ” تجاعيد” الى الغلظة، والالتواء، والتبلد، والتقيد في معناها القريب، وتشير إلى المنغّصات، والانكسارات في معناها البعيد. فهو على الرغم من ايمانه وضراعته، ومحاولاته لردم الصدع في خيباته، غير أنه يجابه بالخيبة، والخسران، يقول في قصيدة صلاة الوحشة ذات الطابع الغرائبي عبر بحر المتقارب
“حين مضيت الى المسجد
لم تبصر عيناي بباحته المسجد إلّاي
ليس هناك سواي
شققت طريقي للمحراب
صعدتُ وكبّرتُ
بكلّ ضجيج الأرض
المخزون بحنجرتي
حتى ارتجّت أذناي
قلت لنفسي، أمّ الجمع
أممت يقيني، ونشيج أنيني
المخبوء بجرح الناي
دعوت إلهى مبتهلا
وتشفّعت بفيض أساي
وإذ أتممت صلاتي
سلّمت على ميمنتي، وجحافل ميسرتي
وخرجت، فسار الجمع الذاهل خلف  هداي
وتفرق كلي في طرقات الوحشة
ساعتها، لم اسمع غير نحيب خطاي.. “                  ص (14) نهارات بلا تجاعيد
حكاية غرائبية رائعة عبر بحر المتقارب مليئة بالضراعة واللا معقول، والطاقة الشعرية المتدفقة، حين يدخل المسجد عازما أن يكون إماما، ليكون الى الله أقرب، آملا أن تستجاب دعوته، ويقبل الله ضراعته، يتفاجأ حين لا يبصر في المسجد أحدا الا نفسه، ومع هذا فقد صعد وكبر، ودعا الله مبتهلا بفيض أحزانه أن يرحمه ويخفّف بلواه، وحين انتهت مراسم الصلاة، خرج متفائلا، غير أنه يفاجأ مرة أخرى بالحقيقة القاسية بأنه وحيد في خيبته، وانه لم يسمع غير نشيجه ونحيب خطاه!! نهاية مذهلة. ويقول عبر أسلوب قصيدة النثر، عبر شكل أقرب إلى النص المفتوح، معبّرا عن أحزانه، بأسلوب غير ما هو مألوف. عبر خارطة مدينته، ومن خلال أسماء مختلفة، ونعوت حزينة معادلة لشوارع، ودروب، واستدارات، تفضي الى بيته الحزين، يقول في قصيدة “جي بي اس”
” أيّها الصديق، يامن قطعت المسافات البعيدة
وقدمت لتصل الي، اليك مكاني
اركب حافلة الحزن، بعد شارعين من الالم
ستواجهك استدارة قنوط
تجاوزها بعد دمعتين ، وجرحين
خذ اليمين ، وواصل السير
حتى تعبر درب الفجيعه ، وفي نهاية المطاف
ستجد جبلا من الصبر والقهر ، قف عنده
وعندما تبلغه ، ستجدني هناك ..”                         ص(28) نهارات بلا تجاعيد
ويستثمر حكاية أخرى عبر ايقاع قصيدة النثر معادلا عن عمق أحزانه ، يقول :
” وقف طائر السعد على حائط مالك الحزين
وبعد أن تبادلا ، رسائل الولادة والحداد
دعاه ، لزيارة قصيرة
يمضيانها في منتزه مدينه الليالي الملاح
الضاج بالافراح
لكن مالك الحزين ، لشدة حزنه
أحس بالضجر ….
وقبل أن يستريح من العناء ، هدم الحائط
لكي لا يجد طائر السعد
مكانا فيعود ، في الفرح القادم ..”                 ص (67) نهارات بلا تجاعيد
فهو ليس مستعدا للذهاب الى فرح عابر ، وهو مثقل  بفيض من الأحزان . كنت أرجو أن لا يلجأ الى التعليل النثري في نهاية القصيدة ، وكان المؤمل أن تتوقف القصيدة عند هدم الحائط الذي يفصله عن طائر السعد . ولشدة معاناته نراه يحطم كل البدائل، أو محاولات التعويض عن خسائره في فقدان رفيقة حياته ، مقدما أعذارا غير مقنعة كالفارق الزمني والمكاني، أو نمط الحياة، للتخلص من احتمال تطوّر علاقة ما يمكن أن تعوّضه . يقول مخاطبا إياها :
” لك النهار المكلل بالثلج والمطر
والقليل من الضوء
ولي ليلي المتدثر بالضباب
والوحشة وظلام ثقيل
لك القطارات المنطلقة للامام
ولي عربة خشبية ، تجر أزهاري الذابلة
نحو مقبرة الايام …”                       ص(59) نهارات بلا تجاعيد
لتعود مرة أخرى بقناع آخر(فاطمة)  تملأ ذاكرته وحاضره ، وكأنها لم تمت ، بل هي سافرت في  مشوار قصير ، وستعود قريبا الى بيتها مكللة بالحياة والجمال :
” لم تغب فاطمه
ولذا خفّفوا الوطء
فحين تعود الى البيت
لا تثقلوا قلبها
بالعتاب وأوزاره المؤلمه
لم تغب فاطمه
بل مضت للجنان
لتقضي هنالك شطرا من الوقت
مكللة بالجمان ..”                            ص(62) نهارات بلا تجاعيد
ومايزال ينظر اليها كأنها نصفه الاخر ، وعبر أسلوبه الغرائبي المدهش ،
وعلى طريقة النص المفتوح يقول :
” اطلب كأسين
ثم أحدّق في النصف
المليء بوجهك
أقطع البيتزا نصفين
نصف لي ، ونصف اتركه
لمناقير الحمام ، وامضي
فأرى ظلي في الطريق
قد انشطر الى شطرين
كل منهما مضى في اتجاه
حتى بلغا ، منتصف الليل
أتعرفين لماذا؟
ذلك لأنني من دونك
لست سوى نصف ..”                ص(113) نهارات بلا تجاعيد
غير أن هذا النص الرائع انتهى نهاية نثرية بدءا من جملة أتعرفين لماذا؟ كما كنت أرجو أن لا تتوقف القصيدة عند مفردة ” نصف ” الناتئة الصلبة                                                                  . ويكثر التكرار في قصائد النثر الطويلة ،  وتزداد التفاصيل بحيث يمكن الاستغناء أحيانا عن بعضها برغم جمالها وقوة دلالاتها ،يقول في قصيدة حجيج مكررا جملة ” أحجّ إليك” في كلّ مقطع من مقاطع القصيدة
”  أحجّ اليك ، وأدري
بأن الاشارات حمر
المسافات جمر
أحج اليك ، وأدري
الرياح محنطة
فوق هام النخيل
أحج اليك ، وأدري
بأني تأبّطت سرا
يد المستحيل ..”                  ص (13) نهارات بلا تجاعيد
ويكرّر في قصيدة (قبل أن نحبو على عكازات الظلال ) مفردة شوارع عدّة مرات :
” شوارع فسيحه
شوارع كسيحه
شوارع بلا شوارع
لا شيء في جيوبها
سوى عناوين شوارع ..”             ص (24) نهارات بلا تجاعيد
ويكرّر مفردة (الأصابع) عبر كل مقطع من مقاطع القصيدة، معمقا دلالاتها وأبعادها واحتمالات ما ترمي اليه ، لتنتهي القصيدة بضربة شعرية فيها الكثير من الكثافة والايحاء
” للأصابع في الظلام عيون مضيئة
نجوم تسترخي ، ظل ساطع ينام
للأصابع ، للأصابع في الظلام
وجوه مستطيلة
أنوف تشمّ الأنوثة ، أقدام
للأصابع في الظلام ، كلام ..”             ص (49) نهارات بلا تجاعيد
ويكرر السؤال ( ماذا لو ) على امتداد القصيدة ، لتنتهي بموقف درامي مثير .
” ماذا لو ضل المشرط في كف الجراح الدرب
ماذا لو حكموا بالاعدام على طير الحب
ماذا لو فاجأ جلاديه وهب
مثل مسيح كي يرمي للنار الموقدة
بيان الصلب  ..”                       ص (54)نهارات بلا تجاعيد
كذلك يكرر في قصيدة ” اشارات” مفردة الاشارة بكلّ الوانها وحسب تداعياتها ومايمكن أن تؤؤل اليه
* وبعد، فأن عبد الرزاق الربيعي، من الشعراء القلائل الذين يمتلكون القدرة العالية في كتابة كل طرق، وأساليب الشعر الحديثة، فيكتب بمهارة عالية قصيدة النثر، وقصيدة التفعيلة، وبمهارة عالية يكتب القصيدة العمودية.
* اغلب قصائده التي تحركت ضمن أسلوب التفعيلة، تميزت بشعرية عالية، لا لأنها استثمرت الايقاع المناسب فقط، وإنما لشدّة تماسكها، وانسجامها، وقوّة المركز الذي تدور عليه، هذه القصائد، استثمرت البحور الصافية، ولاسيما المتقارب، والمتدارك، والكامل، وقد نجد أحيانا تزاوجا بين بحرين اثنين في القصيدة الواحدة، وقد تبدأ القصيدة مستثمرة أسلوب التفعيلة لتنسرح في أحد مفاصلها الى النثر، معززا الاتجاه الذي يسميه بعضهم بالنص المفتوح.
* من خصائصه الأسلوبية، القدرة العالية على التقاط المفردات الأكثر دلالة، والتراكيب الاكثر اشعاعا، مستثمرا غالبا بنية التقابل، والتضاد، واللعب الاسلوبي، ومفاجأة المتلقي بالغريب.
* في قصائد النثر استثمر التكرار وأكثر من التفاصيل، ولاسيما في القصائد الطويلة نسبيا، اشباعا لتجربته، وأغلب تلك التفاصيل مشحونة بطاقة عالية على الايحاء، متحوّلة الى رافعات مهمة لما بعد، محققة بعدا دراميا مثيرا .
* اغلب قصائده تميل الى الوضوح العميق، وبعض أجزائها تميل الى الغموض الغرائبي في بعض التراكيب، لامتدادها عميقا في الزمان، والمكان، واقتدارها على اصطياد اللحظات الأكثر مأساوية في حياة الانسان المنكسر المحاط بالخيبات، عبر أبنية متصادمة، بين الواقع والحلم، بين الماضي، والحاضر، بين القرب، والبعد، بين الحضور، والغياب.