22 ديسمبر، 2024 8:31 م

ثمان سنوات اصابع مترددة على الازناد و عيون دامعة في حرب لا قضية فيها.
قوافل نعوش يحدوها الكمد الى منازل المنكوبين و الثكالى، مُبشرة بإستبدال أفلاذ الاكباد بسيارات ڤولكسواگن البرازيلية بأموال خليجية.

قصص حب تطوى بصمت، امنيات و بقايا محبوب تُدفن بلا مجالس عزاء و لا تشييع ثمناً لقول ( لا ) او للإمتناع عن الالتحاق بحرب طرفاها ابرياء.

آذان تُبتر و ألسُن تُجتث و احواض تيزاب و غاز خردل، حُرَمٌ تُهتك و حوامل تجهض اجنتها على شريط التسفير الحدودي.

رِخاخ ال B52 الامريكية تحلق في سماء اُغلِقت ابوابها تّشرف في تحليقها على مهارة سوخوي النظام البعثي في حصد رؤوس الثائرين و إسكات صرخات ( الموت لصدام ) لأن حين زواله لم يحن بعد في روزنامة العم سام.

ثلاث عشرة سنة يأكلون الجوع بلا ملاعق بعيدا عن اعين عدسات الاعلام، أثاث منازل خاوية يُباع على الارصفة ثمناً لعباءات تستر الفتيات من عيون واقع عسكرتاري، ليالٍ ظلماء كلون الدم المتخثر و مدن دخان بلا اضواء و قباب تُقصف بحقد.

كل ذلك لم يسهم بمقدار خطوة سلحفاة في طمس عراقة سكان السهل الرسوبي و عراقيتهم او إنتزاع تُربة حسينة تنام بأمان في جيوب الفقراء مثلما ينام لوح سومري آمن خلف مزججات متحف بنسلفانيا.

رواد مواخير لندن و متسكعي ريف دمشق و لاحسي فضلات موائد السالمية و مشهد اتفقوا على بيع جثة وطن في مشرحة التحالف فور نزولهم من على صهوة دبابات الابرامز.

طأطأوا الرؤوس لإغتراف ما في التراب من خير يُدفئ الجيوب فإنكشفت ادبارهم كي تتلقى تحاميل الاجندات الخارجية فعمت عيونهم عن جحافل الكادحين التي تُساق ظلما الى محافل الذبح.

١٧٠٠ لوعة تحز حنجرة الفرات و الف غصة تحت الجسر في قلب دجلة و الف الف لطمة في وجه الضمير كي يصمت و لا من مسمع او ناعية.

لم يُبقي الزمان في جعبته سلاحا ًالا استنفده في طمس ملامح شعبٍ رؤوفٍ معطاء، بطالة دؤوب، تجهيل مدروس، حياة تغط في إغماءة محتضر، مجتمع دولي يتفرج بلامبالاة المنومين، جيران يتنفسون غبطة كفحيح قضيب اللحام المتجمر المنغمس في الماء.

حتى الشمس، تلسع و تكوي بحثاً عن إشارات احساس في بدن شعب الملح، ظن الجميع انهم قد ماتوا و اختفت نكاتهم و سخريتهم من عبث الاقدار.

ما حك جلدك مثل ظفرك، انتفضت السباخ انتفاضة حشدٍ بُعِثت من تحت كل نخلة.
٧٠،٠٠٠ نُسخة مُحسنة من كلكامش تحمل عشبة الحياة تغرسها في كل شبر من الحدود الى الحدود، تجذ ذؤابة الخليفة و تطأ هامات مرتزقة المشرق و المغرب فتصمت كل الافواه و تبهم كل اللغات الا الحسچة الملحية.

اشتاط المندوب الامريكي غضباً من النهاية الثورية في ميدان المسرح الروماني العالمي المخصص لفعاليات ذبح العراقيين فرفع يده و مد بقبضته وسط انتظار و ترقب من جمهور الرأي العالمي المُصَنّع و الاعلام المؤدلج، اسدل ابهامه الى الاسفل معلناً ان ( الثائرين قتلة ).
و بحركة اصبع شُهرت الالسن المأجورة و الاقلام الرخيصة و العدسات العمياء في وجوه حشد الاسود التي اوغلت القتل في ضباع الاقاليم الوديعة.

خمسون قناة تلفزيونية تدس السم بالعسل و تُظهر الهارب العميل بمظهر الوطني و تنكأ ليل نهار جراح المضحين و تتهمهم بالذيلية تارة و بالغباء و التخلف تارة اخرى.

قادة وصوليون تركوا الميادين و انشغلوا بتولي المناصب و اغتنام المكاسب.

مئات الصفحات على مواقع السفه الاجتماعي يديرها مخنثون قد تقيأوا رجولتهم فور ولادتهم و مجاميع افتراضية فيها تعوي كلاب الهايينا Hyena وجعاً لخيبتها في انتزاع عظمة من تحت مخالب اسد.

جيوب مهرجين غصت بالريالات الاميرية، مشاهد سخرية تجعل من الساخر بهلواناً من فصيلة القرود يمشي على حبائل مالكي السيرك و الضحايا متفرجين ضاحكين بسرور، ففي النهاية يبقى المهرج مهرجا و المتفرج ضاحكاً .

لتنتهي كل المشاهد و لتبدأ عروض اخرى فكل المشاهد و العروض تثير الضحك والفكاهة في صدور شعب الملح، شعب نصبت له السماء اعشاشا فوق سعفات النخيل فعاش في الاعلى و ان اراد ان يبصق فإنه يبصق الى الاسفل.

آه يا هذا الطين المغموس بماء العشق ليتني استنطقت في ذراتك رفاة غزاة كوتيين، عيلاميين، اخميميين يونانيين سلوقيين، فرثيين، ساسانيين، إسلاميين، مغول، بويهيين، صفويين، عثمانيين، إنكليز و امريكان.

هل وُفِق احدهم في انتزاع رمزية بيوت القصب او ان ينكث خيط غزل في غليچة الحبوبة ام غايب او أن يهز وتداً في خيمة موكب بذل و إطعام.

لا والذي إستولى على ما دق و جل، لن يُفلح الثقلين في فصل متضادات السمات في تركيبة شعب الملح ( العطاء في ذروة الفقد ) ( الصفح في فورة الغضب ) ( الابداع مع ندرة الادوات ) ( الابتسام في ذروة الالم ) ( النجدة للخصم قبل الصديق ).

و كأني بملائكة الرب تُخطئ فتسوق العراقي الى الجحيم بتهمة الضحك عند الاحتضار، فينادي الجليل عز اسمه،
كيف تسوقون الى الجحيم من اجتاز جحيم الدنيا ضاحكاً، خذوه الى قصره كي يُتِم ضحكته ( وجوه يومئذ مسفرة* ضاحكة مستبشرة )