23 ديسمبر، 2024 7:44 ص

شعبيّ العراق وسوريا يدفعان ثمن التقارب المصلحي‎

شعبيّ العراق وسوريا يدفعان ثمن التقارب المصلحي‎

من خلال الاستعراض البسيط لمجريات الأحداث السياسية في العراق وسوريا, وبقية البلدان العربية, نلاحظ هناك موجات مد وجزر, وتقلبات في القرارات والخطوات والإجراءات التي تتخذها الدول التي بيدها زمام الأمور, ولا يخفى على الجميع من هي تلك الدول, فأبرزها وأهمها أمريكا وإيران, فتلك الدولتين لهما الدور الكبير والبارز في مجريات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط, والمنطقة العربية, فمع وجود الصراع والخلاف المستمر والقائم بين تلك الدولتين, إلا إننا نلاحظ هناك فترات تجاذب وتقارب بينهما, ومن أمثلة ذلك :

العراق :

ففي العراق ذلك البلد الذي أصبح ساحة للصراع الأمريكي الإيراني, يشهد الآن حالة من التقارب المصلحي بين تلك الدولتين, ومثال ذلك, هو رفع يد أمريكا عن دعم الحرب ضد تنظيم الدولة ” داعش ” وترك المجال مفتوحا أمام إيران في قيادة تلك المعركة حتى وصل الأمر بدعم إيران إعلاميا من خلال تصريحات رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي الذي قال فيه : إن دور إيران في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم الدولة ” داعش ” يمكن أن يكون “ايجابيا” وذلك في يوم الأربعاء 4 / 3/ 2015م.

سوريا :

الكل يعرف مدى علاقة أمريكا بالمعارضين السوريين لنظام بشار الأسد, وكيف إنها تدعمهم بالسلاح وبالخبراء وتقف موقف الند للنظام الحكومي في سوريا, لكن نجدها اليوم قد غيرت من موقفها تجاه المعارضين للأسد, فقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي “آشتون كارتر” أن واشنطن لا تملك حماية للمعارضة السورية التي تدربها، من أية هجوم محتمل من القوات السورية النظامية أو أية قوة مؤيدة للأسد, وأوضح كارتر أن الولايات المتحدة ليست لديها على ما يبدو سلطة قانونية قاطعة لحماية مقاتلي المعارضة حتى إذا وافق الكونجرس على صلاحيات حرب جديدة, وهذه إشارة واضحة على إن أمريكا تتراجع عن حماية معارضي بشار, وهذا الأمر يصب في مصلحة إيران التي تدعم نظام الأسد وبكل قوة.

وما ذكرناها من أمثلة هي دليل على مدى التقارب المصلحي بين هاتين الدولتين, فان كانت المصلحة السياسية تقتضي بوضع اليد في اليد مع ألد الأعداء فلا بأس بذلك, وما يؤيد ذلك هو الرسائل المتبادلة بين الزعيم الديني الإيراني خامنئي والرئيس الأمريكي  باراك أوباما في مطلع شهر شباط 2015م, بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والالكترونية, حسبما نقله مستشار وزير الخارجية الإيراني ” علي خورام ” عن رسائل الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى الخامنئي وكيف انه متفائل بتلك الرسائل وان أمريكا سوف تغير سياستها في العراق وإنها سوف تفتح المجال أكثر لإيران في العراق.

وبين هذا وذاك, وقعت الشعوب العربية وخصوصا في سوريا والعراق ضحية لتلك الاتفاقيات والمصالح التي يستفاد منها الشرق والغرب, فمن أجل المصالح والمكاسب السياسية لتلك الدول تزهق الأرواح وتنتهك الحرمات وتهان الإنسانية, فلا مبدأ ولا ضمير لدى تلك الدول ولا يهمها دين أو مذهب أو إنسانية, وإنما همها الوحيد هو المصلحة والسلطة فهي فوق كل اعتبارات أخرى, وإن كانت إبادة الشعوب.

فهذا التقارب المصلحي بين أمريكا وإيران, يذكرنا بما قاله المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في الحوار الصحفي الذي أجرته معه وكالة أخبار العرب بتاريخ 13 / 1 / 2015م … إذ قال …

{…2ـ أميركا وإيران عدوان تقليديان متصارعان متنافسان على استعمارِ الدول والشعوب وسَلْبِ إرادتها ، وقد ابتلى الله تعالى العديدَ من دولِ المنطقةِ وخاصّةً لبنان فسوريا ثم العراق واليمن باَن تكونَ ساحةَ التنافسِ والنزاعِ والصراع وتقاطعِ المصالحِ بين إيران وأميركا ، ولان العراقَ بلد البترول والطاقات البشرية الفكرية الخلاقة فقد تصاعدَ وتضاعَفَ وتعمَّقَ واشتدَّ الصراعُ فيه بين القوتين المتنافستين.

3- والمعروف والواضح عندكم أَنَّ خلافَ وصراعَ المصالحِ لا يمنعُ اَن يجتمعَ الخصمان فتجمعُهما المصالحُ والمنافعُ فيحصلُ الاتفاقُ بينهما على ذلك ، وكذلك ان ظَهَرَ خطرٌ يهدِّدُهما معاً فيمكن اَن يتَّفِقا ويجتمِعا على محاربته معاً…}.