تمكنت المرجعية الغراء في غضون أيام معدودة من أنتاج الحشد الشعبي المقدس وتداركت الأنهيار العسكري السريع, الذي حدث بعد سقوط الموصل, سرعان ما أفاق الشارع العراقي من صدمة إجتياح ثلث الاراضي العراقية, وشرع يلملم جراحاته, فكان مشروع التضحيات الكبير, وبدأت الانتصارات المتلاحقة, تنبثق من عطاء الدم.
ثورة أصلاحية أخرى حرصت المرجعية الرشيدة على أنتاجها, فكانت التظاهرات وما بات يعرف اليوم بالحشد الشعبي المدني, الذي يعتبر ردة فعل طبيعية لشعب تلقى ضربات موجعة من مافيات السلطة, التي عاثت بأرض العراق فساداً, ونخرت مفاصل الدولة, حتى وصل الأمر لأنهيار كامل في المؤسسة العسكرية, فلم يعد بألامكان السكوت على الحيتان الكبيرة, التي مهدت دخول الدواعش للأراضي العراقية, وملأت شوارع العراق بسرادق العزاء.
من الواضح أن ضربات المرجعية بدأت تقض مضاجع السماسرة الكبار, فهي دون أدنى شك الأب الروحي لأنتصارات الحشد, والحركة الإصلاحية القائمة الآن, فبدأت حرب مستعرة على رموز المرجعية, وأخذت شعارات ولافتات مسيئة لها تطفوا على السطح على سبيل المثال ( قشمرتنا المرجعية وأنتخبنا السرسرية), (أرحلوا أنتم ومرجعتيكم), في محاولة لخلط الأوراق, وذر الرماد في العيون, لإيهام الناس أن المرجعية هي من أنتجت الطبقة السياسية الحالية, خلافاً للواقع.
أكثر من مرة وعلى مدى سنوات طويلة كانت المرجعية وما تزال قبيل كل أنتخابات سواء كانت مجالس محافظات, أو أنتخابات برلمانية توجه الشارع العراقي لأختيار الأنسب والأصلح, فالمجرب لا يجرب أمر أكدت عليه المرجعية, في كل خطبة من خطبة الجمعة.
بمجرد أن يحين موعد الأنتخابات يعلو صوت المصالح, فيخمد صوت الإصلاحات وسرعان ما يعض المواطن أصبع الندم, بعد أشهر معدودة من تشكيل الحكومة, لأنه منح صوته لشخص لا يستحق, وتتجلى خيبة الأمل بصورة أوضح في موسم الصيف مع تفاقم أزمة الكهرباء, فالوعود الأنتخابية تتبخر, تحت حرارة الصيف, بينما ينعم الساسة بشتاء من نوع آخر بعيدا عن صيف العراق, وحياة فارهة بين أوروبا والمالديف.
ضربة تلو أخرى سددتها المرجعية ألى ديناصورات السلطة, وربما ظن قسم منهم أن الفرصة أصبحت مواتية لأستغلال المظاهرات, وتوجيه ضربة للمرجعية, التي أخذت على عاتقها القضاء عليهم, وإكمال مسيرة الأصلاح حتى النهاية, الا أن الشعب العراقي لن يتناول الوجبات المسمومة, التي أعدت في مطابخ السياسة, على نار هادئة لأنه يدرك تماما أن المرجعية الغراء ستبقى محور أصلاحات, مستمرة في العراق.