13 يناير، 2025 10:49 ص

شعائر الحسين عادة …، أم تعظيم لشعائر الله وعبادة ؟!!!.

شعائر الحسين عادة …، أم تعظيم لشعائر الله وعبادة ؟!!!.

العِبرة والعَبرة قطبان مندمجان وبعدان متحدان في المدرسة الحسينية وغياب أي منهما أو تفريغه من جوهره يفقدها ألقها وجمرتها التي تمنح طاقة التغيير والإصلاح.
أي تعاطي مع عاشوراء وشعائرها قائم على غياب العِبرة والعَبرة فانه سيحول عاشوراء إلى عادة وعادة فقط وبالتالي يكشف عن أن جماهير عاشورا لم  تدرك “حقيقة” إن الحسين اكبر وأعمق قيمة ودلالة وهدفا من الشعائر الجزئية الفارغة التي أختُزِلت فيها ثورة غيرت مجرى التاريخ ، فتأثيرها وحرارتها وطاقتها تبرد مع انتهاء وقتها لأنها فقدت جانب العِبرة  وصارت صورية فارغة عن الجوهر حالها حال الصلاة التي لا تبعث في صاحبها الروحية والحركية ولا تمنعه عن الفحشاء والمنكر فلم تزده من الله إلا بعدا ، بَيْد أنَّ مَن يقرأ ويفهم  الحسين منهجا وسلوكا لا ينفك عن ما امن به الحسين ، ولا يتكاسل عن تحقيق أهدافه التي ارخص لها الدماء الزكية والأرواح الطاهرة ، فكل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء ، ولذلك إن اختزال ملحمة الحسين  بتلك الشعائر العاطفية المسلوبة التأثير ، ولا تتحول إلى سلوك ، ولا تمثل انطلاقة جديدة نحو الإصلاح والتغير، هو قتل لأهداف الحسين وقيمه ومبادئه ، وبالتالي هو قتل للحسين بل اشد مضاضة عليه من قتل يزيد له ، لأن هذا وان قتلَ الحسين جسديا إلا انه لم يستطع أن يقتله معنويا ، لم يستطع أن يقتل أهدافه وقيمه ….
 فما قيمة المجالس إذا كانت فاقدة لجوهر الفكر الحسيني وثورته وأهدافه ؟!، وما قيمتها إذا تحولت إلى مصدرا لزرع الطائفية وتعميقها وتركيزها ، ما قيمتها إذا تحولت إلى منبر إعلامي يُرَوِّج لانتخاب الفاسدين والتستر عليهم؟!.
ما قيمة البكاء إذا لم يكن نقطة إصلاح وعودة إلى الفطرة الإنسانية واللطف والمحبة والتعايش السلمي ، ونبذ الفرقة والكراهية والعنف والطائفية والقتل والتكفير.
ما قيمة الدموع إذا لم تتحول إلى جداول يُغْتَسَل بها  من ادرأن النفس الأمارة بالسوء  والهوى ، ما قيمتها إذا لم تتحول إلى براكين تقذف حُمَمها على عروش الظلم والفساد لتحولها إلى رماد تذروه رياح التغيير الصادق .
ما قيمة السير والمشي إذا لم يكن سيرا حقيقيا نحو الحرية والعلم والتقدم والكمال ، وما قيمة اللطم والزنجيل والتطبير إذا لم تتحطم الأنا والنزعة الانتهازية والنفعية الشخصية ، وتتكسر الأصنام التي تُعبَد من دون الله ، صنم الرموز الدينية ، والعرش ، والكرسي ، والأموال ، والتحجر ، و”هذا ما وجدنا عليه آباءنا…” ؟!، .
 ما قيمة “التمن والقيمة” ، إذا لم تتغذَ الروح والقلب والعقل من فكر الحسين وأخلاقه  ويُترجم إلى سلوك ومواقف ، وما قيمة “التمن والقيمة” وفي مجتمعاتنا بطون غرثى وأكبادا حرّا وأجسادا بالية تتوسد الرصيف وتفترش الأرض وتلتحف السماء؟! .
ما قيمة القصائد واللطميات التي لا تعلو ولا تقضي على الهتافات والغناء والرقص والتصفيق للفساد والمفسدين والظلم والظالمين ؟!، ما قيمة ترنيمة “هيهات منا الذلة”  التي لا تُحَرِّر من عبادة الدينار ، ولا تكسر قيود الذل ، ولا تحطم عروش الظلم والفساد والرذيلة ؟!.
ما قيمة الشعائر إذا لم تترجم إلى تطبيقيا حقيقيا صالحا وعاملا بناء في حياة الفرد والمجتمع …..
يقول المرجع الصرخي بيان رقم – 69 –(( محطات في مسير كربلاء )) :
ولنكن صادقين في حب الحسين وجدّه الأمين ((عليهما وآلهما الصلاة والسلام والتكريم)) بالإتباع والعمل وفق وطبق الغاية والهدف الذي خرج لتحقيقه الحسين((عليه السلام )) وضحّى من أجله بصحبه وعياله ونفسه ، انه الإصلاح ، الإصلاح في امة جدِّ الحسين الرسول الكريم ((عليه وآله الصلاة والسلام)).
وهنا لابد من أن نتوجه لأنفسنا بالسؤال ، هل أننا جعلنا الشعائر الحسينية المواكب والمجالس والمحاضرات واللطم والزنجيل والتطبير والمشي والمسير إلى كربلاء والمقدسات هل جعلنا ذلك ومارستاه وطبقناه على نحو العادة والعادة فقط وليس لأنه عبادة وتعظيم لشعائر الله تعالى وتحصين الفكر والنفس من الانحراف والوقوع في الفساد والإفساد فلا نكون في إصلاح ولا من أهل الصلاح والإصلاح، فلا نكون مع الحسين الشهيد ولا مع جدّه الصادق الأمين ((عليهما الصلاة والسلام )).
إذن لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقاً وعدلاً الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين (عليه السلام) ورسالته ورسالة جدّه الصادق الأمين ((عليه وعلى آله الصلاة والسلام)) في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في إيجاد الصلاح والإصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار.