19 ديسمبر، 2024 12:46 ص

شعائر الحسين الرسالية.. إحياءٌ للقيم الإلهية والإنسانية

شعائر الحسين الرسالية.. إحياءٌ للقيم الإلهية والإنسانية

روي عن الإمام الصادق-عليه السلام- أَنَّه قال للفضيل بن يسار: يا فضيل:«أتجلسون وتتحدثون؟ »، قال: نعم جعلت فداك، قال الإمام الصادق:« إنَّ تلك المجالس أحبها. فاحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيا أمرنا».

معنى أمْر أهل البيت-عليهم السلام- نعرفه من أهل البيت أنفسهم، فهم فسروا لنا هذه الكلمة في ما ورد عنهم، يقول الهروي سمعت الإمام الرضا يقول:«أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا. قلت: يا بن رسول الله وكيف يحيا أمركم؟ قال: أن يتعلم علومنا ويُعلمها الناس؛ فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لتبعونا»،

وأما علوم أهل البيت فهي علوم القرآن وجدَّهم النبي الامين-صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين- الذي لا ينطق عن الهوى، وهي تمثل مجموعة النُظم والقيم والمبادئ الإلهية والأخلاقية والعلمية والإنسانية التي بُعث بها نبينا الأقدس، وعملية احياء امر اهل البيت يتم من خلال عدة خطوات أهمها:

الخطوة الأولى: هي تعلم علوم أهل البيت- عليهم السلام-.

الخطوة الثانية: تعليمها للناس بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، فهذا هو منهجهم، والذي هو منهج القرآن الكريم في التعليم والحوار.

الخطوة الثالثة: التطبيق الحقيقي الصادق لعلوم وفكر ووصايا ومواقف ونهج أهل البيت – عليهم السلام-.

هذا هو-باختصارشديد- أمْر أهل البيت، ولم يكن أمْرهم المناصب والمواقع والكراسي والعنف والتطرف والتكفير والطائفية، بل أمرهم-عليهم السلام- هو الإسلام والأخلاق والقيم الإنسانية وهداية البشرية والسير بها نحو طريق السعادة والكمال، بوصفهم تُرجمان القرآن والامتداد الواقعي للمُرسَل رحمة للعالمين.

تُعتبر الشعائر الحسينية من أعظم وأهم وأنجع المناهج الرسالية لأحياء أمْر أهل البيت، ولهذا ورد الحث والتأكيد عليها من قبل النبي الأمين وأهل بيته وصحبه، بل إنَّهم أول من باشر بإجراء تلك الشعائر قبل واقعة الطف كما هو الثابت في مصادر المسلمين، لأنَّ الحسين ونهضته الإصلاحية حافظت على ديمومة واستمرارية الإسلام الإلهي المحمدي، فالإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء، وهذا هو معنى قول النبي « “حسين مني و أنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا، حسين سبط من الأسباط ».

فوفقا للمنهج القرآني الأخلاقي الإنساني الذي وضعه النبي وأهل البيت لعملية الإحياء، يكون احياءُ شعائر الحسين هو احياءٌ لأمْر أهل البيت، وإحياءُ أمر البيت-كما أسلفنا- هو تعلم وتعليم علومهم وتجسيدها عمليا في السلوك والمواقف، وجوهر علومهم هي النُظم والقيم والمبادئ الإلهية الأخلاقية الإنسانية، ومن أسمى تلك النُظم والقيم هي الأهداف التي خرج من أجلها الإمام الحسين، وضحى بنفسه وأهل بيته وأصحابه من أجلها، وهذا هو النهج الذي دعا وحثَّ وسار عليه الاستاذ المحقق، وتمسك به وجسَّده نظريا وعمليا، ففي بيان رقم -69- (محطات في مسير كربلاء)، يقول الأستاذ المهندس:

« اذن لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقاً وعدلاً الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين (عليه السلام) ورسالته ورسالة جدّه الصادق الامين ((عليه وعلى آله الصلاة والسلام)) في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في ايجاد الصلاح والاصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار ».