طوال فترة شبابي كنت لا اؤمن بالامثال ,,, وخاصة الامثال التي تضرب ولا تقاس وعلى سبيل المثال لا الحصر مثال ( شر البلية ما يضحك), فكنت اقول كيف لبشر ان يضحك على بلاء او مصيبة اصابه او اصاب عزيز والادهى انها شرها.
ولكن في زمننا العصيب اصبحت اصدق واؤمن بالامثال, ففعلا في حياتك تصادفك بعض المصائب تجعلك تضحك بل تنهار من هستيرية الضحك.
في خلال الثمانينيات من القرن المنصرم اصبنا ببلاء النظام الديكتاتوري البعثي حين حاول تغيير ديموغرافية مدينة كركوك عن طريق جلب مئات الالاف من عرب الوسط والجنوب واسكانهم في بيوت السكان الاصليين من التركمان بعد منحهم 10 الاف دينار عراقي ما يعادل 30 الف دولار امريكي مع امتيازات حق الاستحواذ على اراضي التركمان الزراعية في قرى وقصبات المدينة بقرارمن مجلس قيادة الثورة المشؤوم بمصادرة الاراضي الزراعية للتركمان واستملاكها للعرب الوافدين , مع في تعيين الوافدين في دوائر الدولة في كركوك دون النظر الى مؤهلاتهم اوشهادتهم بعد ابعاد جميع الكفاءات التركمانية من دوائر الدولة مع اقرار بعدم تعيين اي تركماني فيها
والبلية الاكبر التي ابتلينا بها نحن التركمان انذاك بعدم احقية اي تركماني في امتلاك أية ارض سكنية او تجارية او التعيين في الدوائر وان كانت خدمية الا بعد تغيير قوميته التي يعتز بها الى العربية.
الا اننا صمدنا امام المصاعب والاهوال ولم نستغني عن اراضينا ولا عن قوميتنا التركمانية ولم نوالي البعثيين ضد اي قومية اخرى التي كانت تعارض النظام واخص هنا (الاخوة الاكراد ) بل بالعكس وقفنا مع المظلوم ضد الظالم رغم عدم امتلاكنا لأية وسيلة من وسائل الصمود امام اشرس نظام ديكتاتوري عرفه التاريخ الحديث.
وبعد سقوط الصنم تنفسنا الصعداء عسى ان نتعافى من بلاء تغيير الديموغرافية ولكن ومع الاسف جائنا بلاء اخر اكبر من شقيقه الاول وهو ان السياسة الكردية بدئت ترتكب الاخطاء تلو الاخطاء مما اصبنا ببلاء اخر حيث تم استقدام مئات الالاف من الاكراد من شمال العراق واسكانهم في مركز المدينة بحجة انهم من ضحايا النظام السابق
وقامت الاحزاب الكردية بتطبيق نفس قوانين البعثيين مع اختلاف وحيد وهو تغير العبارة من التعريب الى التكريد, وتم الاستيلاء على جميع الدوائر الحكومية والمناصب الحساسة وتسليمها الى الوافدين الكرد..
واليوم اصابني الهذيان من كثرة الضحك على تصريح لعضو قيادة الإتحاد الوطني الكوردستاني نرمين عثمان ففي خلال مشاركتها في احدى برامج لقناة رووداو الكردية صرحت ….
“بان الحكومة العراقية تحاول التغيير الديمغرافي في محافظة كركوك”. من خلال اعلان وزارة الداخلية العراقية بأنه يحق لكل شخص قد سكن في اية محافظة لمدة لا تقل عن 3 سنوات، الحصول على هوية الأحوال المدنية لتلك المحافظة، وبحسب هذا القرار بإمكان الآلاف من المرحلين من المحافظات الأخرى، نقل هوياتهم الى محافظة كركوك .
وهنا البلية والمصيبة التي جعلتني اضحك واؤمن ايمانا مطلقا بمصداقية الامثال والحكم..
فبالرغم من اننا التركمان عشنا وما زلنا نعيش حالة من الجناية والتهميش والالغاء وبشكل تعسفي لايمكن تبريره بالمنطق والعقل،وبأي شكل من الاشكال من قبل العرب والاكراد , وسكوتنا على جميع المصائب التي لحقت بنا من جراء تمسكنا بوحدة العراق ارضا وشعبا ايمانا منا بان معطيات اية ازمة في بلدنا ستنتج عنها جراح والام وبلاء ، وعليه التزمنا بمبدأ التسامح الذي فرض علينا ولكن ما يؤلمنا ان الاخوة العرب والاكراد اعتبروا نظرتنا ومبادئنا التسامحية حالة ضعف ووهن منا وزادوا من حدة تعسفهم للاكثار من بلائنا ومصائبنا
وختاما اخاطب العقلاء من كلا الطرفين ان اختيارنا لسياق الوطنية وسكوتنا رغم مظلوميتنا، لادراكنا ويقيننا بان بلدنا يشهد ازمات كبيرة ؛ولكن هذا لا يعني باننا سنسكت الى الابد في ظل التطورات الاخيرة التي يحاول الاطراف المساس بوجودنا ومستقبل اجيالنا في مدننا التركمانية لانن.اعطينا ما يمكن ان نعطيه وضحينا بما يمكن ان نضحيه ولا يمكننا بعد اليوم ان نسمح لاية جهة بالمساس بوحدة شعبنا التركماني وسيادته الكاملة على مدننا واراضينا وممتلكاتنا..
وسنجعل الذين اضحكونا في بلائنا يؤمنون بان شر البلية ما يضحك وسييصابون بهستيريا الجنون من بلائهم باذن الله ..