18 ديسمبر، 2024 9:44 م

شريط “ميونيخ”/2005/لسبيلبيرغ/1

شريط “ميونيخ”/2005/لسبيلبيرغ/1

كيف وضح الشريط اللافت أدق التفاصيل المنهجية للاغتيالات السرية الجامحة الاجرامية في المدن الاوربية والشرق أوسطية؟!
*توضيح التكامل وتوزيع الأدوار والخفايا الغير معلنة لعمليات القتل “المافيوزي” الصهيونية:
*فيلم يتسم بالكفاءة والاستيعاب والفعالية والواقعية وصولا للاثارة والتشويق، ويفشل كثيرا بتبرير عمليات القتل السافرة في الشوارع والأزقة ومداخل الشقق والعمارات وداخلها وعند الشواطىء/ وقد خلط باعتقادي “التفاح بالبرتقال”، فانجز فريق الاغتيال الجامح عمليات قتل انتقامي وربما عشوائي لا علاقة لها ربما بعملية “أيلول الأسود” الشهيرة الدراماتيكية في اوليمبياد ميونيخ عام 1972 … وقد شبهت عمليات الاغتيال السريعة هذه بما شاهدته مؤخرا بفيلم “الايرلندي لسكورسيزي” عن قاتل “مافيوزي” متمرس (روبرت دي نيرو الذي يظهر اكثر شبابا بدوره المتميز هذا) جامح عنيف يقوم بالقتل بمفرده تنفيذا لأوامر زعيم العصابة المتنفذ بسرعة فائقة في الشوارع والأزقة وداخل البيوت والبارات والمطاعم دون رقيب او حسيب او حتى دليل!
*نرى فريق الاغتيال المتنوع المهام والجنسيات كيف يتنقل بسهولة من دولة لاخرى/ يقودهم “أفنير” القاتل الموسادي الألماني الشاب والطباخ الماهر، ونستغرب في مشهد جدلي كيف حشر فريق الاغتيال في أثينا مع فريق لمنظمة التحرير، وقضوا ليلتهم في الجدال وقصص الانتماء، دون ان يتعرفوا على بعضهم البعض، ثم ليتناوشوا في اليوم التالي ويقومون بقتل الفلسطينيين بلا هوادة.
*ثم نرى القاتل (الانساني هذا) ينتقل بعد انتهاء مهامه الاجرامية الى بروكلين/نيويورك ليعيش مع زوجته وابنته المولودة حديثا، ويحاول مخرجنا اليهودي “المخلص” أن يقنعنا بأنه أصبح يعاني من “عذاب الضمير”، لأنه شعر في نهاية المطاف بانه قتل عدة اشخاص بالخطأ لم يكونوا ربما متورطين بعملية ميونيخ تحديدا، هكذا تظهر الأخلاق المزيفة: فاليهود لا يخطئون لأن اعدائنا يرتكبون الأخطاء”… وفي صدمة استيقاظ متأخر للضمير يكمل: “كان علينا اعتقالهم وليس قتلهم”! متبجحا بمقولة “جولدا مئير” في اجتماعها الاستهلالي معه في منزلها: “فكل حضارة تجد أنه من الضروري التفاوض على حلول وسطية بقيمها الخاصة” …فعن أية حضارة واية قيم وأية حلول وسط تتحدث “مجرمة الحرب الشمطاء” هذه؟!

*أكثر لحظات الفيلم اثارة تكمن في تفاصيل بعض الاغتيالات عندم يتم زرع قنبلة بلاستيكية داخل هاتف ارضي في شقة بروما، فتتبدى لنا لحظة تشويق “هيتشكوكية” خالصة، عندما نشاهد اعضاء الفريق وهم ينتظرون مغادرة طفلة الى باص مدرستها قبل الاتصال بهاتف والدها وتفجيره، فقد فشلوا هنا بسبب زحمة السير من رؤيتها وهي تعود وتدخل العمارة للمنزل لأنها نسيت شيئا مرة اخرى، حيث نراها ترد على الهاتف بدلا من والدها، فيما يحاول الفريق منع حتمية الانفجار، ونرى المراقب الكهل يركض بسرعة لمتابعة الحدث والتأكد من مغادرتها ثانية ليصدر الأمر بالتفجير فور اجابة “زعيتر” (ممثل منظمة التحرير والشاعر المبدع) على رنة الهاتف…
*ثم نشاهد في اللقطات ما قبل الأخيرة “أفنر” (زعيم القتلة) يلتقي بشخص يدعى “بابا لويس” (الممثل مايكل لونسديل)، الذي يعمل كبائع معلومات معتمد، وقد سبق وقاتل في المقاومة الفرنسية قبل ان يتقاعد، نراه وهو يوزع المثاليات على أفنير وعصابته وينتقد “الديغولية” كمنهج.
*لكنا نندهش لطريقة تشكيل عصابة القتلة المتكاملة التي تمثل منهجية عمل الموساد في انجاز اغتيالات ناجحة: فقد تم تكليف “أفنير” مع اربعة فقط من زملاءه المختارين وهم: روبرت (ماثيو كاسوفينتز)، صانع ألعاب، وخبير في نزع وتركيب وصنع القنابل، مع كارل (الممثل المخضرم سيريان هيند)، الذي تنحصر مهمته بازالة الأدلة بعد كل اجراء وقتل وتفجير واغتيال ومتابعة نجاح تنفيذ الاغتيال، ثم ستيف (ممثل ادوار جيمس بوند الشهير دانيال كريج) الذي يعتبر رجل “الزناد” الاحتياطي والسائق الماهر السريع، ثم الكهل هانس ( هانس زيشلر)، الذي يمكنه تزوير الرسائل والوثائق الشخصية ببراعة، والذي لا يتورع عن المبادرة والمخاطرة بقتل خصم فلسطيني في أثينا فشلوا عمليا باغتياله في شقته بعبوة ناسفة، فيبادر هذا الحاقد المجرم باغتياله بعنف برصاص مخاطرا بحياته ومخلا بعملية توزيع الأدوار!
*نرى أنه وضعت بالنهاية لمصلحتهم نقود تتجاوز ال300 الف دولار كوديعة مصرفية في حساب سري ببنك سويسري يتحكم فيه أفنير لوحده، كما أنهم يكتشفون اهدافهم بواسطة دفع مكافآت مجزية لرجل اتصال فرنسي غامض يدعى لويس (ماثيو أمالريك)، وربما يكشف هذا الشريط المبني على رواية شهيرة لكاتب مجري يهودي معارض كان يعيش في كندا، عن تفاصيل متكاملة لمنهجيات الاغتيال في الموساد والتي كان من ضمنها اغتيال المبحوح في دبي قبل سنوات وغيره من قادة فصائل المقاومة الفلسطينية وحماس والجهاد الاسلامي تحديدا، وأخرها اغتيال العالم النووي الايراني الفذ “محسن فخري زادة” في ضواحي طهران في عملية تبدو معقدة ومتطورة للغاية، والتي لا تختلف الا بتقنياتها العصرية الألكترونية وصور الأقمار الصناعية ودور الخلويات والكاميرات وتقنية التحكم عن بعد والتعرف على الشخصيات وغيرها… فيما تبقى عملية القيادة وتركيب الفريق وتوزيع الأدوار واحدة في كل الحالات، وكنا نقول دوما بأن العرب لا يقرأون ولا يعتبرون ولا يشاهدون الأفلام ايضا، ولكن يبدو ان الأيرانيين/الفرس كحضارة بائدة/ ايضا يعانون حاليا من نفس المشكلة، وهذه “المعضلة” تحديدا قهرتني حقا وألهمتني لاعادة مشاهدة الشريط (القديم والذي تم تجديده مؤخرا) مرتين بغرض النجاح بكتابة ثلاثة مقالات متتابعة متكاملة حوله، آملا بان يلقى مقالي هذا وغيره الصدى والتفاعل والقراءة فعسى أن انجح بمسعاي القومي/الوطني لكوني فلسطينيا “مخلصا منتميا حتى النخاع”: لأكشف خفايا عمل جهاز الارهاب العالمي الأول الموساد للملأ، وقد شهد شاهد من أهلهم (سبيلبيرغ الأمريكي اليهودي المتصهين صاحب هذا الشريط الكاشف، وصاحب فيلم “قائمة شندلر” الفائز بالاوسكار والذي يبالغ كالعادة بتصوير الهولوكست النازي بحق اليهود)…كما أني آمل بنشره في كافة المواقع الصحفية والألكترونية العربية العالمية بلا خوف ووجل من بعبع الكراهية وتهمة “معاداة السامية” المسلطة حاليا فوق الرؤوس والهامات في الغرب وأمريكا وربما حتى بالشرق ودول التطبيع العربية “القديمة والجديدة”/ بحجة أن الصهاينة باتوا بيوم وليلة “اولاد عمومنا” المسالمين “الطيبين”،وخاصة “أنهم كفوا “مؤخرا”عن ممارساتهم الاجرامية التنكيليية الاحتلالية اليومية بحق الشعب الفلسطيني والمقاوم العربي العظيم المناضل المثابر الصامد في أرضه ووطنه: (لاحظ في الهامش التوضيحي* بعض التفاصيل عن سبل الاجرام السائدة وما زالت في المعتقلات الاسراءيلية عموما).
*أخيرا وليس آخرا: فشريط ميونيخ اللافت هذا يلعب فيه الممثل الاوسترالي “أريك بانا” دور الحارس الشخصي السابق لجولدا ماير، والذي قبل فيه مهمة “قائد سرب الانتقام السري”، حيث لن يكون له وجود رسمي هو وزملائه في السجلات الرسمية، ويتم التعامل معهم من خلال وسيط يدعى “فرايم” (الممثل البريطاني المخضرم جيفري رايش)، ولم يشرح لنا الفيلم سبب ضرورة “انكار وجودهم”، حيث كانت مهمتهم تتلخص بالاغتيال العنيف بلا هوادة باستخدام الرصاص المكثف ثم كافة انواع المتفجرات بشتى الأساليب (ومنها الزراعة أسفل أسرة النوم في الفرشات ايضا)، وذلك بغرض التخويف وبث الرعب وتوليد دعاية مرعبة دراماتيكية مؤثرة، ثم وزرع الهيبة النفسية عند الأعداء والمقاومين (التي ثبت نجاحها بتقصير الأعداء والمقاومين عن الرد المكافىء بحجج واهية غير مقتعة ابدا)، وهذا ما نجح الفيلم باظهاره تماما.
يتبع مقالين مكملين 2و3 راجيا الالتزام بنشر الثلاث مقالات تباعا بلا اهمال وتطنيش واستعلاء مع خالص التقدير والامتنان لهيئة ومدير التحرير المبجل…

*هامش توضيحي:
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
قدم المحامي التقدّمي الإسرائيليّ، إيتاي ماك بمشاركة 75 ناشطًا إسرائيليًا في مجال حقوق الإنسان التماسًا للمحكمة العليا في القدس، طالبوا من خلاله الكشف عن وثائق جهاز الشاباك المتعلقة بجرائم التعذيب في معتقل الخيام، سيء الصيت والسمعة، الذي كان يستخدمه الاحتلال إبّان احتلال الجنوب اللبنانيّ وتمّ إغلاقه بعد الانسحاب الإسرائيليّ في أيار (مايو) من العام 2000.
وفي مقالٍ نشره المحامي ماك في صحيفة (هآرتس) العبريّة كشف النقاب عن طرق وأساليب التعذيب التي كانت تُمارِس ضدّ المعتقلين من قبل المحققين التابعين لجيش جنوب لبنان العميل ومحققي جهاز الشباك، مؤكّدًا على أنّ الجرائم التي تمّ ارتكابها بحقّ المعتقلين ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة جمعاء، على حدّ قوله.
وعلى سبيل الذكر، ذكر المحامي “أنّ “القنّ”، كان الاسم الذي أُطلق على الزنازين الانفرادية الصغيرة، والتي يبلغ طولها وعرضها الـ50 سنتيمترًا أما ارتفاعها فيبلغ الـ70 سنتيمترًا. عُلّق فيها وعلى أعمدة التعذيب معتقلون كثر، جُلدوا بالكرابيج (أسلاك كهربائية مجدولة). بينما عُذب آخرون بصعقات كهربائية بأيديهم، أصابع أقدامهم، أعضائهم التناسلية، آذانهم، حلماتهم وألسنتهم. كما وقبع جزء آخر من هؤلاء المعتقلين بعتمة دامسة، الأمر الذي سبب لهم إعاقات بصرية لاحقًا”.
وتابع قائلاً: “كانت أغلب زنازين معتقل الخيام ضيّقة ومكتظّة بالمعتقلين، تفتقر لشروط الصحة الأساسية كالمرحاض، حيث اضطر المعتقلون لقضاء حاجاتهم في دلو أو في ملابسهم، الأمر الذي سبب لهم أمراضا جلدية لم يعالجها أحد. لكن، تكمن المفارقة، بأن مستشفى قبع بضعة كيلو مترات عن المعتقل، لكن ومع الأسف لم يصله المعتقلون إلا بعد فوات الأوان. وأعني هنا بوضع انعدم فيه أي أمل بالشفاء. مات على الأقلّ داخل معتقل الخيام الذي عمل فيه سجانون ومحققون تلقى معظمهم تدريبا على يد دولة إسرائيل، عشرة معتقلين”.
*عن موقع رأي اليوم اللندنية.