23 ديسمبر، 2024 2:00 م

كثيرا ما كانت توقظه اقدام المارة، فينتبه إلى وقع خطاها جيئة وذهابا، اذا ما اقتربت من زاويته، الكل يمارس عمله لكسب قوت يومه، الا هو، اذ يبدوا ان طول مكوثه في محله، جعل المارة لا ينتبهون له وكانه غير موجود، وهو قد اعتاد على مكانه هذا، فرغم الصخب اليومي، تراه غير آبه بما حوله الا ما ندر.
ذات صباح عابر أيقظته انامل طفلة لم تتجاوز الحادية عشر من العمر، يكاد القطن يخدشها لو لامس اطرافها، وشعرها المذهب مطروحا بعنايةٍ فوق اكتافها، ايها العم اين اجد محلا ابتاع منه شريطا لضفائري؟ وبعد ان يجارف سيل افكاره، (هل ادلك عليه؟) نعم، ولكن ربما تكون متعبا فجلست تستريح فلم اتعبك معي؟ (كلا فمعك الامر يستحق المحاولة) شكرا لك- تقولها بابتسامة مع غمازة في خدها الايمن- يقوم ليجر اذياله ببطئ كما تجر الشمس اذيالها نحو الغروب، لم تكن خطاه متناسقة، هل انت مريض؟ قليلا فقط، يعبران الشارع ليدخلها في الازقه، (كم الساعة الان؟) انها العاشرة و10 دقائق ويجب ان اذهب إلى المدرسة الساعة الحادية عشر، لذلك يجب أن نسرع الخطى كي لا أتأخر عن العودة، (لا عليك) يصلان إلى بناية قديمة متهالكة، (من ارسلك؟ ) امي اذ لديها اجازة اليوم فلم تذهب إلى عملها في الجامعة،
وماذا تعمل امك؟ تدريسية في الجامعة في اختصاص الادب الانكليزي، (واباك؟ ) طبيب اسنان، يبادرها في القول وقد بدا صوته متحشرجا (تعالي لندخل إلى هذه البناية، فقد مررت من هنا بالأمس؛ واضعت ساعتي تحت سلالمها فهل يمكنك ايجادها لي ولن نتأخر؟) تطرق برأسها قليلا، نعم لا أستطيع رفض طلبك، كما لم ترفض طلبي، وتنفيذا لوصية والدتي التي تقول دائما لا تعتذري عن ابداء المساعدة قدر استطاعتك، يدخلان تحت سقوف خاوية كخواء الزمن، ومظلمة كظلام تلك الساعات التي راحت تتساقط ثوانيها واحدة تلو اخرى كتساقط جدائل شعرها الذهبية فوق اكتافها الجميلة، والتي تكاد تنقلب إلى جناحين من شدة البراءة، يمتلئ المكان برائحة الخمر فور دخولهم، تبادره القول “ما هذه الرائحة؟” رائحة مواد البناء الرطبة، يجيبها بعد ان وضع يده على فمه.
تركز على الارض وتبعثر بيديها بين الاتربة، تغور عيناه في تفاصيلها؛ كما غارت من قبل بسابقاتها والتي لم يجد لهن اثر من قبل، ينكمش الثوب عن ساقها بقدر انحنائها الطفولي، فتخرج ساقها كأنها غصن بان اخضر لتوه، تنشغل بالبحث بين بقايا الصخور، وهو ينشغل في الغور في تفاصيلها الطفولية.
يهتز جسدها من اثر ضربة تتلقاها على ضهرها لتطرحها ارضا، يمسك يداها ويستلقي فوقها، وهي تصارع شهوانيته كغريق يصارع غرقه امام موج جارف وهو لا يعرف السباحة،
تصرخ بقوه فتمسك قبضته فمها؛ كمسك غول لوردة تناثرت بين يديه اوراقها، اكمل حيوانيته ونفض الغبار عنه ورحل.
في تقرير التشريح قيل إنها سقطت على وجهها، واصيبت بحجر كبير على رأسها، فاصابت عمودها الفقري، وسبب الموت لم يحدد بدقة بين اختلال في الحبل الشوكي، واختناق، ونزيف داخلي جراء اعتداء جنسي “لمتشرد ما”!