تمر علينا هذه الأيام ذكرى ولادة سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، يوم أنار الله الأرض بنور هذا الرجل العظيم البشير النذير الذي أنقذ الانسانية جمعاء والعرب خاصة من الجهل والظلم والفساد؛ وبنى في قلب الصحراء دولةً خضعت لها الرقاب طوعاً و كرهاً، لا لتجبره ولكن لعدله الذي جعل القبائل تهوي اليه حبا له ورغما عن حلفاءهم السابقون الذين كانوا لا يعرفون سوى منطق القوة؛ ومنهم من جاء خوفا على نفسه ومصالحه من الضرر؛ فكانت اكبر وأعظم دولة قامت على التسامح والعدل والحياة المدنية بعيداً عن أي عنصرية أو طائفية.
اليوم يحتفل جميع المسلمين بهذه المناسبة، مفتخرين على الأمم بانتماء سيد الرسل لهم دون غيرهم؛ لكن هل فخرنا واعتزازنا ينتهي عند المناسبات فقط؟! وهل نقدر تضحيات رسولنا الكريم في سبيل وضع عجلتنا على المسار الصحيح.للأسف باع الكثير منا قضيته وتناسى التزاماته كإنسان أولاً وكمسلم ثانياً؛ و تاه في دنياه؛ شهوةٌ تجره، وطمعٌ يدفعه؛ كأنه نسي أن ديننا هو الأخلاق، وأن لا منجى له إلا بالعمل الصالح ونقاء النفس؛ يوم يقف بين يدي من لايُخشى الا عدله.المآساة هي أن الأمر تعدى الأشخاص ليصبح توجهاً للحكومات؛ حيث توغلت حكوماتنا في حياكة المؤآمرات لبعضها البعض؛ كأنها نسيت أنها إمتداد للدولة الاسلامية، ويجب أن تكون نواة حكومة العدل الالهي التي تأتي في آخر الزمان.كل ما سبق قد يندرج في سياق الأطماع الشخصية، و حب السلطة والتوسع على حساب الغير وان كانت تجمعه معه مصالح مشتركة؛ شأنهم في ذلك شأن الورثة الذين يضيعون حقوقهم ومصالحهم المشتركة في نزاعاتهم على الميراث؛ فلا هم اغتنوا ولاهم حافظوا على أصول الميراث للمنفعة المشتركة؛ لكن عندما يصل الأمر لأن تتحالف دول إسلامية – أو تدعي نفسها كذلك – مع جهات واضحة العداء للإسلام، ولن تقبل يوماً بأن تنفع الإسلام حتى بكلمة حق؛ فهذا الغباء بعينه؛ حيث أن الخصم المسلم مهما زادت عداوته فهناك حدود يقف عندها خوفاً على دينه وحباً بالإسلام؛ والجهات الخارجية مهما كانت ودودة فلن تسمح لها مصالحها، ولا اعتقاداتها الدينية، ولا تاريخها الحافل بالكراهية للإسلام أن تقدم منفعة حقيقية لأي دولة مسلمة.
وتستمر المؤامرات على بَعضِنا البعض بتحريك من قبل أعداء الإسلام؛ ويظل كل قوم بما لديهم فرحون؛ حتى نسينا أننا اتباع دين واحد، وتحت راية نبي واحد، ونطلب الرحمة من رب واحد.
ترى هل يأتي يوم نستيقظ به من غفلتنا؟ أم سنكون أول المعادين لدولة العدل الالهي في آخر الزمان التي -بدون شك- ستحارب كل الاطماع وترفض كل السياسات المنحرفة في بناء الدول؟!!.