(1)
الديمقراطية الحقيقية هو نظام للحكم يدعي اصحابه انه النظام الاكثر عدلا لتمثيل ارادة شعب من الشعوب!
ولم ينشا النظام الديمقراطي الا بعد تاريخ دموي طويل من النضال من اجل نظام اكثر عدلا واكثر رقيا وتمثيلا لمصالح طبقات المجتمع كافة!
يمكن ان نجد نظاما ديمقراطيا على الصعيد الداخلي-اي انه يمثل ارادة غالبية افراد المجتمع التي تم تكوينها عبر نظام اقتصادي واعلامي وبوليسي وثقافي معين – ولكنه نظام عدواني اجرامي على الصعيد الخارجي لايكف عن انتاج الحروب والازمات وتصديرها للعالم باسره, وانه ليس نظاما عادلا لانه يمثل مصلحة طبقة مستغلة معينة تمكنت من تكييف هذا النظام للابقاء على مصالحها للابد! مع ارضاء طبقات المجتمع الاخرى برمي فتات الموائد لها واهمها موائد النهب من الدول الضعيفة الاخرى, ومن النظام العالمي غير العادل الذي يعاد تشكيله بعد كل حرب عالمية او حرب باردة, ولكنه في جوهره واحد لايتغير في تمثيله مصالح الاقوياء على حساب الضعفاء!
وتقف امريكا وبريطانيا واسرائيل كمثال صارخ على ذلك!
المصيبة ان تلك الانظمة قامت خلال الحرب الباردة بمحاربة اي نظام ديمقراطي في دول العالم الثالث ان كان ضد مصالحها وتنظيم الانقلابات الدموية ومنها الانقلاب ضد سلفادور اليندي في تشيلي عام 1973.
لابل ان شبكة الانترنت التي اكتشفتها امريكا لم يتم اعلانها ووضعها لخدمة البشرية الا بعد انهيار المنظومة الاشتراكية! خشية استغلالها من قبل اليسار في العالم.
اما دعم الانظمة الدينية المتخلفة والفاشية الدينية في العالم فالامثلة لاتحصى! ومنها احتضانها لخميني وللاخوان المسلمين من قبل.
ان تلك الدول تسعى من اجل مصالحها فقط ولاتسعى من اجل مصالح البشر والعدل في العالم.
ان كانت الدول المتقدمة تسعى للعدل فعليها تحميل مسوولية الاحتباس الحراري للدول المتقدمة التي تنتج التلوث مما سببت ويلات للعالم مقابل ارباحها الطائلة وخصوصا مايحصل من احتباس واحترار خطير في العراق والشرق الاوسط والكثير من دول العالم بفعل العبث في البيئة العالمية والانتاج المتزايد الصناعي من اجل الزيد من الارباح!.
ان كانت تلك الدول راغبة حقا في العدل والانصاف وانقاذ العالم فعليها محاربة الفاشية الدينية بدلا من تمهيد الطريق لها كما تفعل مع ايران والحد من زيادة السكان في العالم وتنظيم موتمرات لذلك مشابهة للموتمرات من اجل البيئة وتقليل الانبعاثات الكاربونية, وموتمرات من اجل اقامة انظمة متوافقة مع ظروف العالم المتخلف بدلا من استنساخ الديمقراطية الزائفة الى العالم المتخلف وتنصيب طبقات من مزدوجي الجنسية يرضى عنهم الغرب ماداموا ينهبون اموال بلادهم ويرسلونها للغرب كما هو حال طغمة الفساد والارهاب والاجرام الدينية الطائفية العرقية الحاكمة في العراق التي جاءت للسلطة عبر بساطيل الامريكي والبريطاني القبيح!
(2)
النظام الديمقراطي الحقيقي لايمكن ان يقام الا بتوفر شروط معينة منها:
اولا- ان يتوفر هناك وعي جماهيري وثقافة جماهيرية وتعليم تصل حدا مقبولا للبدء بتطبيق هذا النظام.
ثانيا-ان تكون ثقافة الوطن وثقافة العدل والمساواة وقبول الاخر وتقديس العمل والحرية والوطن قد وصلت مرحلة متقدمة.
ثالثا- ان لاتكون هناك قوى ماقبل الدولة من القوى الدينية والمليشياوية والعشائرية والمناطقية والطائفية قد تغولت واستاسدت بحيث تمكنت من بلع الدولة والوطن والشعب.
رابعا- ان لاتكون المصالح الخارجية والمخابرات الاجنبية تلعب لعبا على ارض الواقع وتتحكم في السلطات كافة.
خامسا- ان لاتوجد هناك اي قوة تنافس القوات المسلحة مهما كانت ومهما كانت تسميتها او شكلها او مبرراتها.
سادسا- ان يكون القانون هو الحكم وهو الفصل وليس مجرد حبر على ورق.
سابعا- ان لايتزايد السكان بشكل مريع ينتج عنه جوع وجهل وفاقة ونشوء اجيال مستعدة لبيع صوتها لمن يدفع اكثر او تركض بسبب جهلها وراء كل متامر معمم او معكل او مشرول.
ثامنا- ان لاتكون هناك اي قوة تبوق وتثقف ضد الدولة وتدعوا جهارا نهارا للعمالة والتجسس والولاء للخارج تحت اي عنوان او سبب!
(3)
النظام الديمقراطي بعد كل ذلك يقوم على مايلي:
اولا- احزاب تتشكل وطنيا فقط اي انها تحمل ولاءا مطلقا لفكرة الوطن الواحد والدفاع عنها وعن المصالح الوطنية كافة, ولايمكن ان تتشكل برغبات او افكار او ولاءات اجنبية او تحمل فكرة تقسيم البلد او ضمه لجهات خارجية.
اي ان لاتوجد احزاب طائفية او دينية او عرقية تقوم بتقسيم المجتمع ثم تاجج الفتن والحروب الداخلية ثم تستولي على اصوات الناس عبر تخويف الناس من بعضهم البعض وشراء الذمم والتجهيل ثم تشكل الحكومات وتقوم بنهب مقدرات البلاد وتهديمها!
ثانيا- ان تمارس تلك الاحزاب الديمقراطية في حياتها الداخلية, لتقنع الاخرين بامكانية مشاركتها في الحياة السياسية.
ثالثا- ان يتم احترام استقلالية الدولة وقواتها المسلحة وقواتها الامنية وكل وزراتها لانها ببساطة اجهزة تنفيذية واجبها الدفاع عن مصالح البلاد وتنفيذ توجهات الحكومة التي انتخبها الشعب بشكل حر واعي بلا ضغوط او مغريات او شراء ذمم.
رابعا- ان يتم السماح للتكنوقراط بقيادة الوزارات وقيادة الدولة واقعا لانهم الاكثر خبرة ومهارة وفهما في تخصصاتهم!
خامسا- ان لاتتشكل اي مليشيات او قوى او عصابات مسلحة تحت اي عنوان او ظرف وان تكون وحدانية واستقلال ومهنية القوات المسلحة الرسمية امر لايقبل التاويل والاجتهاد.
سادسا- ان تنقسم تلك الاحزاب الى حزب او احزاب تشكل الحكومة وفق الحد الادنى المطلوب والباقين يشكلون معارضة في البرلمان تراقب عمل الحكومة وتصوبها لا ان تبتزها وتعرقل اعمالها..
اي ان لاتتشكل الحكومة من الجميع وفق نظرية التحاصص ولكل وزارة عدد من مقاعد البرلمان وكل وزارة حرة فيما تصنع ولايوجد رابط يربط اطراف الحكومة ولاخطط خمسية او رباعية او ثلاثية!
واخطر تلك النماذج هي النماذج البرلمانية التي يفرضها طرف ضعيف يسعى لاقتسام الدولة مع الاخرين بدلا من اقام نظام رئاسي ينتخب فيه رئيس كامل الصلاحية يشكل حكومته ويتحمل مسووليتها كما هو شان العالم المتقدم… بل ان النظام البرلماني هو نظام يتم فهمه على انه نظام لمصادرة ارادة الشعب والتلاعب باصواته ومقدراته والمتاجرة بها وفق مصالح ذاتية او اقليمية او دولية!
سادسا- لاتوجد اي ديمقراطية غربية تسمح لمزدوج جنسية بتبوا اي منصب سيادي او حتى امني او عسكري فضلا عن الموقع الاول الا في ديموضراطيات الشرق الاوسط التي صنعتها امريكا!
(4)
شرعية اي نظام لاتاتي فقط من ادعاء انه قد جاء للسلطة بانتخاب ما, بل ان الشرعية الحقيقية هي شرعية الانجاز.
لايمكن لشعب من الشعوب ان ينتخب نظام يقوده للخراب والفقر والتدمير والتقسيم الا اذا فرضنا ان هذا الشعب شعب غبي او مغيب او غير واعي او متخلف وعند ذلك لايمكن تطبيق نظام ديمقراطي عليه بل يجب التفكير بنظام اخر اكثر ملائمة لمستولا تطوره ووعيه.
قد تمثل الانظمة الملكية في العلم العربي انظمة اكثر كفاءة وتقدما ووعيا من كل الانظمة الجمهورية, والفكرة واضحة هي عندما لايمكن ايجاد نظام فعال يحقق شرعية الانجاز فان وجود ملك قوي او امير او سلطان على راس الدولة هو نظام اكثر كفاءة وقدرة من بين كل الانظمة المقامة في الدول المتخلفة.
في واقع الامر ان تكوين الدولة العراقية الحديثة التي اقيمت قبل 100 عام قد حدثت بفضل ملك عظيم يتصف بالحكمة والمقدرة والوعي مع طبقة من الرعيل الاول من الضباط العراقيين في الجيش العثماني الذين احتكوا بشكل ما واطلعوا على تطور اوروبا ودولها وحاولوا تطبيق ذلك على الواقع العراقي او العربي, وكانوا علمانيين في واقع الامر!
اما طبقة الملوك العرب الحالية في الدول ضعيفة الامكانات او قوية الامكانات هي نموذج واضح للكفاءة بشكل عام عند استثناء بعضها القليل مقارنة بالانظمة الجمهورية التي سقطت بسبب عوامل داخلية او خارجية..
مايهمنا هنا دراسة مستوى التقدم المتحقق في المجالات كافة وليس مهما نوع الايديولوجية التي تقود الدولة!
(5)
من الواضح جدا لنا اليوم بعد 63 سنة من سقوط النظام الملكي في العراق حجم المنعطف الخطير الذي دخل فيه العراق والمنطقة!
نعم ان للنظام الملكي اخطاء كبرى ولكن للانظمة الجمهورية على الرغم من انجازاتها وافكارها وطموحاتها وتطلعاتها وعفة قادتها خطايا كبرى والامر متروك للتاريخ. ومن قال ان النظام الملكي لم يكن من الممكن ان يتطور ويصلح اخطاءه لو استمر به الزمن?
والعراق الذي جرد من حلفاءه الاقوياء بعد سقوط النظام الملكي اصبح جثة تتناهشها اطراف التقسيم الداخلية مع القوى الاقليمية مع الايدلوجيات القومية والاممية التي حملت العراق فوق مايحتمل وشعارات تحرير فلسطين التي ادت الى تدمير العراق وتقسيمه وافقاده لاراضي هي اكثر من مساحة فلسطين وضياع اموال طائلة مع نزيف دم مستمر!
فضلا عن افكار الاشتراكية التي جرى تطبيقها بشكل مريع ادى الى خراب اقتصادي وقيمي واجتماعي وكانت مجرد استنساخ ولصق ولم تاخذ الواقع الراهن ولاظروف العراق ولا كفاءة هذا النظام من عدمه في العراق!
وتلك قصة اخرى.
(6)
العراق في الواقع بحاجة الى نظام طواري لفترة لاتقل عن عقد من الزمان لترتيب اوضاعه الداخلية يجري خلالها مايلي:
اولا- حل كل الاحزاب الحالية والعصابات والمليشيات, وابادة كل عناصر الاجرام والاستهتار والفساد والتخريب والعمالة والتجسس والارهاب, واعادة كل الاموال المنهوبة ومطاردة بيضة الفساد والارهاب في الخارج!
ثانيا- تجريد المجتمع من السلاح والعتاد كافة وتجريم الحصول عليه الا للقوات المسلحة.
ثالثا-محاربة الفساد والارهاب والاجرام والتجسس والمخدرات من خلال هيئات خاصة مستقلة لاسلطان عليها.
رابعا-تحديد النسل وتحديد عدد السيارات وتقليصها ومنع ازدواجية الجنسية.
خامسا-تطهير الدولة من الفساد والتخريب والجهلاء والبطالة المقنعة وتقليص حجم العاملين فيها وتوسيع المشاريع الزراعية والصناعية وزيادتها عبر توظيف البطالة المقنعة فيها!
سادسا-بناء البنى التحتية الاساسية للاقتصاد من سكك حديد وطرق سريعة وتطوير الزراعة واعادة بناء وتطوير الصناعة والتعليم والصحة والثقافة وبناء مدن جديدة متباعدة بدلا من التوسيع المريع للمدن الحالي.
سابعا-تجريد قوى ماقبل الدولة الدينية والطائفية والعشائرية والمناطقية والمافيوية من اسنانها وتركيعها لصالح القانون والمجتمع.
ثامنا- ان تكون مصالح العراق هي المقدسة ومع اي كانت والهدف انهاض وبعث العراق من جديد, ولاخط احمر مع اي علاقة دبلوماسية مع احد ان كانت في مصلحة العراق وترك الايديولوجيات العاطفية السياسية والدينية بل فقط ايدلوجية تضمن مصالح العراق فقط والعراق اولا واخيرا! ومع اي كانت!