عُرِفَ التنافس السياسي على أنه, لا يتصف بالأخلاق الحميدة, ذلك لما يحمله من أعمال تسقيط, للأحزاب والتيارات السياسية الأخرى, والذي يشمل هتك العرض, وإن كان كذباً!
حَكَمَ العراق طُغاةً لا يأبهون لنزاهة, أو شرف التنافس, فهمهم الحكم والمناصب, وعندما يتسنمون السلطة, عن طريق الانقلابات العسكرية, تَظهر عيوبهم ويمارسون كل الموبقات, ولا ينسى شعبنا العراقي, ما كان يمارسه الطاغية صدام, ومن سبقه من حُكام, ما خلق حالةً من عدم الثقة, لدى عموم الشعب, وتبعاً لتلك السياسات الخاطئة داخليا وخارجياً, وعنجهية النظام الفردي, عادَ العراق محتلاً من قبل أمريكا.
دخل العراق بمرحلة جديدة, لم يعتد عليها ولم يمارسها, منذ إسقاط الحكم الملكي عام 1958, إنها عملية الديموقراطية, حكم الشعب لنفسه عن طريق الانتخابات, ليختار من يراه مناسباً لخدمته, بعد أعوام من حكم الحزب الواحد, والقائد الأوحد والفذ الذي لا يلحقه لاحق؛ واتهام بقية الساسة المختلفين معه, مجرد خونة متآمرين لا يمتلكون, حتى بيان رأيهم ليقود تحت سياسة, نفذ ولا تناقش.
بالرغم من فرحة الشعب العراقي, بتحول نظام الحكم في البلاد, إلى الديموقراطية, إلا أن التمهيد له لم يكن كافياً, فقد عاش العراقيون, تحت ظل الحكم الطواغيت, أكثر من أربعين عام, ويحتاج لعملية وعي مكثف, كي يزيل من عقله, سياسة اتباع العشيرة, والانحياز والتعصب واختيار أياً كان, وعدم البحث عن الأكفأ والنزيه, وعدم معرفة البرنامج العام, لتلك الحركة أو الحزب, ودخول مرحلة الطائفية, وعدم الانصياع لتوصيات المرجعية العليا, بأخذ الحَذر من ساسة الصدفة, ما جعل بعض المتصيدين للفرص, من الفاسدين والانتهازيين, وحملة الأجندات الإقليمية والدولية, للتسلل إلى العملية السياسية, بأساليب لا تمت للوطنية, للانقضاض على المناصب, ليصبح العراق كعكة واجبة التقسيم, بين أولئك المتربصين.
ممارساتٌ لا أخلاقية, مورست في كل الحملات الدعائية, تشويهاً للسمعة وطعناً دون أدلة, ورشوة للحصول على الأصوات, تحت اسم الهدايا تُقَدم للشعب من أمواله؛ واتفاقات وراء الأبواب المغلقة, من أجل تقسيم المناصب, وكأنها غنائم لا مسؤولية, فكان المرشح يَعد ولا يفي بوعوده, ليستلم إن لم يفز بدورة أخرى, راتباً تقاعدياً لأربعة أعوام, يقضيها داخل البرلمان أو مجلس المحافظات, ما خَلَقَ حالة من الإحباط, استغلها الفاسدون والفاشلون, ليعمموا ذلك الفشل وانتشار الفساد, على جميع الكتل السياسية, ليبقوا هم وأتباعهم, الأغلبية التي تشارك في الانتخابات.
لانتشار الفوضى في البلاد عام 2019, تم إلغاء مجالس المحافظات, ودوائر المفتشين العموميين في الوزارات, سعياً للعودة إلى الحكم الجمهوري, وحكم الفئة الواحدة وعودة الطغاة, تحت ذريعة فشل العملية السياسية الحديثة, وكالعادة فالأجندات الداخلية, والإقليمية والدولية تعاضدت, لإسقاط النظام عن طريق الفوضى, لتذهب أرواح بريئة, جراء الحراب السياسي, ومحاولة جر البلاد للاقتتال الداخلي, لولا حكمة المرجعية العليا, وبعض الساسة الشرفاء, بالتحكم ببوصلة الأحداث.
وما بعد الانتخابات المبكرة, وامتصاص غضب الشارع المُفتعل, تشكلت حكومة الخدمات, لإعادة ثقة الشارع العراقي, والتأهيل لإعادة انتخابات مجالس المحافظات, التي يسعى الوطنيون, للعمل على أخذ دورها الحقيق, بدلاً من تجربة الفشل السابقة, والالتزام بإبعاد ومحاسبة الفاسدين والفاشلين, وهنا يجب على المفوضية, أن تستبعد كل مرشح أو كتلة سياسية, تعمل على التجريح والاتهام, أو الترويج حارج حدود المهام, الدستورية لمجالس المحافظات, ومن يعمل على شراء البطاقات الانتخابية.
هل سنرى انتخابات نزيهة, خالية من الانتهاكات والتزوير؟ هل ستكون من النظافة, تُعيد ثقة الشعب بنفسه, أنه صاحب القرار؟ فبيد المواطن لا المرشح, تحديد من هو كفوء ونزيه, بعد البحث بين المرشحين, إن لم يعرف من بينهم, مرشحاً مسبقاً متأكداً, أنه ثقة لا ينكث الوعد.