23 ديسمبر، 2024 7:00 ص

على غرار الشرطة المجتمعية وشرطة مكافحة الارهاب وشرطة مكافحة سرقة السيارات وشرطة حماية المنشآت وغيرها من أقسام الشرطة، نحن اليوم بأمس الحاجة إلى انشاء قسم آخر للشرطة تحت اسم الشرطة المدرسية.
كما أن الطبابة المدرسية في مديريات الصحة في جميع المحافظات تهتم بصحة الطلبة وفحصهم والاهتمام بهم، فإن الحاجة ملحة الآن إلى انشاء قسم للشرطة تهتم بشؤون الطلبة داخل المدارس تحت تسمية الشرطة المدرسية.
بتواجدي في إحدى الثانويات في مدينة كركوك وجلوسي في الإدارة بصحبة السيد المدير والسيد المعاون، شاهدت عجب العجاب مما لا يستوعبه عقلي. فبدل أن تنشغل الإدارة بالأمور التربوية والتعليمية للطلبة ومتابعة دروسهم وتحضيراتهم، شاهدت الإدارة منشغلة تماماً بالتحقيق مع الطلبة في أمور بعيدة كل البعد عن التربية والتعليم. كان التحقيق يجري مع بعض الطلبة الذين تم ضبط السكائر في حقائبهم المدرسية وهم طلاب مرحلة متوسطة، أي أن أعمارهم لم يتجاوز خمسة عشر عاماً. الحقيقة كان الأمر مذهلاً بالنسبة لي وأنا أشاهد صغاراً يقفون أمام مدير المدرسة والمعاون وقد تم ضبطهم بالتدخين. ليت الأمر ينتهي بالتدخين كما قال السيد المدير، فالمسألة قد تجاوزت ذلك حتى بلغ الأمر أن يحمل الكثير من الطلاب سكائر الكترونية كما يحمل القرطاسية والكتب وهو في داخل المدرسة وكأن السكائر حاجة من حوائج وملازم الدراسة. دعك عن هذا كله فهناك تحقيق مع مجموعة من الطلبة الذين يحملون في جعبتهم سكاكين وأدوات جارحة! شجار فيما بين الطلاب قد أدى إلى إصابة أحدهم بجرح في يده والآخر في ساقه. وأنا في دهشة من الأمر، أظهر لي السيد المدير جهازاً للصاعقة الكهربائية التي تستخدمها القوات الأمنية وقد كانت الإدارة قد ضبطتها في حقيبة أحد الطلاب مما ادى الى تفكيك عقلي وزيادة خشية من المصير الذي آل اليه حال أولادنا.
رغم هذه المشاهدات المأساوية، إلاّ أن إدارة المدرسة تحمد الله على حالها مقارنة بالمدارس الأخرى لعدم ضبط الحبوب المخدرة لدى الطلبة في هذه المدرسة حتى الآن. هذه المواد المخدرة التي تفتك بالمجتمع وتنال من الشباب قد تفشى بين طلاب المدارس إلى حد مخيف جداً في مؤشر خطير إلى هزل وسوء مستقبل ابنائنا التعليمي.
السيطرة على هذه الأمور ومنعها من أن تنحو منحاً خطيراً وإنزال أشد العقوبات واتخاذ الإجراءات الصارمة ومحاسبة الطلبة المتورطين بها، تأخذ الشيء الكثير من جهد الإدارات والمدرسين التي من المفترض أن يقتصر جهدهاً على إيصال المعلومة والتدريس الصحيح وليس إجراء التحقيقات البوليسية التي ليست من اختصاصها أصلاً.
خطورة الأمر يدعونا جميعاً إلى التفكير ألف مرة بحل من شأنه أن ينقذ المجتمع من السقوط في هاوية حتمية. حل يردع السلوك المهلك والخطير وانقاذ ابنائنا من هذه المأساة التي اذا استمرت ستحرق الأخضر واليابس وهذا مسؤولية الجميع. لذا فإنني أقترح على الدولة سن القوانين اللازمة واستحداث قسم خاص للشرطة المدرسية في كل مركز من مراكز الشرطة وتوفير عنصرين شرطة على أقل تقدير داخل كل مدرسة بشكل مستمر وليس كدوريات شرطة كالتي تقف أمام مدارس البنات عند بدء ونهاية الدوام. يجب أن يكون للشرطة المدرسية مكاتب داخل كل مدرسة وأن يتم الاهتمام بهذا المكتب ومساعدته في محاسبة المتجاوزين على الآداب العامة وحرمة المدارس.
الآن وليس غداً على الجميع تحمل هذه المسؤولية والبت في اتخاذ التدابير اللازمة لدرء الخطر الذي يهدد الشباب. قد نكون متأخرين جداً فيما إذا أجلنا الأمر إلى الغد، فالسلوك المنحرف بدأ ينهش بجسد الأمة ويدع لا مجال للتفكير.