23 ديسمبر، 2024 7:41 م

تعد أزمة التظاهرات في المحافظات الغربية وبعض المدن التي تقطنها غالبية من الطائفة السنية في العراق هي الأخطر بسبب طبيعة (المدخلات والمخرجات) فالمدخل هو مشروع إقليمي ولد بعد تغيير النظام في العراق عام (2003 )!  تنفذه أدوات عراقية بواجهات جديدة غير متحققة وتسعى جاهدة لإثبات ذاتها كقوى يجب الانتباه إليها والتعامل معها كواقع جديد لا يمكن تجاهله والمُخرج هو(تقسيم العراق)  ليس على أساس نظم أدارية لامركزية(فدرالية ) كما يحصل في بعض التجارب الديمقراطية تتيح للإدارات صلاحيات واسعة لخدمة جماهيرها في تلك المناطق بل على أساس مكونات  (عرقطائفية)   تجعل من العراق بلد خارج فاعلية التأثير في محيطه، وهذا ما خططت له مراكز البحوث الإسرائيلية منذ عقود عبر سياسة ما يعرف ب (نظرية انتقام الجغرافيا) المتمثلة بتقسيم دول شرق الأوسط إلى دويلات غارقة في أزماتها الداخلية لضمان امن إسرائيل،  وهذا السيناريو قد تم له الأعداد بعناية فأزمة التظاهرات الأخيرة التي بدأت شعبية نتيجة أخطاء حكومية غير مبررة وانتهت بأبوة غير شرعية أفرزت  مخططين لها رفعوا مطالبات ذات نهايات (سائبة) لا سقف لحدودها! لخط الأوراق ثم الانتقال إلى مرحلة ثانية متمثلة بتدويل القضية من خلال الاستنجاد بالمنظمة الدولية والجامعة  العربية وبالتالي ترجيح الحل الخارجي على الحل الداخلي وبهذا لن ولم يكون من محيص سوى تقسيم العراق وقد يتبادر السؤال :

 لماذا يذهب الجميع إلى خيار  الحل الخارجي دون الحل  الداخلي ؟

الجواب هو : على الرغم من أن الغالبية هي مع خيار وحدة العراق بيد أن صوت  التقسيم سوف يعلو لعدة عوامل أهمها :
فقدان الثقة بين الحكومة والجمهور الذي عززه الأعلام المغرض والأخطاء الحكومية   .

عدم وجود خارطة حل لا عند الخصوم ولا عند الحلفاء .

نجاح الشحن الطائفي في تحييد الواجهات السياسية السنية التي كانت تمثل مرجعيات سياسية لهذا الجمهور ما جعلها تسلم أمرها إلى العقل الجمعي الجماهيري وفقدانها دفة القيادة.

أن تدارك المخرجات المتوقعة  من تلك الأزمة( التدويل ـ  التقسيم ـ  الصراع الداخلي ـ  عراق خارج تغطية الفاعلية ) يحتاج إلى ضريبة يجب أن تدفعها النخبة المتصدية للمشهد السياسي بشجاعة لإثبات حسن نواياها وقناعاتها التي عبرت عنها بمناسبات سابقة بضرورة وحدة العراق أرضا وشعباً حتى لو تطلب الأمر (استراحة مقاتل) لسحب البساط من القوى التي لا تريد للعراق وأهله ألا الشر والتي تختبئ وراء أرادة الجماهير وعفويتها  وتتخذ من شخصنه الأمور غطاءاً تستتر به وهذا هو العلاج الناجع لتدارك ألازمة التي كلما تأخرت تحولت إلى سائل يأخذ شكل الإناء  الذي يتمدد فيه .

أن شراع الأزمة سوف يتجه إلى ما خطط له أعداء العراق أذا لم تحرفه إرادة شجاعة وصادقة تستطيع  توجيه  حركته نحو عراق آمن مستقر يجنح أهله كعادتهم إلى التعايش السلمي خياراً لابد منه .