23 ديسمبر، 2024 1:41 م

شراء الذمم ليس أنشقاقا ” الحالة العراقية السورية مثالا “

شراء الذمم ليس أنشقاقا ” الحالة العراقية السورية مثالا “

ألانشقاق : أصطلاح سياسي مرتبط بالحكم تاريخيا , وألانشقاقات في الحكم كثيرة تحتاج الى دراسة كاملة ليس هنا مجالها , وألانشقاق مرتبط بالحزب تنظيميا , وأنشقاقات ألاحزاب تحتاج الى موسوعة كاملة , وألانشقاقات بالمفهوم ألاجتماعي مرتبطة بألاسرة وظاهرة النشاز بين الزوج والزوجة عالجها الفقه ألاسلامي بناءا على هدي القرأن ” وألاتي تخافون نشوزهن .. الى أخر ألاية ”
ويسمى ألافتراق في العمل التجاري بين طرفين أو أكثر أنفصالا ولا يسمى أنشقاقا ؟
ويخطئ  من يظن أن مايحدث في سورية أنشقاقا كما تسوقه فضائيات عرفت بعدم مصداقيتها في هذا الحدث المؤلم على قلب كل أنسان  يهتم بمشاكل الناس والمجتمعات .
أو كما يصوره مراسلون لايمتلكون خبرة سياسية بطبيعة ألانشقاقات وأستحقاقاتها ألاصطلاحية من الناحيتين الثقافية والسياسية .
 أو كما يذهب اليه بعض المحللين الجدد ممن أصبحت الفضائيات تقدمهم على عجالة دون معرفة بمضمون التحليل السياسي ومتى يكون المرء محللا سياسيا ومتى يكون ناقلا للخبر دون قدرة الربط السياسي بطبيعة الحدث .
وألانشقاق : سياسيا يطلق على كل من ينتمي الى :-
1-  حزب
2-  أو حركة
3-  أو كتلة
4-  أو تيار
5-  أو حكومة
وشرط ألانشقاق أن يكون الفرد المنشق يتصف بمايلي :-
1-  أن يختلف مع الحزب أو الجهة التي كان ينتمي اليها فكريا
2-  أو يختلف مع الجهة التي كان ينتمي اليها بألاسلوب والمنهج
3-  أن يكون متحالفا مع عدد غير قليل من الحزب أو الجهة فعندما يخرج أو يتوقف عن العمل مع تلك الجهة أو ذلك الحزب يخرج معه من تحالف معه في الرأي والموقف فتكون عندئذ لديه جماعة تتحدث بمنهج واحد .
4-  أن يكون لذلك الفرد وجماعته أسما جديدا مغايرا لآسم الحزب أو الجهة التي كانوا ينتمون اليها , ويكون هذا ألاسم متبنى جديدا لتلك الجماعة وليس أنضماما لجماعة تمتلك أسما وهوية سياسية فيدخل معها ذلك الفرد أو تلك الجماعة ففي هذه الحالة يعتبر هذا العمل : أنسحابا , وليس أنشقاقا بالمفهوم السياسي ؟
وفي الحالة السورية التي تسلط عليها ألاضواء اليوم , ويكثر حولها الحديث والتعليقات مدحا وقدحا , تختلط أوراق ألانسحابات بمسميات ألانشقاقات نتيجة التحريض ألاعلامي التضليل المزدوج سياسيا وأعلاميا بشكل لم تشهد له ساحة في العالم من قبل كما تشهده الساحة السورية المعتدى عليها دوليا وأقليميا ومحليا كما سنرى ؟
ولقد شهدت الساحة العراقية مابعد 2003 أنشقاقات مثل :-
1-  أنشقاق الشيخ محمد اليعقوبي عن التيار الصدري وتأسيسه حزب الفضيلة
2-  ومثل أنشقاق جماعة جماعة عن التيار الصدري سموا أنفسهم بعصائب أهل الحق
3-  ومثل أنشقاق الدكتور الجعفري عن حزب الدعوة وتأسيسه تيار ألاصلاح الوطني ولو أنه يرفض تسمية ذلك بألانشقاق ولكن الحق ليس معه في ذلك الرفض والواقع الجديد الذي تحول اليه يفرض نفسه ؟
4-  وهناك أنشقاقات من حزب الدعوة سبقت مرحلة 2003 مثل حزب الدعوة تنظيم العراق الذي نشأ في أيران ثم أنشق عنه بعد 2003 ماسمي حزب الدعوة تنظيم الداخل .
5-  وهناك أنشقاق عن حزب الدعوة بأسم ” كوادر حزب الدعوة” وأنشقاق أخر بأسم ” أنصار حزب الدعوة ” وهناك من يدعي بأسم أحرار حزب الدعوة ؟
6-  ومثل أنفصال منظمة بدر عن المجلس ألاعلى ألاسلامي ولو أن الجماعة لايعتبرونه أنشقاقا , ولكنه من الناحية التنظيمية والسياسية يعتبر أنشقاقا وأن رفضوا هذا المعنى ؟
7-  ومثل أنشقاق ” الكتلة البيضاء ” عن القائمة العراقية
8-  وهناك أنسحابات لآفراد من القائمة العراقية في دورتها ألانتخابية الثانية ولكنها لم تعتبر أنشقاقا بالمعنى السياسي وأن أتجه بعضهم لاحقا لتأليف تجمع أنتخابي أعطوه بعض المسميات التي لم تدم طويلا ولم تثبت وجودا حقيقيا في الشارع العراقي .
ورغم كثرة هذه ألانشقاقات في الساحة العراقية ألا أننا لم نر ولم نسمع تطبيلا أعلاميا لها وعليها كما رأينا وسمعنا ذلك التطبيل والتضليل في الحالة السورية التي لم تشهد أنشقاقات حقيقية وأنما حدثت أنسحابات فردية مابين مدنية وعسكرية تمثلت في كل من :-
1-  الدكتور رياض حجاب رئيس الحكومة السورية الذي لم يمضي على ترأسه الحكومة أكثر من شهرين , والملفت في قضية الدكتور رياض حجاب أنه من المنتمين لحزب البعث وشغل منصب محافظ دير الزور ثم منصب وزير الزراعة في حكومة عادل سفر , ثم رئيس حكومة بعد ألانتخابات ألاخيرة لمجلس الشعب السوري , والملاحظ أن الدكتور رياض حجاب أنسحب في مطلع الشهر الثامن من سنة 2012 وهو زمن متأخر من تاريخ أندلاع الحدث السوري , ولم يطرح رأيا معارضا أو مخالفا للقيادة السورية حتى يتبين موقفه السياسي الذي يرشحه لآن يكون معارضا ثم منشقا , كل هذا لم يحدث وفجأة ينسحب الدكتور رياض حجاب بما يشبه طريقة الهرب ومن ألاحد ليلة أعلان القيادة السورية أعفائه من منصبه الى صبيحة يوم ألاربعاء 8|8|2012 حتى وصل الى ألاردن وأعلن عن ذلك وزير ألاعلام ألاردني , ثم قيل أنه في نيته التوجه الى قطر ؟ مما يضع علامة أستفهام كبيرة على وضعه فهذه الطريقة وهذا التصرف وهو بموقع رئيس حكومة كان المفروض به أن يكون معه تيار من حزب البعث أو على أقل تقدير جماعة تؤيده حتى يقال عنه منشقا ولكن بعد أن نسمع رأيه ؟ وهذا مما لم يحدث مما جعل الدكتور رياض حجاب ينضم الى ظاهرة شراء الذمم والضمائر التي دأبت عليها كل من السعودية وقطر وذلك مما عرف في سوق النخاسة السياسية بشراء المواقف عبر عروض بدأت تنهال على كبار المسؤولين السوريين من عسكريين ومدنيين حتى أن رئيس الحكومة ألاسبق العطري قدمت له أغراءات مالية كبيرة من أجل أن ينشق ورفض الرجل كما صرح بذلك علنا السيد خالد العبود أمين س مجلس الشعب السوري .
2-  أنسحاب السيد نواف الفارس سفير سورية في العراق وذهابه الى قطر يدفع عنه ظاهرة ألانتماء الوطني ويجعله تابعا لمصالح شخصية ومنافع فردية لاعلاقة لها بالشأن السوري على مستوى الثورة والتغيير أو على مستوى المعارضة بكل أقسامها , ثم لم يظهر مع الرجل تيارا أو جماعة مؤيدة لموقفه مما يجعله أنسحابا فرديا وهروبا من ساحة المواجهة , ومن يتذرع بالخوف من سلطات النظام السوري ليس مصيبا في رأيه لاسيما بعد أن شهدت الساحة السورية أختراقات أمنية شديدة , وهناك معارضون داخل الساحة السورية لم يتعرضوا لآذى بالرغم من لقاءات بعضهم مع السفير ألامريكي في دمشق مثل السيد حسن عبد العظيم المعارض السوري ؟
3-  أنسحاب العميد مناف طلاس : وبالرغم من علاقة مناف ببشار ألاسد وأنتمائه البعثي ووجوده في التنظيم العسكري ألا أننا رأيناه خرج خروجا يشبه الهروب أو ألانسحاب الصامت , ولم يعرف له رأي وبالرغم من مشاهدته بعد أيام متأخرة من هروبه مع وزير خارجية تركيا أحمد داود أغلو في لقطة سريعة , فلم يعرف أن له تيارا في الجيش ولم يظهر معه مناصرون مما يجعل خروجه من المؤسسة العسكرية أنسحابا سجل ضده هروبا وخيانة للمهنة التي أقسم عليها , وبذلك أسقط عن نفسه كل حسابات ألانشقاق السياسي وظلت تطارده تهمة شراء الذمم بالمال القطري والسعودي والذي بلغ خمسة ملايين دولار للمناصب المهمة في الدولة السورية وهذا ألامر أصبح دراية وليس رواية من حادثة رئيس الحكومة العطري الذي رفض شراء الذمم ؟
4-  أنسحاب النائبة في البرلمان السوري أخلاص بدوي والتي وصلت الى تركيا مما يعتبر أنسحابها هروبا ولم تقدم نموذجا للآنشقاق بمستواه التنظيمي والسياسي ولم يعرف لها موقفا يستحق النظر ؟
5-  أما قضية سفير سورية في ألامارات فقد سبقته الخارجية السورية بأعتباره مسحوبا من الخدمة منذ الشهر الخامس مما أسقط عنه صفة ألانشقاق كذلك لم يظهر أن له تأثيرا في السلك الدبلوماسي العامل معه ولا في داخل الشارع السوري أو المؤسسة الحزبية , وأما زوجته لما الحريري الدبلوماسية في سفارة سورية في قبرص فهي ألاخرى عبرت عن حالة هروب لاترقى الى مستوى ألانشقاقات السياسية أو الحزبية
6-  أما قضية هروب بعض الضباط من الجيش السوري فلا يعتبر أنشقاقا لآنهم يخرجوا بمفردهم وبطريقة سرية ويذهبوا مباشرة الى تركيا ثم من هناك تقدمهم فضائيات غير محايدة على أنهم من المنشقين ثم بدأت تظيفهم الى مايسمى بالجيش السوري الحر , وهي تسمية لايطمئن لها المراقب المنصف والعارف بالتنظيم العسكري , وما يقوم به جماعة مايسمى بالجيش السوري الحر من أختطاف مدنيين وأعطائهم اللباس العسكري ثم يقومون بأجبارهم على أن يصرحوا بأنهم عسكريون أنشقوا عن الجيش السوري وألتحقوا بالمعارضة من خلال الجيش السوري الحر أو أختطاف عسكريين وأجبارهم على أن يصرحوا بأنشقاقهم وأنتمائهم الى الجيش السوري الحر ؟
7-  وتسليط ألاعلام على مايسمى بالجيش السوري الحر هي قضية تضليل أعلامي يراد منه أضعاف معنوية الجيش والشعب السوري , ولكن الجيش السوري الحر هو من سعى لآسقاط هويته الوطنية وكذلك أسقاط صفة ألانشقاق العسكري بصياغته التنظيمية من خلال مايلي :-
أ‌-     أغلب المنتمين اليه ليسوا من العسكر
ب‌-   وأغلب المنتمين اليه هم من الفارين من الخدمة العسكرية
ت‌-  ومع وجود العناصر المرتزقة في صفوفه مثل :-
1-  الليبيين
2-  التونسيين
3-  ألاردنيين
4-  المصريين
5-  الصوماليين
6-  ألافغان
7-  السعوديين
8-  اللبنانيين
9-  ضباط من الجيش التركي
10- ضباط تدريب من فرنسا وبريطانيا
11- ضباط أرتباط من أمريكا
وأغلب تسليحه هو من :-
1-  أسلحة ومعدات أسرائيلية
2-  أسلحة أمريكية وأوربية
3-  أسلحة روسية
وتمويله العلني من كل من :-
1- السعودية التي بدأت تدفع رواتبا للجيش السوري الحر
2-  قطر التي تدفع الملايين بل المليارات لوسائل ألاعلام ولشراء ذمم كبار الضباط .
3-  أمريكا التي بدأت أخيرا بألآيعاز  الى مجموعة الحقوقيين بجمع تبرعات للمعارضة السورية المسلحة
4-  تركيا التي فتحت قاعدة في مدينة أضنة التركية للدعم اللوجستي للمعارضة السورية المسلحة ؟
أما ألاعمال التي أسقطت الهوية الوطنية للجيش السوري الحر فهي:-
1-  محاولة التغلغل داخل ألاحياء السكنية وأتخاذ مساكن المواطنين مراكزا لنشاطه وفعالياته العسكرية مما أنعكس ذلك على تشريد أصحاب المنازل أو جعلهم دروع بشية كما حدث في حي باب عمرو وباب سباع والخالدية في حمص وكما حدث في حي التضامن والميدان والقابون ومزارع المزة والحجر ألاسود والسيدة زينب والحجيرة والديابية ويلدا في دمشق وريف دمشق , وكما يحدث ألان في حي صلاح الدين والحمدانية والسكرية في حلب
2-  وجود مقابر جماعية في ألاحياء التي يتركها وينسحب منها بفعل قوة الجيش السوري .
3-  قيامه بحالات قتل جماعية وأعدامات للمواطنين كما جرى في قرية الحولة وكما جرى في أعدام جماعة من عشيرة أل بري في حلب
4-  قيامه بأختطاف الزوار اللبنانيين على الحدود التركية السورية ؟
5-  قيامه بقتل العراقيين المقيمين في سورية وسلب ممتلكاتهم
6-  قيامه بألاعتداء على مقام السيدة زينب بنت ألامام علي بن أبي طالب في ريف دمشق
7-  قيامه بألاعتداء على مستشفى في الديابية من ريف دمشق يقدم خدمات طبية أنسانية لسكان المنطقة وغيرهم مما أنعش المنطقة كما أنعش مقام السيدة زينب الحركة السياحية الدينية في سورية عموما وأنعش الحركة ألاقتصادية في منطقة السيدة زينب التي أنتقل اليها الكثير من الكسبة وأصحاب المصالح من بقية المدن السورية .
وما نريد أن نخلص اليه في نهاية هذه الدراسة هو أن مايحدث في سورية ليس أنشقاقا بالمعنى ألاصطلاحي للآنشقاق وأنما هو أنسحابات وهروب من المواجهة الوطنية التي تجري في سورية في وجه الحرب الكونية على سورية والتي ظهر فيها ما يوخز الضمير البشري من خلال التضليل ألاعلامي المستميت على تشويه الحقائق , ويرافق ذلك شراء الذمم بشكل علني ومفتوح ومجاهر به من قبل كل من قطر والسعودية , بحيث أصبحت ولآول مرة في تاريخ المعارضات والحروب هناك بورصة مالية تسمي درجات الوظيفة المدنية والعسكرية والدبلوماسية وتحدد لكل حالة تسعيرة معينة تبدأ من ” 5″ مليون دولار للمناصب الرفيعة من أجل ألانشقاق عن الحكومة السورية ليستفيد ألاعلام المضلل بتوظيف هذه الحالات من أجل خفض معنويات الشعب والجيش السوري , وهي خطة خطرة , وسلوك لئيم يختزن الحقد الطائفي ويحرض على النزعات العشائرية والعنصرية والمذهبية في سورية من أجل تفتيت الدولة وتقسيم الوطن ليهدأ بال الكيان الصهيوني , ومن الترجمات العملية التي كشفت عن أقنعة أصحاب البورصة المالية لشراء الذمم ما أقدم عليه النظام السعودي علنا في يوم 7|8|2012 من منع الدعاء ضد اليهود والنصارى في المساجد وطبعا هو المقصود ألاول هو عدم الدعاء ضد اليهود خدمة لآسرائيل والصهيونية فهل يبقى بعد ذلك من يتحجج بالنزاعات الطائفية التي عزف على أنغامها كل من السعودية وقطر وألارهابيين التكفيريين الوهابيين فخدعوا قسما من البسطاء والمغفلين ومن في نفوسهم مرض , ثم أنجرف مع هذا التيار التكفيري الطائفي بعض أحزاب وأنظمة الربيع العربي الجديد الذين نأمل أن لاتطول بهم الغفلة , ويرجعوا الى صوابهم في معرفة وتشخيص مايخطط لهذه ألامة والمنطقة من كوابيس يطول ظلامها أن لم تستيقظ شعوب المنطقة من سباتها ولم تتحرك النخب الثقافية والسياسية بأتجاه الوعي الوطني بعيدا عن التحريض الطائفي المدمر ؟ .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]