18 ديسمبر، 2024 10:44 م

شراء الذمم .. حل سيئ وخطوة واجبة

شراء الذمم .. حل سيئ وخطوة واجبة

الانتخابات و بشكل مختصر هي طريقة اسناد السلطة لشخص معين بعد ان يتم اختياره بواسطة التصويت و هي من اهم مظاهر الديمقراطية في المجتمع بل اكثرها تأثراً و قوة في بيان توجهات الشعب و تطلعاته .
اما شراء الذمم تعد مشكلة اجتماعية و سياسية تعاني منها اغلب المجتمعات و بالاخص عند الاحزاب السياسية و الجمعيات وحتى المؤسسات مع التفاوت في قوتها و ضعفها بين فترة و اخرى و مكان و اخر .
ان علة شراء الذمم قديمة حيث لم تكن وليدة اليوم ، بل تمتد جذورها الى التاريخ لان الاطماع ، و المصالح الفردية كانت و لا تزال موجودة و غالباً ما تفوق المصالح المجتمعية للتجمعات الانسانية ، و هذا مايدفع اصحاب الاهداف الشخصية الى بيع ذممهم يقابلها شراء هذه الذمم من قبل جهات اخرى .
اذن شراء الذمم هو اتفاق بين شخص و شخص اخر او حزب او كتلة او جمعية معينة على قيام الشخص الاول بالانسحاب من حزبه او كتلته مقابل منفعة معينة بهدف التقليل من ثقل و وزن تلك الجهة التي ينتمى اليها هذا الشخص .
تطفو هذه العلة الى السطح بشكل واضح في الفترة التي تسبق الانتخابات بأشهر و بالاحرى عند تقديم الاحزاب و الكتل بقوائم مرشحيهم الى مفوضية الانتخابات و تبدأ الجهود تبذل و الخطط ترسم لشراء ذمة المرشح الفلاني من القائمة الفلانية ، و بات هذا الوباء السمة البارزة لأية عملية انتخابية سواء للمجالس النيابية ام المحلية ، و مظهراً لها بحيث لا يحلو التصويت بدونه ، بل ان نشوة النصر بشراء ذمة مرشح تفوق نشوة الفوز بأكثر المقاعد ، و انها تدل على القدرة الكبيرة (التفاوضية و المالية) للحزب و القائمة .
ان الانتخابات العراقية و الكوردستانية لم تسلم من هذا الداء بل اصابها حتى العظم ، لأن ما يشغل بال الاحزاب و القوائم الكبيرة اكثر من غيرها هي كيفية الوصول الى مبتغاها بمعرفة نية المرشح من الترشيح للتوقيع على بياض من اجل الانسحاب او الاستقالة في بعض الاحيان .
هذه الظاهرة المرتبطة بالانتخابات على الرغم من ايجابيتها التكتيكية الوقتية او ضمان المنفعة الشخصية للمرشح المنسحب او المستقيل، وأحيانا اللجؤ اليها ضرورية و أفضل الحلول السيئة لأنها السياسة التي لا تعرف المبادئ وإنما المصالح تفرض نفسها و تحكم لذا فانها ظاهرة سلبية بالجملة للاسباب التالية :
انها تدل بشكل واضح على عدم ثبات المرشح (الذي باع ذمته) على مبادئ قائمته و الالتزام به و الاكثر من ذلك ان وجوده و انتمائه الى تلك القائمة كانت لتحقيق اهداف شخصية و الوصول الى المناصب و المكاسب مع علمه المسبق بعدم الحصول على الاصوات اللازمة لضمان مقعد .
ان شراء الذمم تؤثر بشكل سلبي على الروح المعنوية لاعضاء الحزب او القائمة التي تقوم بالشراء لانها تفضل افراد القوائم الاخرى بالامتيازات عليهم و انها باتت طريقة سريعة و سهلة لكسب المناصب و المكاسب ضمن القائمة الاخيرة في حين ان اعضاءها القدامى يعانون من المراوحة و قلة المنافع مقابل العمل باخلاص و استمرار .
ان توجيه انظار الجماهير بشكل عام في فترة الدعاية الانتخابية و قبلها الى هذه الظاهرة المتفشية تخلف وراءها تداعيات اليأس و فقدان الامل المعقود على المرشحين بتنفيذ برامجهم و عهودهم بالاصلاح و التغيير بحيث يدخل مؤيدوه الى حلقة فارغة بعد اللعب و المنافسة تنتهي بنقطة البداية مع التأثير في درجة الاخلاص و الحماسة و الايمان بالحملة الانتخابية .
بدأت الاحزاب و الكتل بتسليم قوائم مرشحيها الى المفوضية العليا للانتخابات في اقليم كوردستان استعداداً لأجراء الانتخابات لبرلمان الاقليم المزمع اجراءها في 30/9/2018 و ما ان تم الاعلان عن الاسماء إلا و بدأت الانظار تتجه الى شراء الذمم و استعداد بعض المرشحين للمفاوضات و اعداد القوائم الخاصة بالامتيازات و بشروط القبول بالانسحاب و الاستقالة من قوائمهم (مع تقديرنا للمرشحين المتمسكين بنهج قوائمهم) وقد بدأ المساسل .
نلخص الى القول بان شراء الذمم ظاهرة موجودة وتستمر رغم المحاولات الجادة بالحد منها وقد تكون ضرورية في بعض الاحيان ضمن إطار السياسة ، لذا نقترح لاجل عملية انتخابية نزيهة محدودة في شراء الذمم مايلى :-
فرض غرامات مالية و تحريك دعاوى جزائية من قبل الاحزاب و القوائم ضد المرشحين الذين يبيعون ذممهم للاحزاب و القوائم الاخرى بالانسحاب او الاستقالة منها او التعهد الخطي بعدم الانسحاب عند ترشيحهم .
إلزام الاحزاب و الكتل الكوردستانية بغلق باب الاستيعاب و شراء ذمم الاخرين بانظمة و تعليمات خاصة .
مساهمة جميع الاجهزة و المؤسسات من الاعلام و منظمات المجتمع المدني و دور العبادة بنشر الوعي الثقافي الصحيح حول الانتخابات و ضرورتها باعتبارها طريقاً لتحسين الاوضاع المعيشية للمواطن دون ربطها بمرشح معين .