18 ديسمبر، 2024 7:42 م

شخصيات سياسية ومتهالكة فكرا وشرفا اصبحت بمواقع لاتستحقها ولاتحلم بها والغرض تسليم البلاد لمن لايستحقه

شخصيات سياسية ومتهالكة فكرا وشرفا اصبحت بمواقع لاتستحقها ولاتحلم بها والغرض تسليم البلاد لمن لايستحقه

كان اعضاء الحكومة من طينة هؤلاء الذي وصفهم بول بريمر نفسه في وصاياه العشرة الى خلفه جون نغروبونتي بالقول،” اياك ان تثق بأي من هؤلاء الذين أويناهم واطعمناهم نصفهم كذابون والنصف الاخر لصوص”. هذه هي الحقيقة واي خلاف حولها يعد، اما سذاجة سياسية، او لتحقيق اهداف ذاتية او فئوية ضيقة. وفق هذا السياق فانه ليس صعبا على الانسان العراقي البسيط التوصل الى قناعة قاطعة بكذب وزيف الوعود الذي قطعها عادل عبد المهدي على نفسه، بمحاربة الفساد وتقديم المفسدين الى المحاكم العادلة، واسترجاع الاموال المسروقة، او تغيير الواقع السيء، والقيام باجراء اصلاحات جدية في العراق. بل توصل العراقيون الى قناعة اخرى هي عدم قدرة ايا من القادمين الجدد على اجراء اي اصلاح، مهما كان متواضعا يضر بمصالح الاحزاب الطائفية الحاكمة، كونها محمية من جهة، بمليشيات مسلحة من الراس حتى اخمص القدمين، ومحمية من جهة اخرى بتعويذة الدستور التي تمنع اي تعرض لها، تحت ذريعة الحفاظ على العملية السياسية الطائفية وقطع الطريق على اسقاطها او حتى المساس بركن من اركانها، وهذا الدستور “خالد” ولا يمكن لاية جهة او كتلة مهما كانت قوية ومهابة القيام بتعديله، او تعديل اية مادة فيه، لامتلاك كل من هذه الاحزاب والكتل الطائفية حق الفيتو وفق فقرته الرابعة من المادة 142. بالمقابل وعلى الجهة الاخرى، فمقتدى الصدر وقائمته سائرون، الذين اقامو الدنيا ولم يقعودها، ببرامج واعلانات وتصريحات نارية عن عزمهم على القضاء على الفساد ومحكامة المفسدين وتحقيق مطالب الشعب السياسية والخدمية، فانها تحطمت دفعة واحدة بتحالف الصدر بعد فوزه بالانتخابات المزورة مع هذه الحيتان ومع اشد الكتل الطائفية، التي تمثلت في كتلة الفتح التي يراسها هادي العامري، الطائفي المتميز والفاشل سياسيا واداريا حسب اعترافه في خطاب متلفز، ومع اكثر الكتل فسادا المتمثلة في كتلة عمار الحكيم، ومع عراب الاحتلال الامريكي اياد علاوي وغيرهم. كل ما فعله السيد وقوفه ضد هذا المرشح او ذاك، لسبب كيدي او شخصي، مثل فالح الفياض المرشح لوزارة الداخلية.باختصار ما حدث ويحدث احبط امل العراقيين في الانقاذ من المصيبة التي حلت بهم جراء ايمانهم المطلق بان عادل عبد المهدي، ومهما استحضر من وسائل الخداع والتضليل، لن يزعزع ايمانهم هذا قيد شعرة، خاصة وان المواطن العراقي مهما كان بسيطا اصبح خبيرا بمعرفة هذه الزمر الحاكمة وضلوعها في ارتكاب الجرائم ودخولها في مستنقع الفساد والسرقات ونهب الممتلكات العامة والتلاعب بقوت الناس. مثلما ادرك بعدم وجود اية امكانية لانهاء هذه الحيتان او امكانية محاسبة او مساءلة احدا منهم، حتى وفق قانون “من اين لك هذا”. لقد تم ترسيخ هذه القواعد الكونكريتية المسلحة من قبل المحتل الامريكي ووصيفه الايراني، التي تقوم على السرقات المتنوعة واشاعة الفساد المالي والاداري، لانتاج مثل هذه الحكومات الفاسدة، وهيمنة الحيتان عليها. ليس هذا فحسب، وانما تعمد المحتل على السماح لهذه الحيتان بتركيز ثروة طائلة في أياديها لكي تمنحها القدرة والامكانات على اذلال الشعب وتجويعه واذلاله، وابعاده عن هويته الوطنية وتقسيمه الى قوميات واديان ومذاهب، من خلال ترويج مفردات لم نتعود على استخدامها من قبل مثل، هذا مسلم وهذا مسيحي وذاك صابئي، هذا شيعي وذاك سني والاخر اشوري او كلداني، ولم يجر ايضا في السابق تقسيم المجتمع العراقي الى مكونات، كرد وشيعة وسنة، بعد ان كان العراقي يتباهى بالانتماء للوطن وحب العراق والاخوة والعيش المشترك الخ.العراقيين قد امتلأت قلبوهم قيحا وصدروهم غيضا من هؤلاء الحكام، وهذا سيجبر العراقيون على اللجوء الى انتزاع حقوقهم المشروعة بايديهم. وبالتالي العودة بقوة الى سلوك طريق الانتفاضات الشعبية، سواء كانت سلمية او مسلحة. وقد نجد شراراتها الاولى قد لاحت في الافق، والمتمثلة في التظاهرات والاحتجاجات الجارية اليوم في مدن العراق الجنوبية وفي مقدمتها مدينة البصرة ضد حكومة عادل عبد المهدي حتى قبل استكمال تشكيلتها. التاريخ لم يقدم لنا مثلا عن محتل تخلى عن غنيمته طواعية وترك الشعب المحتل يقررمصيره بنفسه، الا في حالة واحدة، هي عدم قدرة المحتل على الصمود امام مقاومة فعالة او ثورة او انتفاضة، تصر على انتزاع حقوقها وحريتها،الامر الاكثر باعثا على الحيرة، ان الاحزاب والكتل السياسية المخضرمة وهي تعيش مأزق الرفض لها من قبل العراقيين نتيجة لسقوطها الاخلاقي والسياسي ، وجدناها قد تلاقفت ترشيح السيد عادل عبد المهدي بسرور غامر، وههللت وطبلت له وكأن عبد المهدي قد عثر على “خاتم سليمان” لحل مشاكل العراق. لكن المحاولة في بداياتها تبدوا وكانها تغطية على “مستنقعهم الاسن” الذي خلفته هذه الاحزاب والكتل السياسية من احقاد على الوطن ، فهم عبيد ارادات اسيادههم في الخارج . هؤلاء اللصوص المخربون والانتهازيون وعديمي الاخلاق وذوي السمعة السيئة ، لا يزالون باقون كما هم دائما ، نفس ألاعمدة “الجديدة- القديمة” ، في الهيمنة على الوطن وبنفس اجنداتهم ، فهم يعملون من خلف الكواليس لهدم وطن كنا نأمل ان يصحو فيه شعبنا يوما من بلادته ودفن رأسه في الرمال كالنعامة، وينتقي من اجل مستقبل اجياله سياسيا كفئ فيضع الامور وفق نصابها بعد أن بالغ هؤلاء المعتوهون كثيرا في تخريب الوطن. هذه الاحزاب والكتل السياسية وهم يحتفون اليوم بالدكتور عادل عبد المهدي ، تماما بنفس ما احتفوا بالاخرين من قبله ، نجد ان عبد المهدي هذا والذي يأمل شعبنا من وجوده كرئيس للوزراء ، أن يبادر للقضاء على هيمنة الفساد العراقي الهائل وضرب المحاصصات ووأدها والقضاء على البطالة ونشر العدالة، لكننا ، لم نجد في برنامجه الحكومي ما يشير لمثل هذه الاهداف الكبرى الملحة وكما كان يأملها شعبنا ، ولا حتى لخطة من اجل تفعيل برنامجه الحكومي للتعامل عمليا مع ما مطلوب من تطبيقات لاهداف هذه الحكومة الجديدة. فباعتقادنا المتواضع ، ان الاسباب الرئيسية لاختيار عبد المهدي كرئيس لهذه الحكومة هو ان عبد المهدي هذا واحدا من الاشخاص المتمرسين في لعبة المناورات والصراعات السياسية وصياغة التبريرات وطرح الوعود نتيجة قبوله إملائات تملى عليه من الخارج، وهي جزء من خطة الشروط لاختياره للمنصب ، ولن بستطيع رفضها. وثانيا، ان عبد المهدي هذا ، وهو المدعوم من قبل الولايات المتحدة ، قد اصبح الرجل المأمول البديل عن الدكتور حيدر العبادي ، فهو الإقل تهبيا من الاحزاب والكتل السياسية ، مع ان العبادي ابدى نوعا توافقيا بين السياسة العراقية بين العدوين الدودين ، امريكا وايران. لكن عبد المهدي تم اختياره من اجل توسيع الهيمنة المطلوبة لاجندات الادارة الامريكية في العراق ، كذلك لرصد التدخلات الايرانية فيه وخلق صراعات على النفوذ في العراق والتي من شأنها استمرار الفوضى السياسية ، الامر الذي سيخلق مبررا للانشغال بها من اجل الابقاء على جميع المشاكل الكبرى كما هي والتي يعاني منها الشعب والوطن العراقي. فالسيد عادل عبد المهدي قد نجح في تقديم نفسه كغير “طامع” برئاسة الوزراء ، الامر الذي استطاع من خلال ذلك الايهام ومنذ البدايات ، على فرض املاءات خاطئة وهدامة جديدة على العراق من بينها مثلا ترشيح وزراء مطعونين بالفساد او تزويرهم لشهاداتهم الدراسية ، كما ولديهم مشاكل مع هيئة النزاهة . فعبد المهدي لا يعقل ابدا انه لم يكن قد تحرى عن هؤلاء قبل البت بتعيينهم . فعبد المهدي لا يتسم بالغباء لكنه يتسم بالمراوغة والمغالطات ، وهذا اول “الغيث” !! فهو من خلال قيامه بتعينات هؤلاء في الوزارة الجديدة ، فانه قد تمكن ومن اجل المستقبل ان يهيئ لنفسه مجموعة من الاهداف التي من شأنها الابقاء واستمرار تواتر احداث الفوضى السياسية والاجتماعية التي تقود الى استمرار ذات الانحرافات نائية عن التطبيقات التي كان قد جيئ به من اجل اصلاحها . هذه “الانتقائية” من قبل عبد المهدي لم تكن اعتباطية ، بل انه بنى عليها اهدافه التي عاشها وتفهم واستوعب اللعبة العراقية عندما تم استيزاره لوزارة النفط او عندما كان نائبا لرئيس الوزراء وغيرها من قبل ، والتي استخلص منها ، ان لا حلولا جذرية لمشاكل العراق بسبب ان هناك سياسيون محميون من قبل مجموعات من الشعب العراقي تستميت في حمايتهم ، دينية وسياسية ، ولا أحد يجرأ على محاسبتهم عن الفساد الذي لا يزالون غارقون فيه ، الى الدرجة، ان بعض هذه الشخصيات السياسية والدينية الرديئة قد اختارت قصورا كبرى تعود للنظام الساقط ، قد سلبوها وسكنوا فيها عنوة ولا يزالون ، بينما أن هذه القصور تعود ملكيتها للدولة، وهذا مثل بسيط جدا على ان اكثر مشاكل العراق اساسا هي من قبل من يدعون الوطنيات ويفاخرون بها، لكنهم اوغاد ومنافقون وفاسدون وقد كشف شعبنا زيفهم . وان صراعات هذه القوى العراقية الرخيصة بين بعضها البعض من اجل المصالح لا يمكن حلها . وسوف أتحدى اي مسؤول كبير في الدولة العراقية ، لا عبد المهدي وحكومته ولا غيره ، ان يجرئ على التحرش بهم. هذه الخلاصة قد ادركها جميع المتخاذلون ممن توارثوا رئاسة الوزراء من قبله وأداروا وجوههم بعيدا عنها . ولكن مجئ عبد المهدي هذه المرة ومعه الاعلام كونه “واثقا” واستثنائيا ، وقد صوروه “كمنقذ” ، سوف يضعه بامتحان لقياس هذا “البأس الاضافي” في تصويرهم له في التحكم في الاحداث الجديدة. وهذا سوف لن يحدث طبعا، حيث ان عادل عبد المهدي قد تحاشى حتى توضيح طريقة تفعيل برنامجه الحكومي وخططه من اجل القضاء على الفساد العراقي او استعادة مليارات الدولارات من اموال العراق المهربة في الوقت الذي تعلم هيئة النزاهة والحكومة بالضبط اماكن تواجد هؤلاء اللصوص العراقيين. كما وأن فهمنا العميق لشخصية عادل عبد المهدي يجعلنا قادرون على التوقع للاحداث القريبة. فمثلا سنرى قريبا كيف سيعمل عادل عبد المهدي على اعادة حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية الى % 17 وكما كانت سابقا. فالعلاقات الوطيدة بين عبد المهدي والولايات المتحدة من جهة، وبين الولايات المتحدة واسرائيل من جهة ثانية، اكثر من كفيلة ان تفرض عودة حصة الاقليم كما كانت على الرغم من ان الحقائق الرسمية التي تخص عدد نفوس الاقليم والتي لا تتجاوز الستة ملايين نسمة. وان كانت نسبة الموازنة الاتحادية “% 17” هي في الحقيقة اعظم بكثير مما يستحقه الاقليم مقارنة مع بعض المحافظات العراقية الجنوبية الاخرى.كما وأن من بين اسياب اختيارعادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء ، هو ان الرجل ليس من النوع الذي يهمه كثيرا اذا بقي او ازيح من منصبه. فعمليات الفرض التي اعتادت عليها السياسات العراقية تعطينا نتيجة واضحة انها كانت املاءات دول خارجية ليس إلا . وانه طالما بقيت مثل هذه الاملاءات ، فستبقى هي الحقيقة الاولى من اجل عدم توفير “العدالة العراقية” الضائعة . لا أعتقد ان السيد عادل عبد المهدي سيكون قادرا على ان يجعل شعبنا العراقي يفرح بشيئ جديد مختلف من اجل المستقبل، تماما مثلما اننا لم نفرح بشيئ في الماضي. فعادل عبد المهدي تم اختياره لكي يتمكن من تمرير اجندات خارجية على العراقيين فحسب . وان عادل عبد المهدي هذا قد تمت التهيئة “لبرنامجه” المزدري وبتصفيق وحملة اعلامية منذ االبدايات بهدف تيئيس العراقيين لمطالبهم الحياتية المستميتة ، اذ يكفي ان يعلن عبد المهدي برنامجه “المأساوي” هذا بدون خطة كيفية تفعيل ما مطلوب من التطبيقات لبرامج هذه الحكومة وكيفية القضاء على الفساد ونشر العدالة بين شعبنا!! أذا أن مجيئ عادل عبد المهدي قد لا يخلوا من خطط للاجهاز على البقية الباقية من امال هذا الوطن الغالي ، بينما أن الوطن العراقي ، كما هو دائما في مراحل لا يحسد عليهالا ندري هل هي مسألة حظ ام هو مجرد قبول بهدر الكرامات ، ام انها الارادة المغلوب على امرها وقد توفرة في المجتمع العراقي اليوم ، بحيث يبقى هؤلاء البعض من الذين يدعون “الوطنيات” سائرون على نهجهم القديم ليعيشوا غير مبالين بسمعتهم السياسية المعطوبة في عهود سياسية ماضية دمرت العراق واصبحت كوابيسا للعراقيين فأقضت احلامهم . فهؤلاء كانوا في تلك العهود كما هم الان، قادرون على الحصول لكل ما يتمنونه ، لا بل هناك من يسعى اليوم الى تنصيبهم لرئاسة الحكومة من اجل ان يعمقوا الصدع في جبهة الوطن العراقي الذي يعاني اصلا من التصدع ، عندها يفقد شعبنا صوابه تماما وتحل الكارثة الكبرى. هؤلاء بقوا كما هم دائما وفي كل العهود ، قادرون على النجاة من كل أذى والعيش بسلام كأي من المخلصين لتلك الحكومات سيئة الصيت . ولكن هل سينسى شعبنا مواقف وافعال هؤلاء ممن رضوا بوصمة عار سمعتهم السياسية ، فنجدهم اليوم يحاولون استغفال شعبنا ثانية في القفز نحو القمة، اليس ذلك امرا غريبا حقا ان لا يبالي شعبنا بوجود هؤلاء ثانية بعد فشلهم السياسي والمهني المريع ؟! قبل عدة سنوات كانت هناك حادثة سطو مسلح على مصرف الزوية في بغداد لم ينسها شعبنا بعد. وقد تم اتهام حماية الدكتور عادل عبد المهدي بذلك السطوعندما كان نائبا لرئيس الجمهورية، ولكن ، أحداثا كهذه ، سرعان ما كانت تعالج بتبريرات تعتبر قاطعة ولا احد يستطيع ردها، حتى وان كانت جرائما في السطو المسلح . وهكذا، سرعان ما تم غلق القضية ونسيانها ، لكنها لم تنمحي من ذاكرة العراقيين. فالدكتور عادل عبد المهدي ساهم بالتغطية على الجريمة، ومن يعمل شيئا كهذا، لا اظنه جديرا ان يكون احد المسؤولين العراقين في الدولة ، وان اصبح رغما عن الجميع ، أو يصبح رئيسا للوزراء في اخر فرصة للعراقيين يعتبرها العالم “رصاصة الرحمة” ؟!! لا تزال ذاكرة شعبنا تعج بمفارقات عادل عبد المهدي كسياسي كان قد تم اسيزاره لعدد من المرات ، وطبيعي ان عبد المهدي هذا لا يتسم بالعبقرية ، ولم يأتي بأي شيئ استثنائي في مناصبه العديدة تلك، فضلا أن شعبنا يعلم ان عبد المهدي كان ولا يزال يتم فرضه على شعبنا من قبل الولايات المتحدة التي لا يهمها كثيرا ان عانى العراق من تدمير لمرات اخرى. فالولايات المتحدة يكفيها عارا انها دمرت العراق وخرجت بدون ان تعيد بناء طابوقة واحدة فيه. لربما ، ان هذا البعض الذي يحاول الان تمرير لعبته على العقول العراقية ، لا يزال يجد في الدكتور عادل عبد الهدي “نموذجا” استثنائيا في القدرة على تعلمه دروسا خصوصية لخوض غمار “الانتهازية السياسية” التي هي أحد اختصاصاته بلا منازع ، وتقلبه مع مجرى الاحداث من اجل أن تبدوا الحكومة العراقية أقل تصديعا للحياة من خلال انتماءات هذا الرجل الى جميع سياسات “الانظمة” التي مرت على العراق ومن جهة سياسية الى اخرى ، فهو بذلك ، رجل له قدرة استثنائية لا يخجل منها ولا يجد فيها ضيرا في انتماءاته السياسية المتلونة. فها هو اليوم في هذ الدورة الانتخابية الجديدة التي تفرض فيها المرجعية الدينية الرشيدة لاية الله السيد علي السيستاني التركيز في مطالبتها بالذات على انقاذ العراق من جميع الشرور التي تحيطه ، ورفعها شعار “المجرب لا يجرب” . فضلا من أن الشعب العراقي الهائج والمائج والذي لم يكن قد أهمه شيئ حتى من خلال تصديه لرصاص الحكومة بصدره العاري من اجل ان تكون هذه الحقبة الجديدة كنهاية لفساد طغى على كل رجولة وكبرياء العراقيين ومرغها بالوحل واطاح بالعدالة وأجاع وضيع شعبنا وسلبه الرفاه والتفائل بالمستقبل. ربما تم ترشيح الدكتورعادل عبد المهدي لهذه المهمة الصعبة والشاقة، بسبب ان عبد المهدي كان معروفا في انتماءاته السياسية في الماضي الى الحزب الشيوعي ، ثم تحوله الى بعثي في حزب صدام ، وأخيرا وربما ليس اخرا، كانت له قفزة “جبارة” في عهد الفوضى والفساد اليوم ، لنجده نموذجا اسلاميا فذا!! . فهل أن هؤلاء الذين وقع اختيارهم على هذا الرجل ليكون رئيسا للوزراء كان بسبب انه خاض في جميع “مباديئ” السياسات العراقية من ألفها الى يائها ، فتعلم من اين تؤكل الكتف؟؟ وان الرجل ربما ايضا تعلم أن الانتماء السياسي بلا ايمان هو اهون بكثير من اؤلئك المتهمون باللصوصية والفساد ، وان انتماءه هذا لا يشعره بحرج مع نفسه، فخرج بقدرات وخبرات في التلون مع الظروف؟ كما وان هناك كان دائما من يسانده ليعطي انطباعا وكأنه يستطيع ارضاء الجميع من “البعثيين والشيوعيين والاسلاميين معا” !! جاعلا من نفسه نموذجا “لاعريبا ولا كرديا ولا تركمانيا” ، في حسابات التعاطف والانتماءات ومدارات الامزجة والميول والاهواء رغم تصارعاتها الدموية احيانا . أن وزير النفط السابق عادل عبد المهدي ، لم يترك من اجل ذكراه كسياسي ، سوى مقتا وعدم رضا من لدن شعبنا نتيجة للسياسات النفطية المتضاربة والمنحازة للاقليم ولغيره على حساب الدستور والحقائق والضمير ، ولكنها نفعت البعض ممن كانوا يسرقون النفط ويبيعونه الى ايران والى اسرائيل!! هؤلاء المعنيون الان بالترشيحات للمواقع السياسية ، يبدوا انهم لايهمهم سوى ان تصبح وبأي ثمن ، جاهزية الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية امام الاعلام لطمأنة أنفسهم بنجاحهم. ولكن ، الاجدر بهم تأكدهم بشكل عميق وكاف ان هؤلاء المرشحون يتوافقون مع رأي مرجعية اية الله السيد السيستاني وبالنقاط الحيوية الاربعون والتي طرحها السيد مقتدى الصر كبرنامج عمل متكامل. لكن المعنيون الان بالترشيحات للمواقع السياسية لا نراهم وقد بدأوا بهمة كما هو مطلوب منهم في هذه المرحلة الحرجة من حياة العراق وشعبنا وفرض الاصلاحات السياسية التي انتظرها شعبنا طويلا جدا ، فالتأريخ لن تكتبه سوى الحقائق والمواقف الوطنية ، وليس من اجل اعلام يتحاشى الحقائق من اجل امتداح هؤلاء الذين لا تهمهم النتائج . عراقنا ، هذا الوطن المسكين ، سيبقى سجين عواطفه ، وساجنوه هم لصوص ومرتزقة وبائعوا ضمائر. فالديمقراطية ليست “عملية اختيار” . الديمقراطية عملية انتخابات الاغلبية الشعبية من اجل يحصل الفائز على ما يستحقه من مسؤولياته الوطنية التي هو مؤهل لها . وباعتقادنا انها ليست ديمقراطية هذه التي يقوم بها المعنيون من خلال “اختيار” شيعي كرئيس للحكومة ، وسني كرئيس للبرلمان ، وكردي كرئيس للجمهورية . الديمقراطية في العالم تتم بدون هذا التمييز الطائفي والاثني ، فتلك صورة تخريبية وليست وسيلة سياسية من اجل أن “يتمتع” الجميع (السنة والشيعة والكرد) بالرضا . يفترض بالديمقراطية الحقيقية ، ان تمارس من خلال ان كل عراقي له الحق في ترشيح نفسه لاحد هذه المناصب السياسية الثلاث . ويجب ان يتم ذلك عن طريق الانتخابات العامة أيضا وليس من خلال التعيين . ولو تم ذلك من قبل المعنيين واجريت الانتخابات ، لا ندري حينذاك أن سيفوز كل من عادل عبد المهدي كرئيس للوزراء ، او السيد محمد الحلبوسي كرئيس للبرلمان ، او السيد سليم الجبوري كوزير للخارجية؟الشيئ الي نخشاه هو ان الدكتور عادل عبد المهدي اذا ما تم تنصيبه كرئيس للوزراء ، سيعطينا خلال سنة واحدة ، عراقا يصعب علينا التعرف على قيمه الجديدة وأي نوع من الاوطان قد اصبح؟؟؟!!!