28 ديسمبر، 2024 3:34 ص

برغم صغر سني آنذاك، لكني أتذكر ذلك اليوم الذي تحول وفي كل طبقات المجتمع, مستوى الضحك من الابتسامة الجافة إلى القهقهة.
كان السبب خطأ غير مقصود لمذيعة تعمل في التلفزيون الحكومي عند قراءتها لخبر مفاده نشوب حريق في دولة (مالي ) الأفريقية!
البعض وبسرعة ذهب تفكيرهم لأمور +18.. أستغل هذا الموقف للسخرية من تلك المذيعة, التي اعتبرها محظوظة كون هذا الموقف حدث في زمن غابت عنه خباثة الفيسبوكيين وترهات ناشطي تويتر.
أحس الجميع في تلك اللحظة بالترابط اللغوي بين حريق شب في احدى غابات دولة مالي، وبين حريق شب في… فكادت المسكينة تنهار خجلا, لأنها هي الاخرى فهمت أين سيذهب تفكير الأغلبية.. بسرعة تدارك المخرج واظهر بدلا من وجهها الخجول المحرج صورة النسر الذي يتوسطه علم الدولة بنجومه الثلاث الذي هو شعار الدولة ورمز تفاخرها.
مدير التلفزيون شعر بالحرج حين صار نسر انتصاراتنا بديلا عن حريق مفترض في مكان ما في جسد تلك الموظفة فتم طرد المخرج!
تداولت وسائل الاعلام خبرا في العام الماضي عنوانه (شب حريق في صناديق الاقتراع )
هذا الخبر أعاد لنا ذكرى حادثة المذيعة التي قرأت قبل سنوات خبرا تحت عنوان “شب حريق في مالي”!
طبعا هي تقصد دولة مالي فلا يذهب بكم الظن والشيطان بعيدا..
ماجرى قبل أسبوع من حرق لأحد المولات التجارية أعاد إلى الأذهان ذلك الخطأ اللفظي الذي وقعت به تلك السيدة.. فبالرغم من تشابه العنوانين إلا في حرفي الواو والألف لكنهما مختلفان من ناحية التعاطي النفسي لشخوص كلا الموقفين وتعامل ذوي الشأن الذي أعقب حدوثهما.
لا ننسى الدعوات الصادقة التي صدرت من بعض الشباب عسى أن تكتب السلامة لمول السيدة المذيعة كونها في ريعان شبابها ولا زال مولها غضا طريا لم يستقبل زبائنه بعد!
يبدو أن القائمين على مول البشير قد غسلوا وجوههم بماء نجس.. لدرجة انعدم فيها الخجل جراء انقلاب سحرهم عليهم.. حيث لا أحد منهم يمتلك شجاعة ذلك المخرج الذي حاول التمويه بخطوة إحترافية, وان كان مردودها سلبيا عليه حيث تم طرده من وظيفته, لكنه تعامل مع الحدث فنيا لرفع الحرج عن زميلته كذلك مراعاة الذوق العام.
أيضا غابت عن دعاة الإصلاح الحاليين الشجاعة التي كان عليها مدير التلفزيون آنذاك الذي قام بفصل المخرج من وظيفته.. فبدلا من قيامهم بخطوة تعيد إلى الناس الثقة “ببقايا الدولة” التي كانوا سببا في تحطيمها من قبيل تقديم الجناة والمفسدين إلى العدالة تراهم قد نصبوا أنفسهم بديلا عن الدولة وتعاملوا مع الأمر بمزاجية مفرطة فسمحوا لأنفسهم بإصدار صكوك الغفران لمن يقدم لهم فروض الطاعة والولاء ومن لا يبادر إلى ذلك فمصيره الإهانة والتسقيط.. ” وحرق موله”