هذه قاعدة شعبية عراقية، يتمسك بها العراقيون وكأنها نص منزل، حتى انك حين تعد احدهم باي شيء له به فائدة، يختار الاقل فائدة بشرط ان يكون سريعا بحسب قاعدة شبعني اليوم، وجوعني باجر، وهذه القاعدة الحياتية لدى العراقيون نمت للظروف الحياتية القاهرة التي كانوا يحيونها، فلم يعد احدهم يفكر بغد، اليوم هو قمة طموح العراقيين، وفي هذا يحكى ان ملكا يمتلك حمارا مدللا، وخطر بباله ان يعلم الحمار القراءة والكتابة، واشترط ان تكون الفترة سنة واحدة، يعود بها الحمار يقرأ ويكتب، عرض على الجالسين الامر، من يستطع منكم ان يعلم حماري هذا القراءة
والكتابة في عام واحد، وله مايريد من المال؟، اما اذا اخفق فالموت مصيره، فقام رجل من الجالسين وابدى استعداده لهذا الامر، واخذ الاموال وذهب الى داره غير عابىء بالنتائج.
دخل الى داره فاستغربت زوجته لكثرة الاموال التي يحملها، وسألته: من اين لك هذا؟ فقص عليها الحكاية فامتعضت وخافت على زوجها الموت، طمأنها وقال لها: لاتحملي هما، السنة طويلة، وفيها يجب ان يحدث امر من ثلاثة، اما ان يموت الملك، او يموت الحمار، او اموت انا، وشفعها بقاعدة شبعني اليوم وجوّعني باجر.
لم يحرك احد ساكنا منذ حملة هبوط اسعار النفط وحتى الآن، والكل يتأمل ان تنجلي الازمة من تلقاء نفسها، فتتعطف اميركا وتتوقف قليلا لتعيد لبرميل النفط عافيته، السعودية غير معنية بهبوط اسعار النفط، وعادل عبد المهدي (مرتاح) لخفض السعودية اسعارها، وليتني ادري لماذا عادل عبد المهدي (مرتاح)، السعودية تقوم بتصدير عشرة ملايين برميل، يعني اكثر من ثلاثة اضعاف انتاج العراق، برميل النفط يئن تحت وطأة سياسة اميركا الجديدة في المنطقة، والتي لم ينتبه اليها احد، والضرر الذي لحق بالدول المنتجة للنفط سيلقي بظلاله على الشركات الكبرى في العالم.
اما انت ايها الاعزل من كل شيء الا النفط، ايها الشعب المسكين، الذي ناصبتك اميركا العداء، حتى بعد ان عادت الشركات الاحتكارية بجولات تراخيص حسين الشهرستاني، فاين ستولي الوجه، ارضك بور ومياهك شحيحة، وفلاحك صار نائبا وسياسيا واعلاميا، ترك المجرفة وترك العمل في الحقل واعتاد على اجهزة التبريد، وهو مع هذا يردد في كل حين: شبعني اليوم وجوعني باجر.
كنا نتوقع ان تكتشف اميركا او غيرها بدائل للطاقة عن النفط، ونحن نتكىء على احتياطي كبير، ولم نكن نتوقع ان تلجأ اميركا الى مناورة اقتصادية انعشت من خلالها الاقتصاد الاميركي واطاحت باقتصاد الدول المنتجة، اميركا اكبر مستورد للنفط ، اصبحت بيوم وليلة اكبر مصدر له، فهي تصدر يوميا 13 مليون برميل، وتتباهى باكتشافها التي اعرضت عن اكتشافه دول اوربا، وهو النفط الصخري نتيجة لكلفة استخراجه الباهظة.
شبعني اليوم وجوعني باجر، البعض يقول ان الموازنة ستكفي العراقيين لستة اشهر فقط، فما كان من البعض الآخر الا ان يرحب بالفكرة، الله كريم بعد الستة اشهر، لو كانت الدول تبني اقتصادياتها على هذه القاعدة لذهبت كما ستذهب بلدان كثيرة جراء هذه الازمة القاتلة التي وجدتها اميركا اخيرا لتسقط من خلالها حكومات وتشرد شعوبا كثيرة، لتضعها تحت خط الفقر، العراق يرى نفسه بمعزل عن الحدث، ولا اعرف سببا لعدم اهتمام الحكومة بهذا الخطر الجسيم، همهم الميزانية واقرارها، اما موازنة عام 2016 فهي في خبر كان، وستكون ضمن قاعدة شبعني اليوم وجوعني باجر.