بداية اود لفت انتباه القارئ الى ان الكتاب صدر في الثمانينيات من القرن الماضي وعليه مراعاة الظرف الزماني للتحليلات والافكار التي جاء بها .ولاهمية ماطرحه الكتاب في كتابة تاريخ فترة حرجة من تاريخنا العربي ، ارتأيت مراجعته اعماماً للفائدة .. علماً ان الكتاب صدر والحرب العراقية ــ الايرانية على أشدها .
++++++++++++++++++
مـؤلف الكتاب مظهـر حمـيد ، اختصاصي فـي مسـائل الامـن الدولي ، يعمـل (وقت صدور الكتاب ) في واشنطـن مــــديراً لمجموعــة تقييم الشـــرق الاوســـط ، اضــــافة لعملــه كمستشـــار للعــــــــديد من الجهـــات الرســـمية والخاصة ، وقد عمل في مركز الدراسات الســتراتيجية والدولية ، وقــدـم لكتابة هـذا جيمس شلزنجر .
يعالج المؤلف في كتابه طبيعة الظروف الجيوبوليتيكية في منطقة الخليج العربي وتطور اهتمام الولايات المتحدة بها وطبيعة ومدى التهديدات للمصالح الامريكية في المنطقة ، والموارد السياسية والاقتصادية والعسكرية في الخليج ، تلك المنطقة من العالم التي قال عنها الرئيس الامريكـي كارتر عام 1980 ( ان امـن الخليج يتعلــق بأمـن الولايات المتحـــدة مباشــرةً ) كمـا بين ( ان اي محاولة من قبل اي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج سوف تعتبر هجوماً على الولايات المتحدة ، وان مثل هذا الهجوم سوف يصد بكافة الوسائل الضرورية بما في ذلك القوات العسكرية ) . وفي نهاية الكتاب يخرج المؤلف بستراتيجية سياسية امريكية للدفاع عن مصالحها في هذه المنطقة . والكتاب معزز بعدد من الجداول والبيانات والخرائط التوضيحية المهمة .
ناقش المؤلف في الفصل الاول سياسات دول الخليج وعلاقاتها مع بعضها البعض ومع القوى الخارجية ، وكذلك بحث الانحيازات والتنظيمات المتعلقة بالامن في المنطقة ، ويبدأ الفصل بمناقشة الجغرافية السياسية لدول الخليج موضخا التباين الكبير في مساحات ونفوس وقوى هذه الدول . ثم ينتقل للحديث عن ملء الفراغ الذي تركته بريطانيا بخروجها من شرق السويس وكيف حاولت الولايات المتحدة ملء هذا الفراغ بسياسة ( الدعامة المزدوجة ) والتي هي ايران والسعودية ، وخطأ امريكا في تجاهل العراق القوي . ويبين كيف ان هذه السياسة لم تنجح لتعكر التعاون السعودي الايراني بفعل الاختلافات بينهما حول انتاج النفط والسيطرة عليه ونظرة الشاه الى بلده القوي عسكرياً على انه الخلف المناسب لبريطانيا ليلعب دور شرطي الخليج .
ينتقل المؤلف بعدئذ للحديث عن موقف ووضع الدول الخليجية ، فيتحدث عن شمال الخليج ( العراق وايران ) ويتطرق الى الحرب بينهما والتي جعلت من العراق مدافع قوي عن الوضع القائم في الخليج . كما ناقش احدى احتمالات انتصار ايران على العراق وتوسيع وتغلغل النفوذ الايراني في المنطقة ولاسيما اذا جاءت حكومة موالية لايران في العراق .
ثم ينتقـل للحـديث عـن المملكـة العـربية السعـودية التي يعتبرهـا الدولـة الاهـم فـي الخلـيج . ويبين ماتقـوم به من تطوير لقواتهـا المسلحة ، ويتحدث عن غناها النفطي الذي يجعلها هدفاً مغرياً . وكذلك يشير الى اتجاهاتها السياسية وحرصها على ضمان الاستقرار في المنطقة . ويوضح بأن الهدف الاخير لأيران ليس هو العراق وانما السعودية . بعدها يتحدث عن دول الخليج الصغيرة كل على حدى وباختصار .
ينتقـل بنـا المؤلـف بعـد ذلك للحـديث عن الاتحاد والانحياز في منطقة الخليج مبتداً بمجلس التعاون الخليجي الذي يعتبره منظمة ذات اهداف عريضة الا ان مبرر وجوده الاساسي هو الأمن ، مشيراً الى ان العراق طالما اقترح شكلاً من انظمة الأمن الجماعية للخليج الا انه قد استاء من استثنائه من الانظمام لهذا المجلس . ثم يتطرق الى المنظمات الاخرى كالجامعة العربية واوبك واوابك التي يعتبرها كتلة قوية ضمن الاوبك .
ويتحدث عن قوى المنطقة وكيف ان الكره الشديد للرئيس صدام حسين هو ما جمع بين ايران وسوريا . كذلك يتطرق للتحالف المبدئي بين العراق والاردن والتعاون مع مصر . ويوضح بأن الباكستان تحافظ على علاقات جيدة مع ايران تجنباً لمشاكل حدودية اضافية ، كما يتطرق الى القوى في المحيط الهندي وتأثيرها ، وعن التسهيلات الممنوحة للدول الاجنبية . ويبين اهمية ( العامل الصامت ) في منطقة البحر الاحمر كخط مهم لتصدير النفط وتأثير اثيوبيا واليمن في المنطقة .
يحدثنا المؤلف بعدئذ عن دور القوى الخارجية في المنطقة . فيبين بأن للولايات المتحدة مصالح كبيرة في الخليج العربي ويناقش تطور هذه المصالح وبالاخص استمرار تدفق النفط وتشكيل قوى التدخل السريع وتفضيل دول الخليج عدم اعطاء تسهيلات عسكرية للولايات المتحدة لانعكاس ذلك سلبياً على انظمة الحكم في المنطقة .
اما فيما يخص الاتحاد السوفييتي السابق فيقول بانه ينظر الى الشرق الاوسط ومنطقة الخليج بالذات بمنظار ( المنع ) ــ اي منع تدفق النفط للغرب عندما يشاء ــ وليس بمنظار السيطرة على المنطقة ، ويشير لعلاقات دول المنطقة معه . كما يبين بان اهتمام اوروبا الغربية بالمنطقة مرده الى انها تعتمد عليها في الحصول على احتياجها من النفط .
وفي الفصل الثاني يتحدث المؤلف عن طبيعة ومصدر التهديدات للمصالح الغربية في الخليج ( الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية ) كما يدرس الفصل اتجاهات قوى الخليج في مفهوم هذه التهديدات . فيبين بان الخليج اصبح اليوم ركيزة حيوية للنظام المالي الدولي وكذلك المجهز الرئيسي الاساس لبناء الاقتصاد الغربي ( النفط ) . ومن هنا تنبع الاهمية الحيوية للخليج العربي بالنسبة للغـرب . كما يتحدث عن تهديدات المصالح الغربية السياسية والاقتصادية والامنية .
في مجال التهديد السياسي يبين تهديدات استقرار الخليج التي تنبع من الداخل والتي تأتي من الخارج . فالمعارضة والحركة الثورية المرتبطة بعناصر مناوئة للغرب وضغوط التحالفات السياسية في المنطقة كلها تشكل تهديدات للامن من الداخل . ويبين بان اهمية المنطقة في المسائل الدولية جعلت لمواقع الغرب السياسي في الخليج اهمية كبيرة وان كل من يدق اسفين بين الجانبين هو ضد المصالح الغربية .
كما يتحدث عن الصراع العربي ــ الاسرائيلي وكيف يضعف من موقف ومصداقية الولايات المتحدة في الخليج . ويتحدث عن صراع القوى في المنطقة والتنافس الاجنبي وخاصة بين الاتحاد السوفييتي السابق والغرب وتطور هذا التنافس الى التدخل السوفييتي في افغانستان وخطر ذلك على الخليج .
وفي مجال المصالح الاقتصادية يتحدث عن اهمية النفط للغرب وما تشكله تجارة النفط من استثمار اقتصادي كبير للشركات الغربية اضافة للمصالح المالية الكبيرة . حيث ان ضمان استمرار تدفق النفط يتطلب من الغرب الحفاظ على امن الخليج والقلق من ازدياد العنف السياسي في المنطقة .
ينتقل المؤلف بعدئذ للحديث عن الحرب العراقية الايرانية والتهديدات الامنية الناتجة عن هذه الحرب . فقد هددت بالانتشار اضافة لتهديد كلا الطرفين لتجارة النفط وعرقلتها . كما يتحدث عن اسلوب حصول الدولتين المتحاربتين على السلاح . والتطوير العسكري لهما مما يعرض المؤسسات النفطية الحساسة وبالتالي الاقتصاد الغربي للضرر . ويبين بأن الجيش العراقي قد تطور بشكل كبير وتغلب على مشاكل القيادة والسيطرة والمواصلات وقابلية الحركة والمناورة والقضايا الادارية وادارة المعركة .
يتحدث كذلك عن الصراعات الداخلية الايرانية الطائفية والصراعات بين المعتدلين والمتطرفين . والصراع العراقي ـ الايراني ومحاولات ايران لاثارة التصدعات في المنطقة ، اضافة لصراعات الحدود بين دول المنطقة ، وعن المطامح الايرانية في الجزر العربية وسواحل الخليج العربية . كما يتحدث عن احتمال قطع تدفق النفط بغلق مضيق هرمز او زراعة الالغام في طريق ناقلات النفط او تخريب العمليات الانتاجية او بالتهديدات الارهابية .
ويناقش التهديد السوفييتي المتعدد الاوجه ( احتلال افغانستان ، احتمال سيطرته على دولة شرق اوسطية كالعراق ، احتمال تحرك سوفييتي داخل ايران ) . ان الغرض من مثل ذلك سيكون احداث تغيير اساسي للحقائق العسكرية والسياسية في المنطقة لتكون حقول نفط المنطقة في متناول السيطــرة السوفيتية . ثم ينتقــل للحديث عـن الظواهـر المادية من تخـريب وارهـــاب وعن تلاحم الشرق الاوسط والغرب منذ القدم اذ ان مصالح الطـــــرفين تقـــوم على العلاقات الجيدة بينهما .
اما في الفصل الثالث فقد تناول المؤلف شرح وتقييم عدة انواع من التهديدات ومن ثم استعراض وتقييم التهديد الخارجي من اكثر من اتجاه . فيتحدث عن ( مناورة التحريك ) والتي يقصد بها قيام قوة من خارج المنطقة بتحريك جماهير احدى دول الخليج من خلال المناورة بقيم او مثل معينة . ويبين تأثير سرعة التحولات الاقتصادية وتوسع التعليم في تشكيل طبقة جديدة من المجتمع الذي ليس لديه نفس الروابط او الولاء تجاه القادة التقليديين وكيف يوازن ذلك بالعناصر القبلية . ويبين نمو التوتر بين المحافظين والمتدينين الذين يحافظون على روابط العائلة والعشيرة من جهة وبين المجتمع الجديد من جهة اخرى . ويوضح بأن هناك العديد من القيم والمثل في دول الخليج التي تستطــــيع قوى اجنبية ان تستغلهــــا لاضعــــاف شرعية الحكومـــــــة ( مثل قيم الاسلام ، المســـــألة الفلسطينية ، التغريب ) ولقد اسهمـــت ثورة ايران الاسلامية في تفاقم ذلك .
يناقش المؤلف العمالة الاجنبية في دول الخليج وتأثيرها الكبير خاصةً في الدول قليلة النفوس واحتمال تدخل هؤلاء في فعاليات معارضة سياسية وبشكل خاص فيما يخص تأييدها للقضية الفلسطينية . الخطر الآخر يحتمل ان يأتي من حدوث انقلاب في اليمن وبدأ تشكيل اليمنيون العاملون في الخليج وخاصةً العدد الهائل منهم في السعودية رتلاً خامساً .
يعود المؤلف للحديث عن الارهاب الذي يشكل بعداً آخر لتهديد امن الخليج وكذلك عن تهديد الهجوم على الرموز سواء كانوا اشخاص ام مؤسسات حكومية او مدناً مقدسة . وكذلك يتحدث عن الهجوم على التسهيلات الاقتصادية الاساسية والموانيء المهمة كخطوط الملاحة في البحر الاحمر وشبكات النقل في الخليج العربي . ثم ينتقل لنوع آخر من التهديدات وهي اعتداءات الحدود والهجمات الكبيرة ( الغزو ) عبر الحدود من قبل الدول الاكبر في الشمال ـ يقصد العراق وايران ـ او من قبل قوى خارجية كالسوفييت مثلاً .
يُقيم المؤلف هذه التهديدات فيعتبر التهديد من الشمال قليل الاحتمال رغم اعطائه سناريو عن هجوم سوفييتي محتمل ينطلق من افغانستان . كما لا يستبعد المؤلف ضربة جوية سوفييتية لتحقيق غايات سياسية او عسكرية في الخليج ويعطي جداول وخرائط تبين مديات الطائرات العاملة في المنطقة . ويوضح بان التهديدات الاكثر احتمالاً تأتي من داخل الخليج والتي تنبع عن الحرب العراقية الايرانية او التي ستعقب هذه الحرب ـ الهجمات على السفن غير الحربية في الخليج ، تهديدات منابع النفط ، احتمال هجوم ايراني او عراقي بعد الحرب ، الحركات السياسية الداخلية والعصيان ـ ان التغيير الكبير في المعادلة العسكرية التي ستحدث بعد الحرب ستعني ان التهديد سيكون كبيراً على الخليج اما من قبل ايران المنتصرة ومعها العراق التابع او من العراق المنتصر . اما صورة التهديد في الجنوب فهي مختلفة لعدم وجود قوى مهددة رئيسية هناك .
ويتحدث المؤلف هنا عن التواجد الامريكي والسوفييتي والهندي في المحيط الهندي والتسهيلات البحرية وامكانية امريكا على تأمين تفوق جوي ساحق في المنطقة . وبالنسبة للبحر الاحمر يتحدث المؤلف عن ازدياد اهمية هذا البحر بسبب كــــونه طريقاً لتصـــــدير النفط بدلاً عن الخليج ( انابيب نفط السعودية والعراق الى ميناء ينبع ) وكذلك عن الدول الواقعة على شاطئه الغربي وعن اليمن وما تشكله من تهديد . ويبين بأن القوة الرئيسية في البحر الاحمر هي فرنسية قاعدتها في جيبوتي . كما يتطرق الى تواجد اسرائيل ومصر في البحر الاحمر وان العمليات في هذه المنطقة تؤثر على السعودية فقط .
يعود المؤلف لبيان صورة التهديدات فيقسمها الى تهديدات من اسرائيل واخرى من سوريا اضافة لما تم بيانه سابقاً . فالقدرة الستراتيجية لاسرائيل يمكن ان تطال السعودية خاصةً وانها كثيراً ما تخترق اجوائها بطائراتها وتسقط أحياناً بعض المعدات على مدارج القواعد الجوية السعودية كتهديد رمزي . ويعتبر المؤلف هذا التهديد محدود اذ ان لا مصلحة لاسرائيل في تبديل نظام الحكم في السعودية اضافة لعلاقات هذة مع الولايات المتحدة . ويبين بان صورة سوريا في العلاقات بالمنطقة ( فريدة ومعقدة ) فهي تتجنب الدخول بحرب مع اسرائيل وهي على اتفاق غير رسمي معه فيما يخص نشرها لقواتها في لبنان مقابل طيران طائرات اسرائيل فوق لبنان . ويبين بان لسوريا مطلبين فقط في الصراع العربي الاسرائيلي هما اعادة مرتفعات الجولان ـ وهذا مطلب مستبعد ـ وحل القضية الفلسطينية . ويشير المؤلف الى ان التحالف بين سوريا وايران وليبيا هو لغرض اشاعة عدم الاستقرار في المنطقة . وينحصر تهديد سوريا لدول الخليج في نطاق ماسبق تسميته ( مناورة التحريك ) .
في الفصل الرابع يتحدث المؤلف عن الموارد الامنية لدول الخليج ، وذلك ببيان نوع الامن المطلوب وتجاه من وبأية وسائل ليمكن التوصل الى شرح الموارد .فيبين بان التحديات على دول الخليج تشتمل على ثلاث مشاكل هي السيطرة على المواقع الستراتيجية والموارد وكذلك المسائل التي تؤثر مباشرةً على مصالح القوى العظمى واخيراً المسائل التي تؤثر على قوى المنطقة . ويبين بأن على الخليج الاهتمام بالتهديدات التي قد تأتي من اكثر من اتجاه واحد ، وان طبيعة التهديدات تفرض تقييدات على طريقة استخدام الموارد السياسية والعسكرية . كما ان ادارة أمن الخليج مقيدة بالتغييرات الاجتماعية والنزاعات التقليدية والمساحة الجغرافية للبقعة المدافع عنها وتوزيع قوى المنطقة والدول الكبرى وبالعوامل الاقتصادية المرافقة لاسعار النفط . ويناقش المؤلف تأثير التغيير الاجتماعي الناتج عن الغنى النفطي الضغوط التي تعرضت لها حكومات دول الخليج نتيجة لذلك وللتحديث العسكري والعمالة . ويذكر أن حكام الخليج يشعرون بالخوف من التحديث العسكري ، ويتحدث عن خلافات الحدود والخلافات العائلية للحكام ومشاكل القوى البشرية الماهرة لدول مجلس التعاون الخليجي.
يعود المؤلف في هذا الفصل ليتحدث عن الحرب العراقية ــ الايرانية ويبين بأن احسن نتيجة لهذه الحرب بالنسبة لدول الخليج هي عدم خروج اي من الطرفين منتصراً . ويبين كيف تعرضت دول مجلس التعاون لضغوط عندما تحسن موقف ايران عام 1982 من قبل ايران مما جعل الكويت لا توقع على اتفاقية أمن ثنائية مع السعودية اضافة لتحديد اسنادها للعراق . كما يتحدث عن الانفجارات في الكويت ومحاولة اغتيال أمير الكويت من قبل جماعات حزب الدعوة المدعوم من ايران ، كما يؤكد على ان انتصاراً ايرانياً سيكون له نتائج اكثر تهديداً لدول المجلس من نصر يحرزه العراق . كما يوضح بأن تحطم اي من الطرفين لن يكون مدعاة للراحة اذ ان الفوضى السياسية الناتجة عن ذلك ستنتشر جنوباً . ان نتيجة الحرب ستزيد بالتأكيد من الضغوط لغرض توسيع القوات المسلحة في دول الخليج .
كذلك يتحدث المؤلف عن الصراع العربي الاسرائيلي وكيف يقيد هذا الصراع من حصول دول مجلس التعاون على منظومات الاسلحة المتطورة وعلى التحديث . ويبين بان الغارة الاسرائيلية على المفاعل العراقي توضح بان اسرائيل لن تتوانى عن ضرب اي هدف في دول مجلس التعاون اذا رأت ذلك ضرورياً . كما ان اصرار اسرائيل على عدم حصول السعودية على اسلحة متطورة يجعلها ودول المجلس في دوامة .
ويتحدث المؤلف عن ضرورة الحصول على منظومة قيادة وسيطرة ومواصلات واستخبارات متطورة وتوحيد استخدامها ضمن دول المجلس . كما يبين احتمال ان يؤدي الصراع الى اندفاع قوات اسرائيلية جنوباً على امتداد البحر الاحمر اضافةً لكون اسرائيل قد تدعي لنفسها دور حماية شحن النفط للغرب . ان اياً من هذه الاعمال سيخلق مشاكل كبيرة لنظم الحكم في دول مجلس التعاون وبالاخص السعودية .
وفي مجال توزيع قوى المنطقة يبين المؤلف بأن ذلك اجبر دول الخليج ــ عدا العراق ــ على الاهتمام بالتوازن الكلي للقوى في المنطقة وتحوير سياستها بموجب ذلك . ويربط المؤلف بين تأييد الانظمة للعديد من المسائل وعدم تمكنها من الاعلان عن ذلك حفاظاً على شرعية بقائها .
ويتحدث عن سوريا وعودة ظهورها كمركز قوة في الشرق الاوسط وذلك نتيجة لانتصار سوريا السياسي على اسرائيل في لبنان. كما يتطرق لعلاقة سوريا بالاتحاد السوفييتي السابق ولمساعي الراحل الملك حسين لاحلال السلام وعن منظمة التحرير الفلسطينية.
يتحدث بعد ذلك عن الغنى النفطي وانخفاض اسعار النفط وتأثيراته الكبيرة على الموقف الامني لدول مجلس التعاون لأن تجارة النفط تجعل من هذه الدول هدفاً مغرياً . كما خلق الغنى النفطي تناقض في القوة السياسية لدول المجلس . دولياً يعطي هذا الغنى لدول المجلس مجتمعة نفوذاً سياسياً في دول العالم الصناعي وعملياً تعتمد حكومات دول المجلس على مزيج من الاستقرار والشرعية السياسية للحكام التقليديين . ثم يتطرق لمساعدات السعودية المالية للغرب . وعن انخفاض اسعار النفط وتأثيره على كل دولة وتحمل السعودية للعبء الاكبر . لقد اضعف انخفاض اسعار النفط القواعد الاقتصادية للاسشتقرار السياسي اضافةً لتأثير ذلك على المساعدات للدول العربية وعلى العمالة وكذلك خلق انقسام في الشرق الاوسط . ويتحدث ايضاً عن ( صقور الاسعار ) في اوبك وحاجة العراق لزيادة انتاجه والمساعدات التي يتلقاها من دول مجلس التعاون في حربه مع ايران . هذا اضافة الى التوترات الداخلية التي خلقها انخفاض الاسعار .
ينتقل بعدئذ المؤلف الى الحديث عن موارد الامن فيبدأ بالموارد البشرية والمادية المطلوبة لاحتواء التهديدات وعن تطوير القوات المسلحة . ويناقش الموارد السياسية ويبين ان اول ارتباط لشبه جزيرة العرب بالدول العربية كان نتيجة للتهديد العراقي ( فترة عبد الكريم قاسم ) للكويت حيث اعتمدت دول الخليج العربي على الضغوط المصرية لاجبار العراق على التراجع عن التهديد باختلال الكويت . ثم ينتقل للحديث عن تدخل مصر عبد الناصر في اليمن . ويبين انه لكون اي اعتداء قد يقع على دول المجلس سيكون بقوات اكبر مما لدى هذه الدول فيجب عليها تبني سياسة تحقــق ثلاثة أهــداف . الاول ادامة اجمــاع عربي بصــدد حــل مشاكــل المنطقة مثــل ( القضية الفلسطينية ) وثانياً عزل هذه الدول عن الصراعات الداخلية الاقليمية وثالثاً عزلها عن عمليات التخريب الخارجية . ويوضح بأن الموردان السياسيان لقادة دول الخليج هما الشرعية السياسية لحكمهم والغنى النفطي والذي يستخدم لشراء الحلفاء والتأثير على الاعداء . ويتحدث عن شرعية المنظمات السياسية لدول مجلس الخليج وتأثير الغنى النفطي . وفي الحديث عن الموارد العسكرية يبين محدودية الموارد البشرية وعليه يتوجب على دول مجلس التعاون بناء كتلة عسكرية موحدة لغرض الحفاظ على سيادتها وتأمين دفاع اقليمي وردع العدوان الايراني او (العراقي) والدفاع تجاه الغارات وتطوير امكانية الاسناد من ( وراء الافق ) ــ الولايات المتحدة واوربا ــ في حالة الطواريء . ويوضح ان اي ستراتيجية عسكرية تتبناها دول الخليج يجب ان تلم بعدة نقاط . اولاً ان اي غزو سيكون بقوات اكبر مما لدى هذه الدول . وثانياً ان العمق الستراتيجي الذي تؤمنه السعودية لدول الخليج هو خيال اكثر منه واقعية . وثالثاً ان شكل الهجوم الاكثر احتمالاً هو الهجوم الجوي على دول الخليج . ويعتبر المؤلف العامل الجغرافي هو احد العوامل العسكرية لدول مجلس التعاون ــ عدا الكويت ــ وذلك بسبب الامتداد الواسع للصحراء والبحار التي تحدد امكانات اعداء الخليج البرية مما ينعكس على عدم الحاجة لبناء قوة عسكرية برية كبيرة . كما يعتبر الاموال هي المورد الثاني من الموارد العسكرية لدول الخليج في مجال شراء منظومات الاسلحة والتدريب . والقوى البشرية مؤثرة لاعلى دول الخليج فحسب وانما على ايران والعراق في عدم امكانية ادامة قوات كبيرة خارج حدودهما . وفيما يخص المعدات يرتأي المؤلف ان تعمل دول الخليج على توحيد جهودها في هذا المجال وشراء المعدات المناسبة وتوحيد منظومة قيادة وسيطرة ومواصلات واستخبارات لاغراض ادارة معركة فعالة .
يتناول المؤلف في الفصل الخامس دراسة الثغرات والمشاكل لأمن الخليج ويبين بأن المشاكل والثغرات هذه تقع في اربعة اصناف سياسية واجتماعية وعسكرية واقتصادية . ففي مجال المشاكل السياسية يشبه مجلس التعاون مع حلف شمال الاطلسي ( بالتفاح والبرتقال ) ويقارن بينهما من نواحي التشابه والاختلاف خاصةً في اول ايام تشكيل الحلف عام 1949 . فقد كان اهتمام دول الحلف بالمصالح الوطنية حجر عثرة للحلف . كذلك كان للولايات المتحدة مثل السعودية مكان الصدارة . ويبين أهمية السعودية في دول مجلس التعاون والمشاكل المتعلقة بذلك وخوف هذه الدول من سيطرة السعودية . كذلك فأن دول المجلس لم تصمم قواتها للتعاون وانما لحماية نظام الحكم الداخلي فيها . ويتعرض لأسلوب شراء الاسلحة من المجهزين وما يعتري ذلك من تشويش وعدم تنسيق وتخطيط عدا في حالة السعودية مبيناً تفاصيل الطائرات التي تحتاجها دول المجلس وفوائدها ومحاذيرها .
وفي مجال المشاكل الاجتماعية يبحث في اهمية الولاء في الجيش في دول الخليج وكره المواطنين للعمل اليدوي والتفاوت الاجتماعي وتأثيره والمركزية المزمنة في الادارة ورفض الكادر الوسطي اعطاء القرارات ورفع ذلك للمراجع الاعلى مما يؤدي لقيام القيادات العليا باعطاء قرارات في مواضيع لا تعرف الكثير عنها . كما يتحدث عن العلاقات العائلية ومفهوم الصح والخطأ وبرامج التدريب . وفي مجال المشاكل العسكرية يتحدث عن غياب ستراتيجية موحدة وعن السرعة وعدم الاهتمام في الحصول على الاسلحة المناسبة والاسناد والخدمات المطلوبة للمعركة وعن البنى التنظيمية غير المركزية والاعتماد على الخبراء الاجانب . يشرح الكاتب كافة هذه المجالات بشكل دقيق ، ويبين بأن السلاح المناسب يمكن ان يستخدم من قبل دولة ذات عقيدة تختلف عن عقيدة الدولة التي صنعته ويضرب مثل على ذلك مصر التي استطاعت ان تطبق ستراتيجية لنتقاء التكنلوجية العسكرية الغربية الملائمة ومع ستراتيجية الكثافة البشرية استطاعت ان تنتصر على اسرائيل . ويقول الكاتب بأن هناك غياب ستراتيجية مكيفة وواضحة في عدم التوازن في شراء الاسلحة من قبل دول مجلس التعاون مما يحدد الاستخدام المتبادل والفعال لعمليات الصنوف المشتركة ويورد أمثلة من شراء المعدات لهذه الدول . ثم يتحدث عن مشكلتي التنظيم اللامركزية للجيوش مما يمنع تعاون هذه الجيوش مع بعضها وحتى ضمن الدولة الواحدة وكذلك الاسناد والخدمات المعززة بالاجانب .وكذلك وجود الضباط من غير مواطني الدولة في مواقع قيادية ووجود الفنيون المفيدون خلال عملية التطوير والذين لا يعرف مدى التزامهم عند حدوث المعارك وهل ستسمح لهم دولهم بالبقاء آنذاك .
ينتقل المؤلف بعدئذ للحديث عن صنوف القوات الثلاث في دول مجلس التعاون . وبالنسبة للقوات الجوية يبين بأن لدى دول المجلس طائرات حديثة الا انها لن تستطيع ان تكون الند لقوات اسرائيل كما انها لم تحقق شيئاً في مجال الدفاع الجوي . ويقارن بين عدد طائرات المجلس وطائرات حلف شمال الاطلسي ويخرج من ذلك بحاجة دول المجلس للاخذ بمنظومة موحدة للقيادة والسيطرة والمواصلات والاستخبارات ويوضح بأن ما ينقض هذه الدول هو قوة (الضربة) الجوية والتي ستعمل على ( ردع ) المعارك بدلاً من مجرد ربحها ، اضافة الى الحاجة لتخطيط دفاع جوي فعال للخليج . وبالنسبة للقوات البرية فأن عملية تحديثها بطيئة واقل كمالاً من القوة الجوية وان أهم مشاكلها هي الحصول على المجندين والاحتفاظ بهم . ويتحدث عن حصول الجيش على منظومات اسلحة ويقارن عدد الدبابات مع حلف شمال الاطلسي ويذكر بأن قوات دول مجلس التعاون رمزية الغاية منها حماية النظم السياسية . وبالنسبة للقوات البحرية فان تطورها افضل من سابقتيها والحاجة ليست كبيرة لتأمين قوة بحرية رادعة كما ان تطوير هذه القوات لا يحتاج لزيادة العامل البشري .
ينتقل بعدئذ للحديث عن المشاكل الاقتصادية والتي ارتبطت بأنخفاض اسعار النفط مما شكل صعوبة خطيرة جداً ليس فقط للتحديث العسكري وانما للتنسيق المتبادل وتوحيد مشاريع دول الخليج اذ اثر التنافس في سوق النفط على ذلك . ويبين بأن السعودية تحملت عبأ عن هذا الانخفاض كما يشير لبيع السعودية والكويت للنفط لحساب العراق وتوقف ذلك حالياً .
في الفصل السادس يعالج المؤلف تعرض مصالح الغرب في المنطقة للخطر ويدعو لسياسة غربية لتعزيز قدرة ردع مجلس التعاون الخليجي ويبين خيارات سد الثغرات ويخلص الى استراتيجية سياسة امريكية للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في الخليج . ففي مجال تعزيز القدرات يرى المؤلف بأن الولايات المتحدة يمكن ان تساعد بتشجيع تقسيم الجهد بين دول المجلس والمركز حالياً على السعودية وكذلك تطوير قسم من قوات هذه الدول والاستعداد المسبق لتقديم مساعدات لها . ويناقش هذه الامور بالتفصيل فيتحدث عن تطوير قوة جوية فعالة لمجلس التعاون ويشدد على تأمين منظومة قيادة وسيطرة مع منظومة تمييز اهداف كفوءة بالاستفادة من طائرات الأواكس السعودية كذلك يشدد على التدريب المشترك للقوات الثلاث واجراء المناورات العسكرية وتوحيد الدفاعات الجوية المرتكزة على قواعد ارضية من رادارات واسلحة ويقترح تسليحاً مناسباً . كذلك يناقش ضرورة بناء امكانات للمجلس تسمح له بالحصول على الوقت في حالة هجوم معادي لحين وصول التعزيزات الاجنبية ويركز هنا على حاويات نشر الاعتدة التي تحمل بالطائرات لتعمل ( كمضاعفات قوة ) لضرب طرق تقدم العدو وبطاريات صواريخه ويحدد انواعاً معينة من هذه الاسلحة والمنصات الجوية التي تحملها .
وفي مجال القوات البرية يتحدث عن صغر هذه القوات في معظم دول الخليج وتحديثها البطيء وانه لا يتوقع ان تقدم الكثير . ويحدد الالوية المتيسرة لدى دول المجلس ويقيمها ويبين الاسناد الامريكي في مجال التحديث والنقل الجوي والتعزيزات التي يلخصها بجملتين ( الاسراف في التشكيل والاسراف في الشراء ) .
ويخلص الى ضرورة توحيد معدات كثيرة مشابهة لتلك الموجودة لدى الولايات المتحدة لامكان استخدامها من قبل قوات هذه الدولة تأمين التعاون مع دول المجلس عند الطوارئ وخاصة في مجال القوات الجوية والمواصلات لانها ستتحمل الوطأة الكبرى لاي هجوم .
في مجال خيارات سد الثغرات يبين بان ذلك يعني الاعتماد على ماهو موجود فعلاً لغرض جعله يعمل بشكل اكفأ لاغراض الدفاع عن الخليج . ويأتي ذلك عن طريق تشجيع دول المجلس على التعاون مع بعض وعلى تطوير موقف عسكري حديث وفعال وعقد معاهدات او اتفاقات . كما يبين بأن القوات السعودية هي البنية التحتية التي يمكن البناء عليها . ويناقش الدفاع الجوي السلبي نشر الطائرات وتقوية تسهيلات الادامة وبناء ملاجيء الطائرات .
كذلك يبين الحاجة لطائرات دفاع جوي قادرة على القيام بواجبات الضربة وان ذلك ممكن ضمن دول المجلس بالاعتماد على الطائرات المتواجدة حالياً وذلك باجراء تحويرات بسيطة واستخدام خزانات وقود اضافية وحاويات الاعتدة وتقوية امكانات الحرب الالكترونية .
وعن تدابير الحرب الالكترونية يرى المؤلف ضرورة وجود تدابير كشف وتحليل المواصلات مع تأمين المواصلات اللازمة لتعبير هذه المعلومات ، ويقترح عدداً من المنظومات ويناقشها . ويتحدث عن الحرب الالكترونية والحرس الوطني السعودي الذي بدأ يجهز بهذه التجهيزات لغرض عدم اقحام الولايات المتحدة بقضايا الأمن الداخلي بشكل مباشر ولكون هذه المعدات لا تجلب الانتباه .
وفي مجال الستراتيجية السياسية للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة يرى المؤلف ان مثل هذه الستراتيجية هي لضمان تدفق النفط للغرب ويذكر انه حتى لو تغيرت نظم حكم بعض الدول فانها ستبقى بحاجة لبيع نفطها للغرب واليابان . ويلخص عناصر مثل هذه الستراتيجية بما يلي:-
أ. فهم الاسناد الامريكي لدول مجلس التعاون بضوء ما تحتاجه هذه الدول لتحسين امكانياتها على معالجة امنها الخاص لغرض تقليل التدخل المباشر للولايات المتحدة .
ب. تجنب اضعاف النظم السياسية لهذه الدول وذلك بتأمين المساعدات عند الضرورة وبما يعزز ( مظاهر ) استقلال حكومات هذه الدول لدى المواطنين مثل تقليل الخبراء وجعلهم في مستوى اعلى واختيارهم ووجوب عملهم بجد مع المواطنين لغرض استيعاب الاسلحة الجديدة .
ج. ضرورة عدم الاعلان عن التفكير او المباحثات لغرض بيع الاسلحة لأي من هذه الدول ثم النكوص عن ذلك اذ ان ذلك يضر بمصلحة كلا الطرفين .
ويبين اخيراً بان بناء الامكانات الدفاعية للمجلس لايهدد ايران واسرائيل او اي من الدول العربية الاخرى ومع ذلك فأن ضمان حماية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة يكمن في ضمان وجود تحرك كافي نحو سلام عادل ودائم بين العرب واسرائيل .
الكتاب ترجم من قبلنا ونشر بشكل محدود التداول عن مديرية التطوير القتالي – وزارة الدفاع / 1987
MAZHER A. HAMEED : ARBIA IMPERILLED
The Security imperatives of the arab Gulf States
Middle East Assessments Group,
Washignton – 1987