قبل الخدمات.. الدولة بمواجهة تحديات حضارية
الحضارة.. واللياقة الإجتماعية – الاتكيت، هي أم كتاب الدولة، وسراط منهج الحكومة، في كل زمان ومكان.
تنتظم في عب المستوى الاخلاقي للشعب، قيمة الحكومة؛ لأن “الناس على دين ملوكها” وهمتهم تواظب على ديدن أداء مجلس الوزراء، الذي يصطف رهطا، يمتثل.. من اليمين ومن اليسار، ومن فوق ومن تحت، وأماما وخلفا؛ لما يقره الرأس؛ فإن صلح.. صلح الزمان وإستقامت الرعية، وإن… لا سمح الله؛ غابت عن الدنيا نسائم التنمية وغاض لون البهجة في مسامات الكآبة وأمحى التفاؤل…
وأنا من المتفائلين، بطرح سؤال يشخص الخلل ويؤشر المشكلة، وينطوي على الإجابة ضمنا:- هل حققت شبكة الاعلام العراقي، التعبئة الوطنية، الواجبة، في ظل التردي العام؟ أم إنتظمت في الخراب، جزءا منه وليست علاجا له، حتى باتت هي المشكلة؛ لأنها تحجم عن أداء مهمتها الاعلامية.. وطنيا.
ليس إجابة، إنما تداولا في السؤال، أقول: أنشغل رؤساء الشبكة، بصراع المناصب، وليس تباين المناهج، منذ وطأ أولهم، أرض المكتب الخاص، حتى يوشك آخرهم على المغادرة.
لم يتصاعد تفاوت وجهات النظر، في إنتهاج السبيل الأمثل للارتقاء بالشبكة وعموم الواقع الاعلامي ميدانيا، إنما إنشغل كل منهم بنصب الفخاخ لنظرائه من غرماء المنصب، مهملا المهمة المهنية، وبالتالي مفرطا بالواجب الوطني، يسفح شرف الاعلام والفن وعموم الثقافة، من أجل نفسه، وليس الصالح العام؛ فلا يمكن لمن يغرس شرا ان يحصد خيرا.
لن أطيل في ذم الماضي، إنما أفرش التفاؤل سبيلا واقعيا للعمل الميداني، الذي يواجه التحديات بهمة تأملية، تقصي الإنفعالات الهوجاء، وترجح التأمل في منطق العمل بدل التلاوم وإلقاء تبعات الاخطاء المشتركة، على الآخر، تنصلا من مسؤولية غرق المركب الذي أسهم الجميع بثقب قاعه، راكسا بهم نحو قاع البحر.. تحت تلاطم أمواج مثل الجبال.
و”قل إعملوا… بنية خالصة في الايمان بالله والولاء للوطن وخدمة الشعب، من حيث ما وردت موضعا.. “كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته”… فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.
حيثما ذر الشيطان قرنه، في بث منافذ شبكة الاعلام العراقي وطباعة إصداراتها، يفترض ان يجد شخصا يتصدى له، قائدا إعلاميا شجاعا، ذا مواصفات تتأصل فيها النزاهة.. راسخة مثل ثبات المحراب نحو القبلة.. وليكن العراق قبلتنا التي نسجد صفا.. في مصلاها.
حوار المناهج التطويرية، أجدى من إصطراع الإرادات تهافتا على الرئاسة الجوفاء، كما قال علي الشرقي: “قومي رؤوس كلهم.. أرأيت مزرعة البصل”.
لذا ينبغي إختيار رئيس لشبكة الاعلام العراقي، ذي شخصية متزنة وعقل أرجح من الغرائز الثرثارة، التي تلسع حيثما وجدت دبقا “ما هكذا تورد ياسعد الإبل”.
رئيس الشبكة، بيضة القبان في توازنات الشعرة الفاصلة، بين رغبات النفس الامارة بالسوء، وما يخدم الناس.. كاشطة الزبد الذي يجب ان يذهب جفاءً، من دون ان يشغل مساحة في البث العام.
يحقق مصلحة الدولة.. بشعبها وسيادتها وارضها، بإعتبارها مصرا ذا قاضٍ ومفتٍ ووالٍ.. شخصية مثالية في الحق، لا يأخذه لوم ولا تطويه مغريات.. مرن حيوي أريحي، حيثما وجد الى ذلك سبيلا يجمع الناس من حوله، من دون أن تنفرط هيبة المنصب في شخصه، وبالتالي تهون الدولة.. لا سمح الله.
جرد طويل، من مواصفات، ينبغي توفرها بشخص رئيس شبكة الاعلام العراقي، الان؛ كي يعوض 16 عاما مضت من العطالة، التي سخرت الشبكة لغرائز المتنفذين فيها، من دون عمل جدي.. بطالة مقنعة من أعلى المستويات، تضفي ظلها على الدركات الدنيا من ترديها، تسفح الحق وتقر الباطل!
شخص يجمع المعنيون عليه، من دون إنحيازات فئوية.. محبوب بعطائه وتفانيه، وليس لمآرب تنتصب على حافة المراد.
وخلاصة القول، إنسان متحضر أصيل، يسهم بنسج حضارة الروح، في الاعلام العراقي، والفن.. يضم بين جناحيه رواد الثقافة ومبدعيها؛ ويفعل طاقاتهم لخدمة الوطن وتعبئة الجماهير، للصالح العام، إسهاما في بناء العراق الجديد، الذي تترسم حكومة عادل عبد المهدي، وضع خطوط مستقبله، بوعي تأملي نابع من عمق المشكلة، ليصب في جوهر الحلول…
وهذا شأن شبكة الاعلام العراقي.. اولا، ومن حولها وزارات الدولة كافة، كالشاهول بين خرزات المسبحة.