23 نوفمبر، 2024 2:42 ص
Search
Close this search box.

شبكة الاعلام .. التراشق السياسي .. ومعبد المهنة !

شبكة الاعلام .. التراشق السياسي .. ومعبد المهنة !

منذ بواكير عمل شبكة الاعلام العراقي، لم اكن مرحبا  بها، فقط  لمعرفتي بمصدر التمويل،مع احترامي لمهنية العاملين فيها، لكن ما تواجهه هذه الشبكة التي اخذت موقع وزارة الاعلام المنحلة بقرار من القادمين الجدد، تبدو امام استحقاقات وطنية ومهنية واضحة المعالم لتكون على طريق واضح  ما بين اعلام الدولة الذي يحاكي نموذج الاذاعة البريطانية ، ونموذج اعلام الحكومة الذي هي عليه اليوم  .
 ليس ثمة اتهام في ما اقوله، لان المعادلة الاساسية تقوم على كون الاعلام بكل تفاصيله هو نتاج للثقافة المجتمعية السائدة مضروبة في  مصادر التمويل زائدا مهنية العاملين فيها لكي تنتج نموذجها الاعلامي ، وفي حوارات سابقة  مع بعض الزملاء الذين هم اليوم على قمة هرم هذه الشبكة ، لا بد من الاعتراف بمهنتيهم العالية ، لكن يبدو ان المنصب  اخذ منهم مأخذه ، فتحولوا  الى  نموذج سبق لهم وان وقفوا ضده خلال ايام معارضة النظام البائد ، فانتهوا الى ما هو اسوأ منه ، ليس في استخدام ذات الاساليب “التعبوية” بل في صياغات هزيلة ، تقلل  من مهنتيهم وتجعلهم  يبدون وكانه ادوات بيد من لا  يفقه في وسائل  الاعلام الجماهيري شيئا !!
والدليل على ذلك اليات استخدام الشعر الشعبي في حملة اسناد القوات الامنية، باصوات  تبدو اقرب الى الى شعراء” صوت المعركة” خلال الحرب العراقية الايرانية ، فخوذة  الجندي والعكال الثابت على الراس هما محور هذا الشعر، مما لا يظهر اي  تجديد في مفردات  الابداع الا بتغيير الاسماء ، يضاف الى ذلك عدم اظهار حيادية القناة العراقية في برامج حوارية تؤكد الانحياز  اكثر مما تؤكد الحيادية بطريقة الاذاعة البريطانية ، وهنا  لابد من طرح السؤال  : هل  المطلوب ان نهدم المعبد ام ندعو الى الاصلاح  ؟؟
 هذه الفكرة كانت من متبنيات مجموعة مثقفة من عراقيي الداخل، اسست مجموعة “العراق بيتنا ” عام 2001، واصدرت عدة بيانات في اوضاع امنية اقل وصف لها بانها خطيرة جدا ، كانت تطالب بالإصلاح من الداخل  فجاءت القوات الاميركية  لا حداث التغيير ، وكل نتائجه المعروفة ، واليوم بذات الافكار التي انطلقت بها لابد من احداث التغيير  من الداخل ، وان يكون  الاعلام الرسمي ، الممول من المال العام مع اليات التغيير من الداخل، وهذا يتطلب من شبكة الاعلام العراقي ان  تستنهض المهنية الغائبة عن عملها بمداورة كواردها واستحداث كوادر جديدة من جيل الشباب  الذي يحمل افكارا عراقية بحتة وليس افكارا مستوردة مع الدبابة الاميركية، ويبدأ هذا الامر بقيادات  الشبكة في  مفاصلها الاساسية ، ويمكن  لمجلس النواب بدلا  من منع الاموال عن هذه الشبكة التي لها  نكهة عراقية خالصة ، ان يضيف لها توجهات عامة،في مدونة سلوك وظيفي، تلزم كوادرها بأخلاقيات مهنية لها منهجية عمل  الاذاعة البريطانية اكثر من  اذاعة براغ  او اذاعة العراق من  طهران !!
والمطلوب من السلطات الثلاث ، ليس التصارع على مصالحها في الولوج الى عمق  مهنية شبكة الاعلام العراقي ، بل الوقوف عند الحافات الامامية لسياساتها ، اما هذا التنابز في التصريحات، وادخالها في الميول والاتجاهات بكونها  تمثل  وجهة نظر الحكومة وخلافه ، دعوني اسال : اليس الحكومة هي حكومة شراكة وطنية وتمثل  جميع  الطيف السياسي العراقي ؟؟ واليس البرلمان  يمثل السلطة  الشعبية، اما ما يريد البعض  في  نيات  مبيتة تحويل  برامج العراقية الى نموذج اخر من برامج الاثارة والتراشق السياسي، فلا اعتقد بان المشاهد العراقي يحتاج  مثل هذه البرامج ، بل الى حوار عقلاء ، ومحاور ذكي يستطيع ادراك اللحظة المناسبة لاقناص الخبر من فم المتحدث وليس ترك  الامور مشرعة لأسئلةعامة غير متخصصة بموضوع البرنامج، فضلا عما يظهرغالبا على الاسئلة التي تطرح على الشخصيات على الهواء  خلال النشرات الاخبارية  .
مع اهمية الاخذ بعين الاعتبار ان انتاج شبكة الاعلام  للدراما العراقية يمكن ان يتوقف  عنده الكثير  من النقاد في العلوم الاجتماعية ، فضلا عن التاريخ السياسي ، كون اللون الواحد من الانتاج  الدرامي يؤدي الى استثماره بالضد من اهداف حددت للمصالحة الوطنية، فانتهت هذه المسلسلات الى اظهار المجتمع العراقي من نوع واحد في  وقت يتطلب ان  تتمسك  الشبكة بأهداب التنوع ، وهذا هو مربط الفرس فيما يثار من اشكالات ضدها  اليوم انتهت الى التهديد باعتلاء رئيسها لمنصة الاستجواب وما يثار على التمويل  المالي .
مجمل القول ان “المهنية” تتجاوز الإخفاقات السياسية ، ومهنية الكثير من العاملين في شبكة الاعلام مشهود لها بالكفاءة ، وتحتاج الى نوع من التثقيف المباشر على الحيادية في التعاطي مع الخبر بتنوعاته، وعدم الاغراق الخبري والتحليلي بمورد واحد من موارد التعاطي مع الحدث، وهذا بحد ذاته لا يعد  نوعا من الاخفاق المهني، لان مجمل الوضع السياسي  يفرضه ، لكن مشكلة التنويع تتطلب فتح الابواب مشرعة امام الجميع للادلاء بدلوهم من خلال مكتب تنسيق اخباري يتحمل هذه المسؤولية بروح رياضية  تتقبل الحوار مع الاخر بلغة المصلحة الوطنية وليس بلغة مصلحة طرف على حساب غيره من قيادات الدولة ،عندها فقط  تتجاوز  مهنية الاعلامي  الاخفاقات السياسية  المتعددة التي تظهر في المشهد العراقي  وتكون شبكة الاعلام  عونا في  تجاوزه  وليس سببا  فيه .

أحدث المقالات

أحدث المقالات