22 ديسمبر، 2024 7:06 ص

شبكة الإعلام العراقي ..حرية الرأي تشهد طفرة نوعية

شبكة الإعلام العراقي ..حرية الرأي تشهد طفرة نوعية

كنت ، منذ أكثر من عقد ونصف ، من المتابعين بإهتمام لتوجهات ومضامين شبكة الاعلام العراقي ، وبخاصة توجهات قناة العراقية الفضائية الاخبارية ، وكنت أؤشر من خلال مقالات كثيرة كتبتها عنها ، ملاحظات غاية في الأهمية عن التوجهات السلبية الخطيرة التي كانت سمة واضحة من توجهات تلك الشبكة ، وفي سعيها لأن تكون ممثلة عن طيف سياسي (طائفي) محدد، وبخاصة للفترة من 2010 وحتى عام 2020 ، بل كانت تلك الشبكة من أكثر أجهزة الإعلام العراقية منهمكة في التوجهات الطائفية، ومن تثير نعراتها وتؤجج الأحقاد والضغائن بين المكونات العراقية ، وتشهد حالات كثيرة من (غياب) حرية التعبير والرأي و(إحتكار الراي) ، الا على الطائفة التي جندت نفسها لأن تكون مدافعة عن توجهات ساستها ومن تولوا المسؤولية في هرم السلطة وليس شعبها المتعب من الهموم ومن تراكمات عدم الاهتمام بأبسط متطلباته، ، وبخاصة من كان على رأس السلطة العليا والجماعات السياسية الأخرى التي تهيمن على مقدراتها!!

إلا ان المتتبع لتوجهات شبكة الاعلام العراقي منذ سنتين تقريبا ، وبعد تولي الدكتور نبيل جاسم مهام قيادة توجهاتها، حتى حدث تطور إيجابي لافت للنظر ، تنفس من خلاله الإعلاميون وبعض الأصوات الوطنية التي يهمها أمر بلدها الصعداء، وشهدت إستقلالية الشبكة تطورا نوعيا يبشر بمرحلة إيجابية من حرية التعبير، أشادت بها شخصيات ونخب ثقافية واعلامية، ولاقت إرتياحا من الرأي العام العراقي ، لأول مرة، ربما ، من خلال تطعيم برامجها بمقدمي حوارات وبرامج لهم تجارب ناضجة ومسؤولة ، وضعت تلك الشبكة في دائرة الإهتمام من قطاعات شعبية عراقية ، في أنها وجدت نفسها وهي تغرس قيما إيجابية من حرية الرأي والتعبير عن هموم الشعب وعن إرادة النخب السياسية الطامحة ، التي كانت قد سئمت من توجهات قناة العراقية الفضائية الاخبارية ، وتمنت لو أنها ارتقت بخطابها الإعلامي، ليكون معبرا عن أمنيات وطموحات ورغبات كل العراقيين وليس طيفا محددا ، وعن طائفة بعينها، كانت هي من تمسك بالسلطة وتنفرد بسلطة القرار ، وليس بمقدور الأطياف الأخرى أن يكون لها وجود مؤثر، إلا لمن يردد كالببغاء توجهات من تراه الشبكة يخدم أغراضها وتوجهاتها ، وشهدت إبتعادا من أوساط شعبية لم تعد تثق بتلك التوجهات وتعدها محاولات (انتقام ثأرية) ليس لها ما يبررها، وتظهر فقط الشخصيات التي ينفر منها المجتمع العراقي ويعارض توجهاتها ، وهي ربما أعادت لها رسم ملامح توجهاتها الإيجابية في السنوات الأخيرة ، وشهدت حالات إنفراج إيجابي، بعد إن ضمت الى صفوفها إعلاميين محترفين وعلى مستوى عال من المسؤولية، ومن لديهم إحترام كبير لحرية الرأي والتعبير، حتى وجد الكثير من اوساط الشعب العراقي ، ان الفضائية العراقية الاخبارية على وجه التحديد ، قد تحسن خطابها وإهتمامها بتوجهات عموم الشعب العراقي، حتى بدأت تحصد علامات نجاح لافتة للنظر، تبشر بعد إنطلاق الحرية المسؤولة في أفضل صورها!!

ومن أكثر الخطوات التي تعد جريئة هي السماح للرأي الآخر أن يجد مكانه من على منابر الفضائية العراقية الاخبارية وبقية توجهات شبكة الاعلام العراقي ، بعد أن توافر لها قيادي إعلامي متمرس، وله تاريخ مشهود بالحرفية والمهنية ، حتى حرك فيها كثيرا من التوجهات الإيجابية، وبدلا من أن تبحث الأصوات العراقية المعارضة عن قنوات أخرى تعبر عن توجهاتها ، فقد وجدت لها مكانا في الفضائية الاخيارية العراقية، وراحت تسلط عليها الأضواء وتنفتح على كل من يريد أن يدلي برأيه الحر من أوساط إعلامية محترفة وحتى سياسية معارضة ومن مختلف الاوساط الشعبية، لاقت تلك الخطوات إرتياحا من قوى سياسية وحتى معارضة أن تكون صوت قناتهم هي الأقرب اليهم والى الرأي الحر ، أن يجد له مكانا يمكن سماعه من قطاعات شعبية عبر قنوات رسمية، بدلا من أنها اقتصرت في توجهاتها في سنوات سابقة على ما تردده الحكومة واحزابها السياسية المهيمنة ، ومن طائفة محددة في الأغلب، ولن يسمح للأخر حتى المشارك ضمن الحكومة أن يكون بمقدوره التعبير عما يراه الأفضل لخدمة بلده ، وفي إيصال هموم شعبه الى السلطة العليا، بدلا من أن يسمعها من قنوات فضائية عراقية وعربية أخرى ، كانت هي من تعبر عن أغلب هموم العراقيين ونخبهم ، في وقت كانت العراقية قد سدت آذانها عن سماع تلك الأصوات الوطنية العراقية ( الغائبة عن الحضور) في توجهات شبكة الاعلام العراقي ، والتي هي تحت سلطة مجلس النواب العراقي كما يفترض في تكوينها، وليس تحت سلطة الحكومة وسياطها التي سخرتها لخدمة أغراضها هي ، وهي التي لاتقبل للرأي الآخر أن يجد لها مكانا من الاهتمام، كما ينبغي، ولو في أضعف درجاته!!

لكن الأسى والأسف والإستغراب ، عاد مرة أخرى من أوساط إعلامية وقانونية وحقوقية وسياسية ومحترفين في العمل الاعلامي، بعد أن واجهت شبكة الاعلام العراقي حملة تقويض ضارية تستهدف حرية التعبير، تحت شعارات ومبررات ليست معقولة، وقد وجدت تلك القوى أن حرية التعبير أصبحت خطرا عليها، بعد أن وصل النقد عبر شبكتها، ما عدته (خطا أحمر) لايمكن قبوله بأي حال من الأحوال، حتى عدت تلك التوجهات من قبل قطاعات إعلامية وسياسية (إنتكاسة) أخرى لحرية التعبير ، وشهدت هجمة إعلامية غير مسبوقة تضع قناة العراقية في خانة اعداء الوطن ورجال ساسة السلطة العليا، بالرغم من أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد دافع عن توجهات حرية الرأي ، لكن الآخرين أججوا كل الاصوات التي تدعو لخنق حرية التعبير مجددا ، وعدم السماح للاصوات التي تبدي ولو معارضة شكلية أن يكون لها مكانا، ما عدت تلك الخطوة تراجعا، إضطر رئيس الشبكة مرغما الى (مجاراة) الأمر الواقع ، وفصل أحد أفضل مقدمي البرامج (سعدون ضمد) وأوقفوا برنامجه على الفور، بالرغم من أن المحاور ليس مسؤولا عما يدلي به ضيوف البرنامج من أراء ووجهات نظر، والرجل أراد أن يحترم حرية التعبير، وليس بمقدوره أن يقمعها، وهو الذي نذر نفسه لأن يكون إعلاميا محترفا ، له باع طويل في الدفاع عن حرية التعبير ، في أن يرى بلده الذي يدعي الديمقراطية ان يكون هو الآخر صوت كل عراقي وطني غيور، يتمنى لبلده الرقي والتطور ، وان لايسمح للأيادي الأجنبية ، أيا كانت أن تعبث بمقدراته، بينما أبناء العراق يتضورون جوعا وحرمانا من أبسط الخدمات، أما حرية التعبير فعدوها (حربا عليهم ) ينبغي خنق من يمسها أو يقترب منها مرة أخرى وحملوا بوجهها سيوف الحرب لكي يتم وأدها مرة أخرى !!

ونحن معشر الإعلاميين وأعمدة الصحافة وعنوان بيرقها ومن نخب الثقافة والصحافة ومن قضينا أكثر من أربعين عاما نبحر في سلطتها الرابعة ، نعلن تضامننا الى جانب قناة العراقية الفضائية في توجهاتها الاخيرة ، بتوسيع نطاق حرية الرأي والتعبير ، ونرفض رفضا قاطعا محاولات التضييق على حرية التعبير ، التي نعدها (نعمة وحيدة) شهدها البلد في السنوات الأخيرة لايمكن نكرانها، كما نفضل أن يرتقي ممن يشارك في الحوارات التلفزيونية الى اللغة الراقية وليس الهابطة ، وبإمكان من يريد ايصال صوته أن يسمع الاخرين طروحاته دون اللجوء الى (الإساءة) ، وبخاصة أن هناك من بعض الجهات السياسية ممن لايزال يحمل معاول الهدم والتخريب ، وممن يردد الحديث دوما عن (بحور الدم) ومن يدافع عن توجهات الأجنبي ضد بلده، من يريد أن يعيد توجهات شبكة الاعلام العراقي الى عهد القرون الوسطى ، علهم يكون بمقدورهم كبح كل صوت عراقي وطني يريد أن يكون له مكانا يعبر عيه عن وجهات نظره بشأن سبل خروج بلده من أزماته المستفحلة، وما أكثرها ، وبعد إن وصلت حالات الانسداد السياسي الى أعلى مراحل خطورتها التي تنبيء بكوارث لاتحمد عقباها ، إن بقيت أحوال البلد على تلك الشاكلة من التناحر والإصطدام بين توجهات متعارضة ، كل يريد أن يفرض سطلته على هواه، في حين أن العراقيين كشعب وقوى وطنية، لم تحصد من تلك التوجهات الا خيبات الأمل، وكان الله في عون العراقيين على كل حال!!

كما ندعو القضاء العراقي الى أن يكون أكثر تسامحا مع توجهات حرية الرأي والتعبير، وهو من نعده (الحصن المنيع) الذي لايفترض أن يدخل (خصما) مع الاعلام والصحافة ، ويحمي السلطة الرابعة التي هي بأمس الحاجة الى الدعم والرعاية والاهتمام ، حتى عد الإعلام السلطة الأولى وليس السلطة الرابعة، كونه هو من يراقب بإهتمام ومسؤولية عليا تطورات مايجري في البلد من تراكمات وصراعات سلبية خطيرة، ويحذر من إنعكاساتها على مستقبل العراق، ويرى فيها أنها تعرض مستقبل البلد الى مخاطر كثيرة، نتمنى على القضاء العراقي أن يحول دون أن تنحدر مكانة البلد الى الدرك الذي يؤدي الى تقسيم البلد ، لاسمح الله، أو أن يعاد وضعه تحت الحماية الدولية مرة أخرى!!