23 ديسمبر، 2024 5:12 ص

نقل مراسل صحيفة ( The Guardian ) البريطانية في بغداد ( Martin Chuluuv ) عن ( الجبوري ) قوله :
” صدقني إن قلت لك إن أغلب الأسماء الكبيرة في البلاد مسؤولة عن سرقة كل ثروة العراق تقريباً ، أشخاص في قمة هرم السلطة ، سيقتلونني إذا لاحقتهم ، الناس هنا عندما يسرقون يسرقون علنا ، بل إنهم يفتخرون بذلك ، هنا يوجد ڤايروس مثل ( Ebola ) ، إنه الفساد ، لا أمل ، آسف لقول ذلك ” .
هكذا أستهلت الصحيفة تقريرها عن الفساد في العراق وعلى لسان احد قادتها فالجميع هنا فاسدون من قمة الهرم الى قاعدته ، فهذه الطبقة السياسية الفاسدة قامت بنهب المال العام لمدة ١٣ سنة لتبحث عن النفوذ من خلاله وقد نجحت في ذلك نجاحاً ساحقا .يعتبر العراق الأن من أعلى الدول في معدلات الفساد ، الفساد الأداري والمالي ، وهو موجود بشكل ملحوظ وملفت للأنتباه في عدة مرافق إدارية منها القضاء ، الوزارات الأمنية ، الوزارات الخدمية ، وبسبب ذلك يعنير العراق مع عدة دول مثل أفغانستان ، السودان ، الصومال ، ليبيا ، اليمن ، من أكثر الدول في معدلات الفساد بحسب إحصاءات عالمية . 
لكن الفرق هنا هو ان الفساد في العراق ليس كالفساد في غيره من الدول من حيث الكم ولا من حيث الوزن ولا من حيث النوع او الفاعل ، فالفساد هنا ماعاد حالة استثنائية إنما بات هو القاعدة والحاله العامة ، حتى إنه بات يستخدم كسلاح في الحرب المحتدمة على الحكم ، أو بمعنى أدق يستخدم للوصول الى مواقع تكون فيها السرقات اكبر واوسع .
فهم يغترفون منه الالفة والتراضي ، وعندما يحتدم الخصام فأن الكل يشن ( حرب الملفات ) الكل يزعق في وجه الكل ( أملك ضدك ملفات فساد ) فيجنحوا للسلم ، لأن لكل منهم ملفاته ، ولقد عشنا هذه القصص على مدى ١٣ عشر عام كانت بعضها مشوقة تجعلنا نتسمر امام شاشات التلفزيون ونحن نقنع انفسنا بان هناك نهاية لهذا الامر لكنها تتجدد باستمرار كحلقات مسلسل تركي يدوم على مدى سنوات عدة .
مواقف الفساد ورجاله مختلفة في العراق عن غيره بنسبة كبيرة جداً ، فهم يتوزعون على ثلاث خنادق :
الاول ، ينكر وجود الفساد ، ويتهم من يثيره او يواجهه ب ( الاجندة الخارجية ) .
الثاني ، أفسد من الأول ، لكنه يسعى لغاية في نفسه وهو التسقيط والاسقاط سعياً بعودة الاوضاع الى سابق عهدها من الطائفية والقتل على الهوية .
الثالث ، يواجه الفساد التزاماً بالمبادىء والمثل العليا دفاعاً عن حق الشعب المغلوب على امره ومن أجل بناء نظام حكم صالح في العراق لكنه للأسف أعزل وقليل الحيله و ( مقطوع من شجرة ) ، فهو بين الخندقين مثل ( هاجر ) .!
ادرك يقيناً إن معركة الفساد في العراق مفتوحة وواسعه وان الدعوه لمحاربته تنطلق من نوايا وبواعث صادقة ووطنية  وهذا ماتجده عند القلة من الذين هم في هرم السلطة .واخيراً اقولها للفاسدين :
من كان منكم بلا خطيئة فساد ، فليرمه بحجر .!
واقول لمن يريد محاربته :
إن معالجة الفساد تحتاج لمن يُدرك جيداً طبيعة العوامل الحقيقية المتحكمة فيه ، فنحن جميعاً فاسدون وان لم ننتم الا ان اطلقناها صرخة مدوية بوجه كل فاسد وظالم لشعبه وخائن لوطنه فدولة الفساد ( باقية وتتمدد ) مالم نعالج ارواحنا وننقي انفسنا اولاً من ادران المصالح الشخصية وعبورها الى الهوية الوطنية الواحدة التي هي الاساس والقاعدة التي ينطلق منها الخيرين اين ماكانوا .