18 ديسمبر، 2024 6:12 م

نسمع بين الحين والاخر من يلقي بالائمة على الشعب في ما آلت اليه اوضاع العراق من تدهور سياسي وتحميله مسؤولية انتخاب العناصر الفاسدة ، من دون ان يتوقف لمراجعة الظروف التي احاطت بالمواطن منذ الاحتلال وما تعرض له من ضغوطات وحملات تضليل وتغييب للقيم الوطنية خاصة في الانتخابات الاولى عام 2005 التي كانت لبصمته البنفسجية دورأ في هيمنة الاحزاب الاسلاموية الفاسدة على السلطات وهذا صحيح نسبيا .. غير انه سرعان ما كشف حقيقة هذه الاحزاب ومسؤوليتها في نشر الفساد وتدمير الوطن وقتل كل فرصة لنهوضه .. صحيح ان هذا الوعي كان بطيئا ,نعترف انه الى الان لم يصل الى مستوى ما نحن فيه ، لكنه في تنام واضح تجلى في مقاطعة حوالي 80% من المواطنين للانتخابات وما سبقها من تظاهرات تصاعدت وتطورت في تشرين الاول 2019 التي قادها الشباب وما زال البعض منهم صامدا في ساحات العز والكرامة برغم عدد الشهداء وطبيعة العنف الوحشي الذي تعرضوا وما زالوا .. لذلك من الانصاف ان نحي موقف هؤلاء الشباب المتميزون الذين حرصوا للحفاظ على سلمية ثورتهم الشعبية وشعار نريد وطن الذي كان عنوان وطني تجاوز الشعارات المطلبية التي كانت سمة تظاهرات السنوات السابقة .
تميز شبابنا اليوم لايقتصر على سلمية ثورتهم فحسب بل يرتبط بالروحية الوطنية العالية خاصة في ظروف جديدة بدأت تسود العالم ومنها العراق ،مفاهيم سياسية جديدة بل حتى مفاهيم احتماعية وقيمية ناهيك عن انحسار واضح لقوى اليسار ما يدفع الشباب الى الابتعاد عن هموم الاوطان كما كان سائداُ في العقود الماضية . ويتذكر اشخاص من جيلنا او القريب منه كيف كانت صور وملاحم عمر المختار وجميلة بوحيرد واحمد بن بلا وعبد الناصر وجيفارا وهوشي منه ونهرو ولينين وما وتسي تونغ وغيرهم من الثوار والزعماء تثير فينا الحماسة وتشدنا للعمل تحت جناح احزاب وطنية وقومية معروفة انذاك .. في المراحل التي عشناها وبرغم ما فيها من خيبات ومرارات خاصة في اقطار وطننا العربي الكبير كانت هنالك نماذج ومعايير نضالية للعمل السياسي تختلف عما هو عليه الان كثيراُ ، لذا فان مواقف شبابنا الوطنية وخطابه الوطني وتضحياته تجعلهم يتميزون عن جيلنا بل يسبقونه بكثير .. انهم جيل جديد يقود نفسه ومن حقه ان يقول ان ليس هنالك من يقودنا بل نحن قادة انفسنا خاصة وان الاحزاب الوطنية بمختلف مسمياته و الى الان قاصرة عن استيعاب خطابهم والتفاعل معهم بما يخدم قضايا الوطن والامة .. هذا الجيل تحدى الطائفية وكل محاولات تمزيق الوطن واثبت انه الاجدر بتمثيل الشعب والتعبير عن تطلعاته المشروعة بحياة كريمة في وطن سيادته مصانة ويسوده القانون . جيل ثورة وطنية شعبية بعيدة عن كل المصطلحات الشاذة التي غزت مجتمعنا بعد الاحتلال .. جيل لايعرف التنظير في الايدلوجية والتكتيك , وكل ما يريده وطن ، ومن لديه الغيرة والنخوة من السياسيين لابد ان يسمع صوته لانه غير ملوث بمنافع السلطة واغراءاته فهو من الوطن واليه . . جيل متميز متميز .