22 ديسمبر، 2024 6:09 م

شباب العراق في يومهم العالمي تحديات بحجم الوطن

شباب العراق في يومهم العالمي تحديات بحجم الوطن

إن الشباب هم مستقبل الأمة والمحرك الأساس للتنمية لبناء مجتمعات رصينة، فهم عماد تطورها ونموها وبناة حاضرها وأمل مستقبلها، والمدافعون عنها في الشدة والرخاء، فالأمة الشابة هي القادرة على التطور والنمو، وصناعة مستقبل زاهر يشعر الجميع فيه بالأمان والرفاهية .

يصنف الشعب العراقي من الدول الفتية، حيث يكون الشباب نسبة 70 % من عدد سكانه، على الرغم من الحروب والمآسي التي مرت عليه، منذ مطلع ثمانيات القرن الماضي والي يومنا هذا، فقد أخذت الحرب العراقية – الإيرانية الكثير من أرواح شبابه، ثم جاءت حرب الخليج الثانية وأحداث الانتفاضة الشعبانية، حيث دفن الكثير من الشباب العراقي في مقابر جماعية، وصولا الى الاحتلال الأمريكي للعراق وانتهاءً بالإرهاب الذي ضرب شوارع ومدن العراق، والذي لازال شبابه يقاتلونه بكل شجاعة .

أحداث جسيمة لو مرت على بلد آخر لكان شاخ وانتهى وأصبحت العنوسة تطارد نسائه، ولكننا لازلنا نشهد نموا كبيرا في عدد سكانه ونسبة شبابه، تؤكد بأن العراقيين شعب حي يأبى أن يستسلم أو يتراجع، وان أجياله لازالت تنمو جيلا بعد جيل، رغم غياب الظروف والإمكانات التي تخدم هذه الأجيال الشبابية، وعجز الدولة عن تلبية طموحات الشباب المتطلع الى غد مشرق ومستقبل زاهر، مما ولد شعورا بالتذمر والإحباط من المستقبل .

فالمدارس العراقية أصبحت عبارة عن خرائب يجلس طلابها المتكدسون على الأرض، دون توفير المستلزمات المدرسية أو الظروف المناسبة للدراسة وغياب طرق التدريس الحديثة، يصاحبه فوضى في المناهج الدراسية وغياب التخطيط الصحيح لمستقبل العملية الدراسية، وتوقف تام في بناء المدارس الحديثة لاستيعاب الإعداد الجديدة من الطلبة، حتى أصبحت أوقات الدراسة مجرد إسقاط فرض لا تؤثر في ذهنية الطلبة، الذين استغنوا عن هذا المدارس البائسة بالمدارس الخاصة، مما أضاف عبئا إضافيا لأعباء العائلة العراقية المتراكمة .

أما الجامعات العراقية فقد تراجعت تراجعا هائلا، بعد أن كانت في مصاف الجامعات العالمية، وأصبحت مجرد وسيلة للحصول على الشهادة الجامعية، لغرض التعيين والحصول على درجة وظيفية، وليس لإستحصال العلوم والتنمية البشرية، وعلى الرغم من الكم الهائل في عدد الجامعات العراقية، إلا إنها مازالت تمارس طرق التدريس الكلاسيكية منذ زمن الستينات، وتفتقر الى طرق التدريس المتطورة التي تحفز الشباب على الاجتهاد والإبداع، وان يكون الطالب الجامعي عنصرا فاعلا ومؤثرا في المجتمع، فغابت الثقافة وساد الجهل في صفوف معظم طلبة الجامعات .

يضاف الى كل هذا حجم البطالة الكبير في صفوف الشباب العراقي، بعد أن عجزت الدولة عن إيجاد فرص عمل، وأوقفت دورهم في عملية البناء وخدمة بلدهم، فالمشاريع الاقتصادية التي تستوعب الشباب العاطل عن العمل تكاد تكون غائبة، والحلول لمواجهة التحديات التي تعيق تحقيق الشباب لطموحاتهم وآمالهم مغيبة، ولم تتوفر البيئة المناسبة لتمكين الشباب وجعلهم يأخذون دورهم في بناء وطنهم، وان يكون لهم قرار في رسم مستقبله، مما جعل الكثير من شبابه يغادرون ارض الوطن، بحثا عن فرصة عمل تساعدهم في بناء مستقبلهم .

إن شباب العراق هم مستقبل العراق، وهذا يحتم على الجميع الالتفات الى هذه الشريحة التي تمثل غالبية الشعب العراقي، وان تعمل مؤسسات الدولة كل حسب تخصصها، على تمكين الشباب من اخذ دورهم في عملية البناء، وان يحتلوا المواقع التي تمكنهم من خدمة وطنهم .