يتوجس طلبة الموصل من ” إقحامهم” في عام دراسي مليء بأفكار التطرف بعد أن فرض تنظيم داعش طقوسه على المناهج الدراسية، حيث ألغى كل ما يحافظ على المتبقي من جذور الوطنية لصالح افكار لا تتعدى في فوضويتها عملته الذهبية، حيث كل شيء يقترب من الأساطير و الخرافات لكن ضحيتها جيل من الأطفال و الشباب.
أن تثقيف الطلبة وفق مناهج داعش يعني تخريج جيل من المتشددين سيشكلون خطرا كبيرا على مستقبل التعايش السلمي في العراق، ما يعني أن هوية البلاد في خطر حقيقي، خاصة وأن التنظيم يعمل على إشاعة أفكاره بحد السيف، مقابل غياب أي توجه حكومي لنزع الخوف من قلوب مؤيديه بقوة السلاح ، أو غياب البديل حيث ينشغل السياسيون في أمور جانبية يلفها الفساد و غياب المسؤولية.
وتقلب العوائل وجوهها ذات اليمين و ذات الشمال لتصطدم بحقيقيتن كلاهما مر.. القبول بنهج داعش و أعتبار الهوية العراقية من الماضي أو رفض الأنصياع لأوامره و تحمل النتائج التي يعرف الجميع روح القسوة و الانتقام فيها، خاصة وأن المعادلة تميل لصالح التنظيم في الموصل بسبب تأجيل الحسم العسكري و الثقافي، و الحال لا يختلف عن الحويجة و الانبار و غيرهما من مناطق العراق خارج السيطرة، ما يُشيع أجواء القبول بالأمر الواقع لانعدام البدائل بعد وضع المسؤولية عالى عاتق بوتين و أوباما، وكأنهما يتقاسمان نصرة الطائفية في العراق.
أشد ما يثير القلق في النفوس أن تنظيم داعش بمقدوره الترويج لأفكاره بطرق مختلفة عبر شبكة التواصل الاجتماعي، فكيف سيكون الحال عندما يصبح لمفرده صاحب القرار على الأرض مع الأخذ بنظر الأعتبار قدرة عقول الأطفال و الشباب على تقبل الأفكار و تقمص الأدوار، ما يعتبر معول هدم مخيف في أفكار التعايش السلمي في العراق، بعد نجاح داعش بنشرالطائفية و رفض التعايش مع آهل الكتاب، مستفيدا بشكل كبير من إهمال حكومي و تراجع أخطر في الخطاب التوعوي الديني، فنادرا ما يتم تخصيص خطب الجمعة لتثقيف المواطن و تحصينه من أفكار التشدد.
ويستغرب مختصون في علم النفس الاجتماعي من عدم تفقه السياسيين في العراق بالمآسي التي يرتكبونها بحق الأخوة العراقية، فكلما تعمق الخلاف الطائفي أو القومي أزدات كفة التطرف ترجيحا، ما يستدعي وقف كل الحملات الجانبية و توحيد الخطاب للمحافظة على الأخوة العراقية، التي بدونها سيكتشف السياسيون قبل غيرهم أنهم منحوا التطرف فرص الانتشار بالمراهنة على خنادق” عقائدية” لا يمكنها حسم المعركة ضد التشدد لأن كل فصيل يحرث في المكان الخطأ.
وفي السياق فانه و بدون العودة الى عراقيتنا سيبقى القصف الدولي جسرا للنفوذ على حساب المتبقي من السيادة و تتحول التحالفات الى خنجر في ظهر المشروع الوطني، ما يستدعي قراءة جديدة للمتغيرات لا تستثني ” الطريق الثالث” في العفو عن المغرر بهم
لتخريب صفوف داعش من الداخل، بعيدا عن المزايدات السياسية التي أنهكت العراق و شعبه لسنوات عجاف، و ربما تؤسس لتهشيم وحدته أرضا و شعبا لا سامح الله.