23 ديسمبر، 2024 4:41 ص

شاهد للساعات الاولى لثورة 14 تموز عام 1958 المجيدة

شاهد للساعات الاولى لثورة 14 تموز عام 1958 المجيدة

كنت لازلت طالبا في المرحلة المتوسطة، وفي المدرسة المسائية ، اعمل صباحا في شركة اجنبية للتاسيسات الكهربائية ، والدوام صيفا يبدا من الساعة السادسة صباحا ، وفي لحظة وصولنا موقع الدوام من يوم الاثنين الموافق للرابع عشر من تموز ، سمعنا الحارس والمدعو فنر يقول لا اعرف ما يجري الاذاعة تعلن ما هو غير معتاد ، وعند الدنو من المذياع سمعنا ، جملة بيان رقم واحد ، بدايته ، بعد الاتكال على الله بمرازرة الخييرين من ابناء الشعب والقوات الوطنية المسلحة اقدمنا على تحرير الوطن العزيز …، وكنت لازلت في بداية العام السادس عشر من عمري ، وكوني عاملا قريبا من النقابة العامة لعمال الكهرباء ، فقد كنت قريبا من الافكار النقابية ومتاثرا بها ، وكانت النقابات هي بدورها متاثرة بافكار اليسار العراقي ، وكانت اهداف هذا اليسار تدعو للثورة على النظام الملكي القائم ، فانطلقت نحو الشارع العام واستقليت الباص الخشبي الناقل للركاب من الكاظمية الى علاوي الحلة ، ومن هناك توجهت مع بعض الشباب الى مبنى الاذاعة في الصالحية وكان التوجه غير منظم وانما كان تلقائيا ، وهناك رايت المقدم مهدي على الصالحي ، وهو جار لنا في محلة الدوريين في الارضرملي ، وعرفت انه مشترك في الثورة ، وفي حينها لم يسمح لاي شخص من الوصول الى مبنى الاذاعة ، فجاءت سيارة تعود للشركة متوجهة الى كرادة مريم وهي نوع ماركوري موديل 1956، يقودها احد المنتسبين ، فتوجهنا بها الى تمثال الجنرال مود المثبت امام السفارة البريطانية في الشواكة بعد طلب بعض شباب الكريمات وهم من المعروفين في ميولهم اليسارية ، تم استخراج حبل يستخدم في ربط انابيب التاسيسات الكهربائية، ووسط الهتافات بقدوم الثورة ووسط الحماس الشبابي تم اقتلاع تمثال الجنرال مود وهو القائد العام للجيوش البريطانية التي احتلت العراق للفترة من عام 1914 الى 1917 ، وهو صاحب الجملة المشهورة جئنا محررين ولسنا فاتحين ، ولقد تعلمت صباح ذلك اليوم ، وبعد معاقبة الوصي عبد الاله، ان وحدة الشعب كانت تلقائية ، وان الجيش في ثورة 14 تموز لم يك ليحقق المنجزات لولا وقوف الشعب وقواه التقدمية معه وخلفه ، وتوالت بيانات تثبيت الثورة والشعب ينفذ ما تطلبه الثورة ، وقد كان لهروب رئيس الوزراء نوري السعيد وهو كان المطلوب الاول للثورة ولقوى اليسار اذ كان وراء اعدام قادته ووراء تكبيل العراق بالمعاهدات المشينة ، وظل كل منا منتبها الى حركات كل شخص غير معروف للوصول الى الهارب ، وبعدها اعلن حظر التجوال ، وفي اليوم التالي حقق الشعب مطلب الثورة وتم القاء القبض على نوري السعيد في منطقة البتاويين والقصة معروفة للجميع ، اردت من هذه المقدمة ان اقول ان الثورة كانت حقا بيد الجيش لكن من طور احداثها هو الشعب ، وان الثورة كان لابد لها من ان تقوم لان مجريات الامور كانت عكس منطق التاريخ ، وان اليمين والاقطاع الذي فتته الثورة كانت وراء اغتيالها ، ولا زلنا لحد هذه اللحظة نعاني من نتائج اغتيال تلك الثورة العظيمة وقائدها ذو اليد النظيفة ، وبالطبع القوى الاجنبية التي هدد مصالحها تيار الثورة العارم وفي خلفيته قانون رقم 80، الذي وصفه الزعيم الخالد وهو يقدمه للوزراء للتوقيع عليه ، لنوقع قانون اعدامنا ، وفعلا تم اعدامه يوم 9 شباط عام 1963 الاسود ، وبمباركة امريكية ، حيث قالها صراحة علي صالح السعدي ، وهو امين سر القطر لحزب البعث ، جئنا بقطار امريكي ، ويقال اكمل الجملة حميد خلخال حين قال وبعجلات بربطانية .