23 ديسمبر، 2024 9:50 ص

شاهدت بالأمس فيلم ذيب الاردني (المرشح للاوسكار) وهذه هي انطباعاتي عنه

شاهدت بالأمس فيلم ذيب الاردني (المرشح للاوسكار) وهذه هي انطباعاتي عنه

“ويسترن بدوي لافت وواقعية فولوكلورية ومشاهد آخاذة”! الفيلم رائع، ويتضمن مشاهد آخاذة للصحراء الاردنية ووادي رم…وقد تأثر المخرج كثيرا بسيرجو ليوني بتحفته الخالدة “من اجل حفنة دولارات” وخاصة بالمشاهد البرية والنار الموقدة…والتصوير المقرب للذباب الذي يغطي الجثث ولا يعفي الأحياء والخبز الجاف ويكاد رن عربي صحراوي” فريد بموسيقى معبرة، كذلك أبدع المخرج (ناجي ابونوار) يصبح “ويستبتصوير لقطات معبرة قريبة ونادرة للابل والجمال بحالاتها وحركاتها المختلفة وطريقة أكلها، مصدرة الأصوات وكانها تؤدي دورا وتتماهى مع الأحداث والرجال… كما تأثر بوضوح بمنهجية بتحفته الخالدة “لورنس العرب”، واقتبس لقطات منها تقربهم من الانجليزي ديفد لين المميزة ومساعدتهم له بحمل المرآة أثناء الحلاقة، والتركيز المبالغ على جرأة الانجليزي عندما يعلمون بأنهم ذبحوا رجالهم وألقوهم ببئر الماء “الروماني”، والجمل المعبرةالتي تنساب بتلقائية نجليزي قبل مقتله في كمين مدبر: أتعرفون مامعنى دولة…وأنتم لا تفهمون وعصبية من فم الامعنى “المهمات”…انها امور تقاتل من اجلها الشعوب! هكذا يستدرك هذا الانجليزي معاني الوطنية والشجاعة وانجاز المهمات التي لا يحفل بها البدو في ذلك الزمان (العقد الثاني من ث تركز همومهم على الجمال والكلأ والمراعي وأبار المياه والغزو المتبادل القرن العشرين)، حيوارواء العطش الصحراوي القاتل ولا شيء آخر، ويبدو وكأن هذا الانجليزي الغريب هو الذي يعلمهم الوطنية ضمن التنافس الاستعماري الضاري بين الأتراك والعثمانيين فبيل تفكك ن كان تمثيل الانجليزي (جاك فوكس) ضعيفا وغامضا مقارنة مع الأداء الامبرطورية الغثمانية! واالرائع للشخصيات الرئيسية (مرجي عودة، حسين سلامة وحسن مطلق)، باقي الكومبارس “البدو” كانوا بحاجة حقا لتدريب أكثر، أبدع الفتى ذيب باداء دوره وكان مقنعا وتفوق على اداء ء الشيخ الراحل”ابو محمود” المعروف بجرأته وشجاعته شقيقه المفترض حسين (وهما أبناحسب الرواية: “فالذيب لا يلد الا ذيبا”!)، كذلك تفوق قاطع الطريق البدوي بدوره الطويل بالجزء الأخير للشريط، وكذلك الممثل الذي أدى دور قائد الحامية التركية، يؤخذ على الفيلم بطء

وانغماسهالمفرط والمبالغ به بالتفاصيل مما احدث تشتتا الايقاع وضعف الانسياب بالسيناريو، بالتركيز وأضعف التشويق، وان كان تفوق بالمقابل بواقعية المشاهد الصحراوية واظهار قسوة الظروف، بحيث شعرنا وكأنا أصبحنا جزءا من الأحداث، وادخلنا لحياة البدو والصحراء وتقاليد وباسلوب واقعي جذاب… كما ان العنف كان ضمن اكرام الضيف والذيبحة وأكل المنسف، السياق وليس مجانيا وبلا حذلقات ومؤثرات، فحتى أثناء هجوم قطاع الطرق عليهم، لم تسد رغبةالقتل المجاني العابث كما نشاهدعادة بأفلام الويسترن، فالكابوي البدوي لا يقتل الا خيرة بالفيلم كانت رائعة وفكت ألغاز لهدف: سلموا تسلموا، فنحن نريد ابلكما! المشاهد الأالقصة بايجاز سينمائي بليغ، فبعد ان ينجو ذيب من القتل ويخرج بحذر من بئر الماء الذي اختبأ داخله (كما نصحه اخوه قبل مقتله: اذا حدث لي شيء، عزز نفسك قرب الماء!)، نراه يهيم ة مدهشة، ليتبين أنه أخر على وجهه حتى يلقى فارسا ملقيا على حصان بلقطة سينمائيالناجين من العصابة التي هاجمتهم، ويخاف أن يقتله، فيما يتمكن قاطع الطريق من اخذ المسدس، ويحذره “لأنك أرنب مالك حيلة، سأترك الوحوش لتأكلك”…ثم يلاطفه قائلا لا برية تخوني، ويطلب منه “الاخوة” وأن يخرج الطلقة من ساقه وأن يطهر الجرح بنار “الشالحمراء”، ثم يغمى عليه كما بأفلام الويسترن، ويبدو انهما قد تصادقا بوحدة المصير وبؤس المعاناة، فنراه يشرح لذيب لاحقا مغزى سكة الحديد ويسميها: درب حمار…وعندما يواجه بثوار عرب ويسألونه ان شاهد الانجليزي، يسألهم باستهبال: ما هو الانجليزي! وينصحونه بتجنبسكة الحديد “لأن الليلة عندنا سالفة مع العثمانيين”! كما يتحدث لذيب “الذي لم يشاهد البحر يوما” عن خبراته بالسفر والترحال (كدليل حجاج سابق): أنا رأيت اثنين البحر الأحمر وبحر فلسطين، كما رحت للقدس والشام ويغداد والمدينة المنورة…ثم يندب الحظ والقدر والظروف: هم أوقفونا …فقد كنا ندل الحجاج، ثم جاء القطار الحديدي، فأصبحنا بغمامة سوداء ، بلا رزق ولا تجارة، ولا أخ يرزق اخوه! وكأنه يبرر تحوله “لقاطع طريق” كوسيلة للرزق والحياة…ويتذكر ث ذيب بمرارة مقولة شقيقه المقتول: القوي بياكل الضعيف…وبالمشاهد الأخيرة نرى الجثملقاة حول سكة الحديد وبمدخل الحامية التركية، ونراه يدخل بثقة الحامية فيما يطلب من ذيب ان يبقى مع الجمل خارجا، ولكن الفتى العنيد الجرىء لا يرضخ فيدخل خلسة لنشاهد الملازم التركي ينهي حلاقته لذقنه، ثم يسمح لقاطع الطريق بعرض بضاعته التي تتمثل يوي من ساعة وولاعة وأهمها صندوق غامض كان ذيب يحاول دوما معرفة سره بمقتنيات الانجلبالرغم من حرص الانجليزي الشديد عليه، ليتبين أنه عبارة عن جهاز تفجير، وبعطي التركي النقود لقاطع الطريق، فيما يرفض ذيب قطعة نقدية…وفيما نسمع هدير القطار على لقاطع الطريق ويرديه قتيلا بمسدس الانجليزي الذي سكةالحديد يخرج “ذيب” حانقا متربصاصادره، وقد شد على نفسه برباطة جأش لا تناسب عمره، وفيما نشاهد الضابط وجنود الحامية يوجهون السلاح باتجاهه، نسمعه يبرر فعلته المفاجأة: “لقد قتل شقيقي حسين”، تحديدا تم اخراجها بنفس تشويقي فيدعه الملازم ليعود راكبا الجمل لدياره …هذه المشاهد متسارع وكأنها تعوض عن يطء الايقاع والتشتت المشهدي طوال احداث الفيلم. واكب الفيلم موسيقى تصويرية معبرة وذات دلالة وتحوي نفسا فولوكلوريا جذابا، كما يستهل الفيلم بأبيات والبحر يا ذيب، لا يخيب له من الشعر البدوي المعبر: …يغوص البحر الأحمر، فلا يلحق مداه،…!رجاه…كلهم ما يتعقبونك والمنايا حاصلة