صلصل يصلصل صلصلة فهو مصلصل.
ونقول: صلصل الجرس أي رنَّ . صوّت صوتا فيه ترجيع , وصلصل الرعد , وصلصلتِ الآلة النحاسية.
وصلصل فلان: هدد وتوعد.
وحمار مُصلصل: مصوّت.
من الأجدى أن نسمي المسلسلات التلفازية التي تفسد الأذواق وتخرب النفوس بالمًصلصلات , لأنها أصوات ناشزة مقرقة يتردد رجعها وكأن القدرات الفنية والإبداعية قد تصمّلت.
دم ودموع وقتل وحزن ويأس وتدمير للحياة , فلا تجد في ما تقدمه التلفزة سوى النديب والعويل والوجيع , فتتساءل أين الأفكار والكتاب والمبدعين , ولماذا تزدحم المسلسلات وخصوصا المصرية بالعنف والبطش والسلاح , ففي معظمها مسدسات وإطلاق نار وصراخ وإمتهان للذوق العام.
ومن النادر أن تجد ما هو ممتع ونافع ويحمل أملا ويبعث في النفوس روح الحياة والتواصل القويم اللازم لبناء النفس وتعمير الإرادة الجمعية.
تُرى هل أنها مقصودة لتعزيز العجز المُتعلم , ولترسيخ اليأس والتبعية والإستسلام , وإستلطاف العنف وسفك الدماء وإعتبارهما سلوكا عاديا في الحياة العامة؟
لا أستحضر تفسيرا مقنعا وتحليلا معقولا لما تقدمه محطات التلفزة العربية وخصوصا في شهر رمضان, الذي من المفروض أن تكون المواد ذات قيمة إيمانية وتعبيرية عن الأخلاق والقيم والسلوك الحميد , الذي يبني الحياة ويصنع النفوس الطيبة المتنعمة بالنفحات الرحمانية للشهر الكريم.
لكن الواقع التلفازي يعبر عن حالة سلبية باثولوجية ذات تأثيرات ضارة على نفوس المشاهدين وأفكارهم , وربما تضخهم بالسوء والبغضاء وتبني في أعماقهم عدوانية على الحياة وكراهية للبشر , وهذه نتائج خطيرة ذات تداعيات وخيمة وأليمة.
ويشذ عن ذلك بعض المسلسلات التأريخية , التي رغم ما فيها من بعض التحريفات والتشويهات إلا أنها تقدم مادة ذات قيمة ثقافية مناسبة ومتعة معرفية واضحة.
ويبدو أن هذه المسلسلات تُبنى على حالات شاذة ومنحرفة في المجتمع , وهي ليست السائدة فيه لكنها قد تتنامى بواسطة عرضها في مسلسلات تلفازية , فالواقع العربي يفتقر للتوثيق والإحصاء والتقدير العلمي الرصين , فلا يمتلك إحصائيات عن الظواهر والأحداث ولا يمكن فيه تقرير ما إذا كانت الحالة المتصدى لها في المسلسل شاذة أم شائعة , لكن الأغلب أنها من النادرات , لكنها تبلغ حالة الشيوع بتحويلها إلى مسلسل رجيم.
ليس في ما تقدم إعتداءً أو تجنيا على المسلسلات , ولكنه قراءة بمنظار نفسي وسلوكي لما يتم تقديمه في شهر رمضان الكريم , ويظهر وكأنه عدوان على المشاهدين , ومحاولة لإقناعهم بالمشين!!
فلماذا نتطلع لتحطيم الروح وتلويث النفس بمصلصلات عقيمة لا جدوى منها , إلا الدعوة لفعل السوء والإتيان بالشرور؟!