19 ديسمبر، 2024 4:28 ص

على شاشة الكمبيوتر صورة لجورج أمادو وتحتها ملاحظة عن كانكان العوام الذي مات مرتين ، ودروب الجوع وضعت بين قوسين ،على مقربة من أمادو صورة لغراب في عش بلبل ، وبينهما صورة لأصدقاء عندَ مقهى في أنطاليا ، في الزاوية القصية ملف عن بورخس تحت عنوان الإدراك القمعي لجوهر الحياة ،في هذه اللحظة تدق الساعة دقات قلب مكلوم مع ضوء لنيونٍ خافتٍ وقناني ماءٍ صغيرة موزعة بلا ترتيب بينهما علبة (بيادشور )ونزاع نفسي بين كرسيين فارغين ، إذن ماهو سبب هذا النزاع وأين هما المتنازعان ،وفي البعد الآخر ستارة وردية فوقها مفرغة هواء ، وحالة الطقس تُسمع عبر صوت تلفاز ، وهناك صوتٌ مسموعٌ يقول نامت الدجاجات تحت المبردة ، المبردة التي لم يمض عليها شهرٌ واحدٌ من أشهر الصيف الماضي نامت نوم محركها ، المذيعة مذيعة التلفاز لاأدري لمن تقول (الله يسلمك ويخليك ) ،مرة أخرى تظهر شاشة الكمبيوتر ؛ صورة أخرى لهناء الداغستاني ، وصورة لجامع المرادية الجامع الذي يقع مقابل وزارة الدفاع القديمة ، جامع

المرادية الذي بناه داود باشا سنة 1571 ميلادية وأعاد إعماره السلطان عبد الحميد الثاني عام 1898 ميلادية ،وعلى الشاشة ملف من أجل حرية كاملة ، إخترت البعض من الحرية الكاملة :

في آب .. . تضرَعَ الى رَبهِ منَ الصّيف

في كانون الثاني … تضرعَ الى رَبهِ من الشِّتاء

وفي أذار من الرَّبيع

وقطعاً تذرعَ في مايس من الخريف

في اليوم الأولِ من السَّنةِ الجديدةِ

حين رأى اللهَ في المنام

ولكي لا يُعيد تَضرعَهُ عليهِ

طمأنهُ الرَّبُ

أن هذه السّنة

ستكونُ خاليةً منَ الفصول ،

نسيت أن أذكرَ أن بين قناني المياه التي رصفت بشكل غير مرتب بينها (مملحة) تركت على حالها منذ عام كون جميع العائلة تعاني من إرتفاع ضغط الدم ، بما في ذلك وليدنا

الذي ولد قبل خمسة أعوام ، قرب الستارة الوردية مكنسة كهربائية وعربة صغيرة للتسوق تركت مهملة منذ ستة أشهر لأننا لم نتعود التسوق من خلالها وعلى السِّنك مجموعة من أطباق الطعام التي غُسلت تواً وبانت ملامح ماتحمل من نقوش ومن وجوه ومن خطوط تعبيرية ،

ومن بين مابقي من الملفات (كنت في مدريد ) :

ياسيدتي

سأعزف لك الكثير من أغاني الحب ،

وعليكِ أن تسمحي لجيبك

أن يخرج لي فرنكا واحداً قبل أن تقولي :

أغرب عن وجهي ،

وهناك صورة ، صورة على شاشة الكمبيوتر لهستيريا عمليات التجميل في طهران وتقرير يقول يعتبرها المتشددون خروجا عن تقاليد الدين ويعتبرها الآخرون توجها حضاريا ،ولازالت أبحث عن أسباب هذه الهستريا ،

لكن أين رحلت من شاشة الكمبيوتر صورة العائلة قبل التحميض ، ولماذا لم ينجل ذلك السواد ،بماذا أستنجد كي يكون كلُ شيء أبيضاً أمامي ،بشفرة الرائي أم بمن يقف على المنبر ، أم بالساعة ،الساعة التي كلما دقت وأستدارت أميالها رجع الوقت الى الوراء ، كل شيء على شاشة الكمبيوتر الصور والملفات وماتحمل من ذكريات

ووقائع بدأت تعود الى الوراء بخطى مبعثرة وبفرعيات متشتتة وكأن الحياة التي حفظناها على شاشة الكمبيوتر أصيبت بعاهة مستديمة ،وهو ما يستدعي أن أعود الى فراش النوم تاركا المطبخَ ملعبا لفارتين ولأفكاري التي رميتها فوق الثياب التي ستدور بها المغسلة ،

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات