23 ديسمبر، 2024 5:40 ص

شارع المتنبي من اصالة الثقافة الى زحمة المظاهر

شارع المتنبي من اصالة الثقافة الى زحمة المظاهر

يعد شارع المتنبي في وسط بغداد من اهم معالمها الثقافية فهو الاكثر شهرة على الصعيد الداخلي والخارجي وهو قبلة المثقفين واحباب الثقافة وطلاب الاكاديميات الباحثين عن مصادر تعينهم في دراستهم . ويرتاده في كل يوم جمعة وهو موعده الثابت مع زواره وزبائنه المئات من الاشخاص من مختلف التوجهات الثقافية والفكرية والانتماءات السياسية والدينية ومن مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية .
وشارع المتني الذي كان ومازال مقر بيع الكتب في بغداد تنوعت ادواره في السنوات القليلة الماضية بعد ان تم افتتاح معلمين ثقافيين مهمين هما حديقة القشلة والمركز الثقافي البغدادي للمواطنين واعتبارهما مكملين له حيث تمارس فيهما نشاطات ثقافية متنوعة من ندوات ومحاضرات ومعارض رسم وتجمعات غنائية وشعرية وحوارية . وشارع المتنبي ليس حكرا على احد او توجه معين او شريحة او فئة انما هو ساحة مفتوحة للجميع فهو يحتضن من يدعو الى الدين بجوار من ينتقد الاسلام ويدعو الى الالحاد ويتواجد فيه عدد من السياسيين غير الحكوميين يحضرون جلسات مع عامة الناس ويحاول الكثيرون اظهار براعتهم في معارضة الحكومة التي توفر كل السبل الممهدة لمعارضتها وانتقادها من خلال ادائها السيء جدا على كل الصعد وكذلك يلتقي فيه عدد ممن يبحثون عن فرصة للظهور في شاشات التلفزة عبر لقاءات عابرة مع الفضائيات الكثيرة التي تتجول في المتنبي لتغطية نشاطاته والبعض من هؤلاء يعتبرها فرصة ثمينه لعرض معاناته ومطالبه امام المسؤولين عسى ان يتفضل احدهم بسماعها والعمل لايجاد حل لها وهو حلم صعب التحقيق في العراق . ومن رواد شارع المتني من يفرحون باظهار انفسهم باشكال المثقفين ولباسهم كاطالة اللحية اوالسكسوكة (وهي اللحية في منطقة الذقن ) او اطالة الشعر او لبس القيعة . ومن مظاهر الحرية في شارع المتني هو ما يعقد في حديقة القشلة من تجمعات ثقافية القليل منها الجاد الذي يتناول الشان العراقي ويبحث في مشاكل المجتمع والوطن بينما الكثير الاخر منها يتوزع ما بين حلقات التبشير الالحادي ونقد الاسلام ومحاولة نشر ثقافة التشكيك ودفع الشباب للارتداد عن الاسلام وتجمعات اخرى غنائية موسيقية واخرى للالقاء الشعري الذي يتضمن اغلبه نقد الواقع بطريقة ساخرة وهنالك اخرون يجاهرون بكل صراحة وحرية بانهم يمارسون انسانيتهم باحلى اشكالها على قلبوهم وهي شرب البيرة والعرق وتنتشي صدورهم بربطهم بين البطل (قنينة المشروبات الكحولية) والمثقف بعلاقة خاصة ويضربون المواعيد لاحياء جلسات الخمر في شارع ابي نواس وهؤلاء وغيرهم يدعون الى نشر ممارسات الرقص العلني التي تجمع الشباب والشابات وفي الاماكن العامة مثلما حصل في منطقة الجادرية  وفي حدائق ابي نواس.
ومع كل ماذكرناه اضافة الى ان رواد المتني بالمئات في كل يوم حمعة الا ان المشهد الثقافي الرصين ضئيل ومنعدم التاثير فالندوات الثقافية لايحضرها الا القليلون وهم من اصحاب الاختصاص وعلاقات الصداقة مع المعنيين بها والجلسات الحوارية في القشلة التي تتناول الشان العراقي فكرا وواقعا قليلة الانعقاد وقليلة الحضور ايضا وتحتاج الى تطوير وتفعيل اكثر مما هو الان وكذلك يفتقد المتنبي الى حوارايات ثقافية جادة وبمواضيع متميزة تستقطب رواده كما يفتقد الى نشاطات جديدة غير تقليدية تبعث الثقافة فيه .
ونقترح على اصحاب النشاطات في شارع المتنبي واهل المكتبات و منظمات المجتمع المدني الثقافية ان يقيموا حلقات تحت عنوان (حوار الجمعة) يتناول مواضيع متعددة ثقافية وسياسية وقانونية واجتماعية تخص المجتمع العراقي واقامة حوارية (كتاب الجمعة) لمناقشة الكتب المهمة او الجديدة والتي تتناول مواضيع ثقافية متنوعة .
ويعيب بعض الكتاب على مثقفي المتنبي بانهم بعيدون عن ملامسة الواقع  العراقي وعن حاجات المواطنين وانهم يضعون انفسهم في ابراج عاجية تعزلهم عن عامة الناس.
ومع كل ماتقدم يبقى شارع المتنبي بتفرعاته وملحقاته رمزا ثقافيا عراقيا كبيرا ولكن هذا لايمنع ان نامل ان تتشكل فيه حركات ثقافية او تقام فيه نشاطات تكسر الجمود الذي يعاني منه .